قبيل زيارته للمنطقة، حدد الرئيس الأميركي جوبا يدن الخطوط العريضة لأهداف الزيارة، ومحددا دورا جديدا لبلاده في المنطقة، ومتحدثا عن رغبته بشرق أوسط أكثر أمنا واستقرار، ومتعهدا بدعم الاتجاهات الواعدة بدعم الاستقرار في المنطقة، وسعي بلاده لتعميق التعاون بين بعض الدول العربية وإسرائيل، ووضع علاقات بلاده مع السعودية في مسارها الصحيح، كما أشار إلى تفكيك ملفات المنطقة المتشابكة في اليمن وسوريا ولبنان.
كما تحدث بايدن في مقاله في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، حول أهداف اقتصادية تتمثل بالنفط والطاقة للتخفيف من آثار الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكن واستباقا للزيارة صرح رئيس الوزارء الإسرائيلي أن تل أبيب تمتلك حرية العمل السياسي والعسكري في مواجهة المشروع النووي الإيراني، بعد تصريحات بايدن حول زيادة الضغوط على طهران للامتثال للاتفاق النووي، ومن جهتها قالت الخارجية الإيرانية، أن المشروع الأميركي لدمج الدفاع الجوي الإسرائيلي مع دول عربية هو مشروع استفزازي ويشكل تهديدا لأمن إيران القومي والإقليمي.

دور جديد لدعم الاستقرار؟

في مقالته بصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الهدف الرئيسي لزياته هو أنه سيكون هناك دور جديد للولايات المتحدة في المنطقة.

الكاتب السياسي، طارق وهبي، بين خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه لا يوجد للولايات المتحدة دور جديد، إنما هناك تجديد بطريقة تنفيذ السياسات المتبعة في المنطقة وفقا للمصالح الأميركية في المنطقة، وذلك يخلق اتجاها جديدا بطريقة التعاطي في بعض الملفات على أساس أن اللاعبين الجدد يجب توجيههم وفق هذه المصالح.

وأضاف وهبي، أن المنطقة بحاجة أولا لاستقرار سلمي، والذي يلعب بهذا الاستقرار هو إيران من دون أي شك، وبايدن سيبحث أولا كيفية كبح الطموحات الايرانية التي تعمل على زعزعة دول المنطقة تحت شعارات طائفية، بالإضافة للتركيز على مبادىء حقوق الانسان في المنطقة.

كما أن أميركا لا تستطيع التخلي عن إسرائيل بهذه البساطة وخصوصا بكل ما تقوم به إسرائيل من ممارسات مخالفة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، وهذان الموضوعان يتلازمان مع كل التقدم الديمقراطي في المنطقة رغم أزماتها.

فالسعودية التي تملك أكبر اقتصاد في الشرق الاوسط، بحاجة للتقنيات الحديثة والغرب بحاجة لنفطها، وهي ايضا تحتاج إلى التسلح الذكي والبنّاء وخصوصا أن المملكة شهدت عدة هجمات صاروخية من قبل الحوثيين ولم يستطع نظام الرد السعودي أن يكون فعالا، بحسب وهبي.

إقرأ:إيران تزيد تخصيب اليورانيوم.. إعلان لوفاة الملف النووي؟

إيران وملفها النووي في عين الزيارة

رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، صرح اليوم، وقبيل وصول بايدن إلى تل أبيب يوم غد الثلاثاء، بأن تل أبيب تمتلك حرية العمل السياسي والعسكري في مواجهة المشروع النووي الإيراني، بعد تصريحات بايدن حول زيادة الضغوط على طهران للامتثال للاتفاق النووي، وذلك ما يرى فيه بعض المراقبين أنه ينطوي على بعض الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الملف.

طارق وهبي، يرى أنه لا يوجد خلاف بالمضمون بين الطرفين، ولكن بالشكل أي أن تعمل إيران للوصول إلى القنبلة النووية وهذا هو الخط الأحمر لإسرائيل، لذلك تضغط إسرائيل على أميركا لكي لا تعود إلى الإتفاق النووي إلا بشرط الشفافية التامة في مراقبة الأنشطة الإيرانية في المجال النووي، وبالإضافة لذلك هناك ضوء أخضر أميركي لإسرائيل لضرب القاعدة العلمية والبشرية في المشروع النووي الإيراني.

من جهته، المحلل السياسي الإيراني، عدنان زماني، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية حول الإتفاق النووي معروف للجميع وقد انتقدت إسرائيل أكثر من مرة هذا الاتفاق الذي أبرمه الديمقراطيون مع إيران، وتحذر من العودة إليه لكن بالمجمل فإن الخطوات التي ستقدم عليها إسرائيل لمواجهة إيران في حال تم الإتفاق مرة أخرى أو لم يتم لن تكون إلا بتنسيق أميركي وضوء أخضر من واشنطن.

وحول مستقبل الملف الإيراني، أوضح زماني، أن زيارة بايدن إلى المنطقة، تمثل مرحلة هامة في التعامل مع إيران حيث ستتوحد الجبهة الدولية مع الجبهة الإقليمية لممارسة الضغوط على طهران، وكثير من الخبراء والمراقبين الإيرانيين أدركوا حساسية المرحلة، لهذا فهم يوصون حكومة بلادهم بإيجاد حل سريع لملفها النووي قبل مجيء بايدن حيث ستتعقد الأمور أكثر بالنسبة لإيران ويصبح موقفها أضعف مما هي عليه الآن.

