مواقف متكررة تعلن عنها الأردن إزاء الأوضاع في سوريا، لا سيما في الجنوب السوري وما يتعلق بالنفوذ الإيراني هناك وما يتهدد أمن الأردن بشكل كبير، وقد يكون التراجع الروسي في الجنوب السوري عاملا مساعدا لتزايد النفوذ الإيراني خلال الآونة الأخيرة في الجنوب، لكن ذلك قد لا يعني بالضرورة تغيّر الرؤية الأردنية تجاه الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة والمهدد لأمن الأردن.

كما كانت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، حول طبيعة العلاقة التي تنظر فيها الأردن إلى إيران وكيفية احتواء النفوذ الإيراني السلبي، معبرة عن الدور الذي يمكن أن تلعبه عمّان حيال أزمة النفوذ الإيراني في الجنوب السوري.

عملية احتواء؟

قبيل انعقاد القمة الإقليمية في جدة السعودية، صرح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي أن “استقرار الجنوب السوري هو مصلحة وطنية” لبلاده، وأن عمّان “تريد علاقة صحية مع إيران”، ومشيرا في الوقت نفسه إلى وجود حالة غير صحية على الحدود مع سوريا، وعمليات تهريب ممنهجة للمخدرات، ولذلك هنالك حاجة إلى مقاربات تثبّت الأمن والاستقرار في الجنوب السوري.

ومن جهة ثانية، وخلال كلمته في القمة، أشار الملك الأردني، عبدالله الثاني، إلى الخطر الإيراني جنوب سوريا، قائلا “نواجه المخاطر الأمنية المتجددة على حدودنا، في مكافحة عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، التي باتت خطرا كبيرا يداهم المنطقة بأكملها” ومشيرا إلى وجوب دعم دولي لجهود الأردن في هذا الإطار بقوله إن “تلك مسؤوليات نتحملها بالنيابة عن المجتمع الدولي”.

الصحفي الأردني، إياد خليفة، رئيس تحرير موقع “البوابة”، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه في المرحلة الحالية لا بد أن يعمل الأردن على احتواء الخطر الإيراني القادم من الجنوب السوري، فهناك تهديد حقيقي للاستقرار الأردني، ولكن في الوقت الحالي لا يمكن أن يخوض الأردن مواجهة عسكرية شاملة ومباشرة، حيث يعمل الأردن وفق أولوية سياسية للتخلص من هذا التهديد، ومن جهة ثانية يستمر بالعمل وفق قواعد الاشتباك على الحدود كما كانت خلال الفترة الماضية ضد الجماعات التي تعمل بالتهريب والتي تتبع لإيران.

ويضيف خليفة، أن الأردن بحاجة لدعم كبير لمواجهة النفوذ والخطر الإيراني في الجنوب السوري، مبينا أنه سيتم تقديم دعم كبير خلال المرحلة القادمة من السعودية ودول الخليج والولايات المتحدة، بالإضافة إلى المشاورات مع إسرائيل للتصدي لهذا النفوذ وبرعاية أميركية.

إقرأ:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟

ما هو الدور الأردني القادم؟

وزير الإعلام الأردني السابق، محمد المومني، أوضح خلال تصريحات صحفية، يوم أمس الأحد، أنه من المتوقع أن يكون هناك المزيد من “الإشتباك” الأميركي في المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة، لن تجد غير الأردن للقيام بهذا الإشتباك، سواء على الصعيد السياسي أو الدبلوماسي أو العسكري، مشيرا إلى الدور المحوري الذي سيلعبه الأردن في المرحلة القادمة في المنطقة.

وفي هذا السياق أشار خليفة، إلى أنه سيكون هناك محاولة أردنية لحل ملف جنوب سوريا بشكل دبلوماسي، ولكن في حال لم يتم التوصل إلى حل إيجابي، فمن المؤكد أنه سيلجأ لاستخدام الخيار العسكري مستعينا بحلفائه من دول الخليج العربي والسعودية بشكل أساسي، ومن الموجودين أصلا من أميركان وفرنسيين وغيرهم في قاعدة “الأزرق الجوية” في الأردن.

وبيّن خليفة، أنه في هذه الحالة من الممكن أن تشن هذه القوات غارات جوية تستهدف مواقع الميليشيات الإيرانية في جنوب سوريا، ومقراتها وستكون بالتالي حربا شاملة حتى تطهير الجنوب السوري منها.

ولفت خليفة، إلى كلام الرئيس الأميركي، جو بايدن، في القمة الإقليمية بجدة والذي تعهد من خلاله بدعم حلفائه، وأن الولايات المتحدة لن تغادر المنطقة ولن تترك فراغا لروسيا وإيران والصين فيها.

وكان الملك الأردني، كشف في نهاية حزيران/يونيو الماضي، أن “الميليشيات الشيعية في سوريا زادت عمليات تهريب السلاح والمخدرات”، بالتزامن مع تراجع دور روسيا في سوريا على خلفية الأزمة الأوكرانية، كما حذر من تصعيد المشاكل على الحدود السورية الأردنية، بسبب زيادة النفوذ الإيراني.

قد يهمك:الاغتيالات وسيلة مناسبة لتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري؟

من الواضح أن الأردن حاليا كمن يمسك العصا من المنتصف، بالنسبة للأوضاع في جنوب سوريا، كما أنه يتعامل بحسب مراقبين وفق مبدأ العصا والجزرة مع التواجد الإيراني في الجنوب السوري، إذ ترك الباب مفتوحا لإيجاد حل دبلوماسي ينهي هذا التواجد الذي يهدد استقراره، وفي الوقت نفسه يتجهز بدعم من حلفائه لخيار المواجهة بمختلف أشكالها وعلى رأسها المواجهة العسكرية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.