كثيرة هي التصريحات والتحركات الإسرائيلية التي تنم عن رغبة تل أبيب في مواجهة النفوذ الإيراني في عموم سوريا، غير أن منطقة الجنوب على وجه التحديد ينظر إليه بطابع مختلف ليس فقط من قبل الإسرائيليين وإنما حتى من الدول الإقليمية التي تعارض مشروع السيطرة الإيرانية على الجنوب كونه قد يكون بوابة الإيرانيين نحو دول الخليج أو حتى أيضا إسرائيل.

الأخيرة على ما يبدو أنها قد تتجه لتفعيل وسائل جديدة لمواجهة النفوذ الإيراني في الجنوب، ولعل أبرزها وأحدثها هو استخدام الطيران المسير لاستهداف قيادات وعناصر تتبع للنفوذ الإيراني، فيوم أمس الأربعاء، استهدف طيران إسرائيلي مسير القيادي في “حزب البعث” السوري والمقرب من ميليشيا “حزب الله” اللبناني المدعوم من “الحرس الثوري” الإيراني، فريد فؤاد مصطفى، ما أدى إلى مقتله على الفور غربي محافظة القنيطرة.

كيف قتل فريد مصطفى؟

في تعليقها على خبر مقتل فريد مصطفى، الوكالة السورية الرسمية للأنباء “سانا” قالت إن “مواطنا من سكان بلدة حضر بريف القنيطرة قُتل مساء أمس، الأربعاء، 6 من تموز/يوليو، إثر عدوان إسرائيلي بصاروخ على منطقة المرج غرب البلدة” الواقعة شمال غربي محافظة القنيطرة.

في حين أفادت مصادر محلية لـ”الحل نت” بأن مصطفى يعمل لصالح “حزب الله” اللبناني، ويعتبر من البيادق الرئيسية التابعة للنفوذ الإيراني في محافظة القنيطرة، مشيرة إلى أن الاستهداف جرى في منطقة “مقلع هادي” غربي بلدة حضر.

من جهته، التلفزيون الإسرائيلي الرسمي، ذكر مساء أمس الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي اغتال جنديا سوريا في هجوم نفذه بواسطة مسيرة هجومية في هضبة الجولان، لافتا إلى أن الجندي لم يُقتل في الهجوم بالصدفة، بل استُهدف لتخطيطه لتنفيذ عملية ضد إسرائيل انطلاقا من الجولان، مبينا استهداف إسرائيل المستمر بعمليات الاغتيال لمن يشكلون البنية التنظيمية التابعة لـ”حزب الله” في القنيطرة.

قيادي سابق في المعارضة السورية في القنيطرة، والذي فضل عدم الكشف عن هويته، أوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن فؤاد مصطفى عمل في البداية ضمن اللجان الشعبية في مدينة خان أرنبة في القنيطرة، ثم انتقل إلى محيط بلدة حضر، حيث أصبح عضو الفرقة الحزبية للبلدة، وانتمى في نفس الوقت لمجموعة باسل حسون، في حضر، والتي تتبع بشكل مباشر لـ”حزب الله” اللبناني.

إقرأ:الاغتيالات وسيلة مناسبة لتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري؟

المسيرات أسلوب جديد؟

إسرائيل ومن خلال استراتيجيتها في استهداف الميليشيات الإيرانية، تحاول استخدام كل إمكاناتها العسكرية والاستخباراتية من أجل مواجهة تمدد هذه الميليشيات.

الصحفي السوري، حسام البرم، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن السياسة الإسرائيلية تجاه خصومها معروفة، وتعمد دائما لاستهداف قادة وعناصر خصومها الفاعلين، بعد أن تقوم بإجراء دراسات دقيقة وممنهجة حولهم من أجل كشف مجموعاتهم وقياداتهم المفصلية القادرة على اتخاذ القرارات والتحرك.

وفي استهدافها للقيادي في القنيطرة اتبعت نفس الأسلوب، ولكن هذه المرة بطريقة دقيقة عبر الطائرات المسيرة، بعد أن كانت تلجأ سابقا للطائرات الحربية، أو القصف المدفعي والصاروخي، ومن المؤكد أنها سوف تستمر بنفس النهج ما دام هناك تواجد لإيران وميليشياتها في الجنوب، بحسب البرم.

القيادي السابق في المعارضة، بيّن أن المسيرات الإسرائيلية دائما تقوم بالتحليق في الجنوب السوري، وخاصة في أجواء القنيطرة، وبعض الطائرات للاستطلاع، وبعضها تكون محملة بالذخيرة من أجل اصطياد أي هدف تريده إسرائيل.

وأضاف، أن طبيعة المنطقة وقربها من الشريط الحدودي، تعطي الأفضلية لاستخدام هذه الطائرات للرصد والاستهداف، فهي قادرة على التحرك بسرعة أكبر وسهولة أكثر من الطائرات الحربية أو المدفعية، كما أكد أن إسرائيل تعتمد أسلوب التصفية “تباعا” لكل القادة والعناصر التابعين للميليشيات الإيرانية، وهذه العمليات تتم منذ العام 2018، أي بعد عملية التسوية في الجنوب.