وبين زماني، أنه تم تجاوز الاتفاق النووي بشكله السابق منذ أمد طويل، وبات الحديث الآن عن اتفاق آخر يختلف تماما ” في المضمون على الأقل”، عن الاتفاق السابق حيث تريد واشنطن أن تبرم اتفاقا يقيد قدرات إيران العسكرية، ويحد من نشاطها النووي والإقليمي، وفي المقابل تطمح إيران في أن تجبر خطواتُها التصعيدية عبر رفع نسبة التخصيب بين الفينة والأخرى الأطراف الغربية على تقديم امتيازات لإيران لاسيما على الصعيد الاقتصادي وتخفيف حدة العقوبات، وبالتالي فإن الاتفاق النووي إن تم إحياؤه مستقبلا لن يكون بالشكل الذي حصل عام 2015.

من جهة ثانية، قالت الخارجية الإيرانية، مساء أمس، أن المشروع الأميركي لدمج الدفاع الجوي الإسرائيلي مع دول عربية هو مشروع استفزازي ويشكل تهديدا لأمن إيران القومي والإقليمي.

وحول هذا المشروع، يرى عدنان زماني، أنه من الطبيعي أن ترفض إيران تشكيل تحالف عسكري بين الدول العربية وإسرائيل لأن ذلك يعد خطرا وجوديا عليها، إذ لا خصم مفترض لهذا التحالف إلا إيران، كما أن التحالف يسمح لإسرائيل بالاقتراب أكثر فأكثر من جغرافيا إيران وحدودها البحرية.

أما طارق وهبي، يرى أن كل حديث بضم إسرائيل إلى تعاون عسكري يفتح باب السيادة العسكرية للدول العربية والتطبيع السياسي والاقتصادي، مضيفا أن الهدف من هذا المشروع هو إنشاء قوات “هادفة”، تستكيع التحرك لمواجهة أي أزمة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يؤكد محورية الدور الذي ستلعبه إسرائيل.

وأوضح وهبي، أن الدول المشاركة سوف تستفيد من بعض نتائج هذا المشروع، ولكن هناك خطر يتثمل في انكشاف قواتها العسكرية بالنسبة لإسرائيل، مبينا أن الخطر الأكبر لهذا المشروع سيكون موجها ضد إيران، ولكن الأخيرة ستظل تستعمل أذرعها لتفجير السلم الأهلي في المنطقة من الداخل باستخدامها للشعارات الطائفية التي اعتادت توظيفها.

قد يهمك:إيران تنافس روسيا في الملف السياسي السوري.. ما الذي يحصل؟

الملف السوري وزيارة بايدن

الرئيس بايدن، أشار في مقالته إلى أنه يريد تحقيق تقدم، في المنطقة التي ما زالت ملئية بالتحديات، بحسب وصفه، ومن بينها الوضع غير المستقر في سوريا وليبيا والعراق ولبنان.

وسبقت زيارة بايدن مؤخرا، تحركات عربية عديدة، تناولت الملف السوري، خاصة من قبل الأردن، الذي أعلن مرارا على لسان مسؤوليه عن التهديدات الإيرانية على الحدود السورية الجنوبية، بالإضافة للجولة التي قام بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال الشهر الماضي والتي تطرقت للملف السوري، ووجوب إيجاد حل له وفق القرارات الدولية.

وبحسب طارق وهبي، فإن الملف السوري هو نقطة التقاء في الصراع مع روسيا، والحوار المفتوح مع تركيا لتسليمها بعض المهام شرق المتوسط، وحتى اللحظة الادارة الاميركية لم تتصرف بحزم حول استمرارية الحكومة السورية الحالية، وهي لم تعد تبحث عن بديل لها، ولأنها بمرحلة تركت روسيا تلعب بهذا المسار، فهي الآن تريد استعادة دورها في هذا الملف وغيره.

ومع كل هذ التعقيد فمن غير الواضح أنه سيتم فتح المجال لمؤتمر حول مستقبل سوريا، علما أن كلفة اللجوء السوري في دول الجوار بدأ ينهك الدول التي تموله ويزعزع دول اللجوء، وأهمه ما يحصل في لبنان، والأردن وتركيا، أما الثابت الأهم هو العمل مع كل الأطراف على الإنتهاء من ملف داعش في هذه المنطقة.

إقرأ:إيران تهدد وإسرائيل تستعد.. عقيد في “الحرس الثوري” أشعل الفتيل

زيارة تنتظرها المنطقة بكاملها، إذ أن هناك العديد من الملفات العالقة والشائكة، فالتمدد والتهديدات الإيرانية بلغت ذروتها، بالتزامن مع جمود الملف النووي وعودة إيران لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى ملفات أخرى كالملف السوري واليمني، وبحث ملف الطاقة الذي بات مؤرقا للجميع بعد طول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا، ويرى مراقبون أن ما بعد هذه الزيارة ليس كما قبلها، مشيرين إلى أن تغيرات عديدة ستشهدها المنطقة التي باتت بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة