لم يتبدل الواقع الاقتصادي المعيشي بسوريا، بعد تداول الفئة الجديدة من العملة السورية، بل خسرت الليرة السورية الكثير من قيمتها مقابل الدولار، فخلال الأسبوع الجاري، سجلت أدنى سعر منذ نصف عام، نحو 4040 ليرة للدولار الواحد، ما أثار عاصفة من التوقعات حول طرح فئة الـ 10 آلاف وطرح العملة الرقمية.

لم يحن الوقت

العملات المشفرة، جذبت في الآونة الأخيرة انتباه العديد من مواطني الدول النامية ومن بينها سوريا، حيث تعد البلدان النامية من أكبر مستخدمي العملات المشفرة نظرا لشعبيتها في سوق التحويلات.

وحول موضوع طرح عملة رقمية في سوريا، قال رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية، الدكتور عابد فضلية، اليوم الثلاثاء، إن البنك المركزي يعمل على دراسة ومشروع لطرح العملة الرقمية في سوريا، لكنه لم يحدد الوقت بعد، بسبب حاجة المجتمعات المحلية لتطوير البنية التحتية اللازمة للتعامل مع التكنولوجيا وهذه القضايا.

وأكد فضيلة، في حديث لموقع “أثر برس” المحلي، أن إعادة الاقتصاد إلى مستويات ما قبل 2011، تستغرق وقتا وليست مهمة بسيطة، ولكن عندما تتوصل كل الأطراف إلى اتفاق سياسي ورفع الحصار والعقوبات، فإن الأمور سوف تصبح بلا أدنى شك أفضل في الإجمال.

الجدير ذكره، وفي تقرير دولي أظهرت أرقام عدد مستخدمي العملات الرقمية بحسب بلدان الولوج، أن 177 ألف شخص من سوريا يملكون ويتداولون في سوق العملات المشفرة، متجاوزين بذلك دول عديدة، منها النمسا والإمارات.

ووفقا لحديث سابق لـ”الحل نت”، قال الخبير الرقمي، محمد أبازيد، أن التحول نحو العملات الرقمية، في المناطق التي لا تخضع لسيطرة دمشق، هو لثلاثة أسباب، الأول وبسبب الإجراءات المعقدة لشركات الصرافة العالمية على تحويلات السوريين، وندرة وجود فروع لشركات التحويل المالية التقليدية في مناطق شمال سوريا، فضلا عن افتقار العديد من الأهالي في هذه المناطق للأوراق الرسمية، لجأ المواطنون إلى العملات الرقمية لسهولة وسرعة وصولها إلى مناطق مثل إدلب.

طرح فئة الـ 10 آلاف

مع ازدياد حجم التضخم الاقتصادي في سوريا، وارتفاع الأسعار غير المسبوق، وتدني مستوى القدرة الشرائية لدى السوريين، تبرز العديد من الآراء الاقتصادية التي تطالب بطرح فئة نقدية جديدة، لكبح هذا التضخم، خاصة مع وجود تجربة سابقة بطرح فئة الـ5 آلاف ليرة، والآن يعاد الطرح والتساؤل بشكل جدي حول طباعة عملة ورقية جديدة من فئة الـ10 آلاف ليرة سورية.

ويرى الرأي العام أن إضافة عملة جديدة ستؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة السورية، إلا أن ذلك حسب وصف فضلية “غير صحيح”، لأن إصدار العملات بقيمة 5 أو 10 آلاف ليرة ليس له أي تأثير على اقتصاد البلاد، على عكس ما يؤمن به الرأي العام من أن طباعة الأوراق المالية من هذه الفئة ستؤدي إلى التضخم.

وأضاف رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية، أن “البنك المركزي لم يقدم أي مقترح، لكننا نأمل بإصدار عملة جديدة بقيمة 10 آلاف ليرة سورية؛ شرط ألا تتجاوز طباعة العملة القديمة المتضررة”. وأشار أيضا، عند إطلاق فئة الـ 5000 ليرة سورية، لقي الأمر استحسانا لدى الجمهور، وسهّل المعاملات المصرفية والتجارية.

وأشار إلى أنه سواء أدخلت فئات نقدية جديدة أم لا، فإن حالة الاقتصاد والتضخم ستظل كما هي، ولكن التضخم الاقتصادي الحالي يستلزم وجود فئات كبيرة من العملة المحلية.

ترويج لطباعة العملات

تقارير صحفية سابقة، نقلت عن رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا، عابد فضيلة، أن طباعة عملة ورقية من فئة العشرة آلاف، يمكن له أن يكون حلا للتضخم، وسيساهم في تخفيف ضغط التعامل النقدي، الناتج عن انهيار قيمة العملة المحلية أمام السلع والخدمات.

ووفق التقرير، فإن الحديث عن طباعة فئة جديدة من العملة السورية إلى العام الماضي، وسط تحذيرات متزايدة من هذه الخطوة، والتي اعتبرتها مصادر اقتصادية في دمشق، واحدة من الحلول المقترحة بقوة للمناقشة على طاولة الحكومة في دمشق. خاصة وأن المصرف المركزي السوري يمول تجار الأزمات بتحويلات المغتربين، ويتجنب العقوبات من خلال خلق مجموعة متشابكة من الشركات الوهمية.

وفي مطلع العام 2021، كان المصرف المركزي قد طرح ورقة نقدية جديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية، وكان حينها سعر الصرف يبلغ 2910 ليرة سورية للدولار الواحد.

وفي حديث سابق لـ”الحل نت”، بعد طباعة ورقة الـ5 آلاف ليرة، أوضح الدكتور كرم الشعار، إن هذا الإجراء بضخ عملة جديدة من فئة الـ5 آلاف ليرة، له بعد نفسي، حيث سيؤدي إلى إحساس السوريين بوجود التضخم، ما يدفعهم إلى المسارعة باستبدال الليرة السورية بالدولار الأميركي، وبالتالي يصبح هناك تضخم فعلي.

وأشار الشعار، إلى أن التضخم هو مصطلح يدل على كمية النقد الموجود، إذ أن ضخ عملة جديدة من فئة الـ5 آلاف ليرة، لا بد أن يقابله سحب ذات القيمة بوحدات نقدية أقل قيمة، مثل سحب 5 أوراق من فئة 1000 ليرة أو 10 أوراق من فئة 500 ليرة، وذلك لمنع حدوث التضخم.

ومن الجدير بالذكر، أن الخيارات أمام حكومة دمشق، لمواجهة الأزمة الاقتصادية “محدودة للغاية“، وذلك في ظل العقوبات الدولية والفساد الإداري والاقتصادي والتضخم العالمي، وتعطل الإنتاج وسيطرة أمراء الحرب، في الوقت الذي تشير الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الرئيسية، والتي تُجمع بحسب تقاريرها الدورية، وتصريحات مسؤوليها على أن نسبة انتشار الفقر في سوريا تزيد اليوم عن 90 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.