وبحسب معلومات خاصة لـ”الحل نت”، فهذه العملية بالطائرات المسيرة هي العملية الثالثة في القنيطرة ضد عناصر تابعين لحزب الله اللبناني، فبتاريخ 3 آب/أغسطس 2020، قامت طائرة إسرائيلية مسيرة باستهداف مجموعة تابعة لحزب الله حاولت زراعة عبوات ناسفة قرب الشريط الحدودي، وقتل إثر العملية ثلاثة من المجموعة، وهم فيصل السيد، رئيس المكتب الفني في محافظة القنيطرة، وأمين الفرقة الحزبية في قرية عين القاضي، بالإضافة إلى كل من الشقيقين أحمد النجدي، وخالد النجدي.

وأيضا في شهر أيار/مايو الماضي، قامت طائرة إسرائيلية مسيرة باستهداف أحد أتباع حزب الله في بلدة عين التينة في القنيطرة، ويدعى تحرير محمود، ما أدى لمقتله.

قد يهمك:معركة خازمة في السويداء: هل ستسيطر إيران على الجنوب السوري بعد مقتل سامر الحكيم؟

تمدد إيراني كبير في القنيطرة

بشكل لا يقل عن درعا، تقوم الميليشيات الإيرانية وبوسائل مختلفة بالتغلغل في القنيطرة، ولكنه تغلغل سلس بحسب القيادي السابق في المعارضة، والذي بين لـ”الحل نت”، أنه بالإضافة للتواجد العسكري للميليشيات، تتجه الأخيرة للعمل بمشاريع “خيرية” تستغل الحالة الاقتصادية للأهالي، من خلال جمعيات مثل جمعية “النور”، وجمعية “المبرات الخيرية”.

وأضاف، أن هناك أسلوبا جديدا تتبعه الميليشيات وهو المشاريع السياحية في القنيطرة، ففي مطلع الشهر الفائت تم افتتاح مطعم ومنتزه “جولان” بالقرب من سد رويحينة، ومشاريع سياحية أخرى في بلدة جبا بريف القنيطرة.

معلومات خاصة لـ”الحل نت”، تحدثت عن العديد من المجموعات التابعة للميليشيات الإيرانية في القنيطرة، أبرزها، فوج الجولان، وهو أهم فصيل تابع لحزب الله في القنيطرة، وهو الأكثر دعما من الحزب وإيران، ويزيد عدد عناصره عن 200 عنصر، بقيادة خضر حليحل القيادي السابق في المعارضة وكان يقود ما يعرف بلواء السبطين، والذي تم اعتقاله بعد عملية التسوية لمدة شهر، وخرج من السجن بعد تجنيده لصالح “حزب الله”.

وأيضا، مجموعة باسل حسون في بلدة حضر، والتي ينتمي إليها فؤاد مصطفى الذي قُتل يوم أمس من قبل إسرائيل، ومجموعة أحمد طه في بلدة الحرية، ومجموعة معاذ فيصل في الحميدية، وتتبع هذه المجموعات، لمجموعة أحمد كبول، ومقرها في بلدة خان أرنبة، بالإضافة إلى مجموعة المدعو ياسين الخبي والتي تعتبر مسؤولة عن حماية الجمعيات “الخيرية” التابعة للميليشيات وكانت مكلفة بحماية جمعية “البستان” سابقا.

وأيضا حصل “الحل نت” على قائمة مسربة من فرع الأمن العسكري بدرعا، وتضم مجموعات تابعة لحزب الله، تم تشكيلها من قبل القيادي في “حزب الله” اللبناني “الحاج ولاء”، وهو القيادي الأهم للحزب في الجنوب.

إقرأ:لتعزيز سيطرتها.. إيران تغرق الجنوب السوري بالمخدرات بتسهيلات من دمشق

مستقبل التصعيد في الجنوب

حسام البرم، اعتبر بأن التصعيد الإسرائيلي ضد الميليشيات في الجنوب سيستمر في المستقبل، ومن الممكن أن يتوسع إطار تصفية لقادة وعناصر المجموعات المرتبطة بالميليشيات الإيرانية، أما بالنسبة للتوسع من حيث الطريقة وأسلوب الاستهداف فذلك يعتمد على ردة فعل إيران وميليشياتها، والتي لم تقم بالتصعيد ضد إسرائيل حتى الآن.

وأوضح البرم، أن الاستهداف الذي تقوم به إسرائيل في القنيطرة بشكل خاص هو نشاط استخباراتي، مبني على استهداف القيادات التابعة للميليشيات من جهة، واختراق المجموعات التابعة للميليشيات من جهة أخرى لمعرف بنيتها وتمويلها وآليات عملها وأهدافها.

ومن جهته، أشار القيادي السابق، أن عمليات الرصد من قبل الطائرات المسيرة مستمرة منذ عدة أشهر، ولن تتوقف خلال المرحلة القادمة.

ساحة مواجهة بدأت تتكشف بشكل علني أكثر، بعد أن كانت العمليات تتم فيها ضد الميليشيات بشكل سري، وأحيانا دون الإعلان عنها، وهذا ما يفسر إعلان التلفزيون الإسرائيلي أمس عن العملية، فيما يبدو أن هناك عملية بدأت ضد قائمة طويلة من أتباع الميليشيات الإيرانية كانت إسرائيل قد أعلنت عنها في الآونة الأخيرة بحسب معلومات لـ”الحل نت”.

“قائمة مسربة لأسماء قادة مجوعات تابعة لحزب الله اللبناني”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة