بعد المخدرات، يواجه الأردن عمليات تهريب أسلحة قادمة من سوريا بطريقة تدريجية لكنها تصعيدية وملفتة للنظر، حيث أعلنت السلطة الأردنية عن اندلاع اشتباكات مسلحة متبادلة منتظمة مع المهربين الذين يحاولون تهريب الأسلحة إلى البلاد من سوريا.

دفعت أخطر الاشتباكات في 27 كانون الثاني/يناير 2022، الأردن إلى تغيير قواعد الاشتباك مع سوريا، من أجل إرسال رسالة تحذير إلى دمشق. كما وصفت السلطات الأردنية المستويات المتزايدة لأنشطة التهريب، بأنها تهديد أمني وسياسي كبير يستهدف البلد.

أبعاد الاشتباكات الأخيرة

في أحدث الاشتباكات على الحدود الأردنية السورية، والتي باتت شبه يومية، أعلن الجيش الأردني، أمس الجمعة، عن إحباط محاولة تسلل وتهريب أسلحة وذخائر من سوريا إلى داخل المملكة، بحسب بيان نشر على موقعه الإلكتروني.

وأشار الجيش الأردني، إلى أن المنطقة العسكرية الشمالية، بالتنسيق مع مديرية الأمن العسكري، فجر الجمعة، أحبطت محاولة تسلل وتهريب في إحدى جبهاتها. وأضافت أنه “تم تطبيق قواعد الاشتباك التي أدت إلى اعتقال المتسلل، الذي كان بحوزته عدد من الأسلحة والذخائر”.

ونقل المتسلل والأشياء المضبوطة إلى الجهات المختصة، فيما أكد البيان: “القوات المسلحة مستمرة في التعامل بحزم مع محاولة التسلل أو التهريب لحماية الحدود”، كما نشر صورا لأسلحة بينها 30 بندقية ومسدس فضلا عن ذخيرة حية.

وفي وقت سابق، قال العقيد زيد الدباس، من القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، إن نحو 160 مجموعة تعمل في جنوب سوريا ، وتهريب المخدرات إلى بلاد الملك، مبينا أن الاشتباكات اشتدت بين الجيش الأردني وتجار المخدرات خاصة مع تزايد الاعتقالات في الآونة الأخيرة.

وأشار إلى أن مهربي المخدرات: “لديهم أساليب جديدة شبيهة بأساليب الجريمة المنظمة، واستخدام طائرات مسيرة وسيارات خاصة باهظة الثمن”.

الأردن ومعضلة الحدود المشتركة مع سوريا

عكست العديد من التصريحات الصادرة عن مسؤولين أمنيين أردنيين ووزارة خارجيتها، إلى جانب الرد العسكري السريع في 27 كانون الثاني/ يناير، الذي حدث على طول خط التماس مع سوريا ، المخاوف الأردنية المتزايدة بشأن التهديد المتصاعد.

ويمكن أن تعزى هذه المخاوف إلى زيادة وتنويع التكتيكات التي يستخدمها مهربي المخدرات والأسلحة، حيث كشفت مصادر محلية، أن الريف الشرقي للسويداء، بات معقلا رئيسيا لتجار المخدرات والأسلحة سواء التابعين للفرقة الرابعة أو لـ”حزب الله” اللبناني.

وبحسب حديث المصادر لـ”الحل نت”، فإن 160 شبكة من تجار الأسلحة والمخدرات يعملون في هذه المنطقة، حيث واجه الأردن في الآونة الأخيرة، محاولات متكررة لتهريب المخدرات والأسلحة بكميات مختلفة في هذه المنطقة، وهي منطقة تعاني من ضعف الأمن.

وخلال العامين الماضيين، حاول المهربون إدخال 167 قطعة سلاح إلى الأردن. في عام 2020، تم ضبط 340 نوعا من الذخيرة، لترتفع إلى 3236 في عام 2021.

ويتمثل الشاغل الأمني الرئيسي للأردن، في تمركز إيران بالقرب من حدودها الشمالية وإجهاد تدفق اللاجئين على الحدود المشتركة. ويعني هذا النزوح، أن جنوب سوريا شهد تغيرا ديموغرافيا أعاد تشكيل معادلة الحدود السورية الأردنية، والزيادة المستمرة في تهريب الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة القادرة على اختراق الأجواء الأردنية، هي من أبرز تداعيات تمركز إيران بالقرب من الحدود الشمالية للأردن.

سياسة أردنية “خاصة”؟

تصريحات جديدة رسمية صادرة من الأردن، كشفت عن الدور الذي يمكن أن تلعبه عمّان من أجل مواجهة خطر النفوذ الإيراني في الجنوب السوري. فالملك الأردني عبدالله الثاني، قال يوم الأربعاء الماضي، إن بلاده على تواصل مع دمشق وموسكو بشأن المخاطر الأمنية على حدود الأردن الشمالية.

التصريح الأردني الصادر عن الملك عبد الله الثاني، لا يعتبر بالخط الجديد للتصريحات المتعلقة بشكل العلاقة بين عمّان ودمشق، أو من قبل عمان تجاه النفوذ الإيراني في سوريا، فالأردن كانت تشير على الدوام إلى مخاوفها من خطر المشروع الإيراني في المنطقة، ومن ثم تمدد هذا الخطر نحو الجنوب السوري، وتهديده المباشر للأردن.

وكذلك عمّان عاودت تحسين علاقاتها بشكل جزئي مع دمشق وإن لم يكن هناك إعادة كاملة للعلاقات بشكل رسمي على جميع الأصعدة، لكن الأردن تقف دائما في المنتصف فيما يتعلق بالملف السوري، من أجل الحفاظ على مصالح أمنها القومي، ومنع تمدد خطر النفوذ الإيراني والقوى الإرهابية.

رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، كان قد صرح الأسبوع الماضي، أن بلاده تجري عمليات تنسيق مع أجهزة حكومة دمشق الأمنية والعسكرية بشأن “التهديدات المتعلقة بالحدود”، وأكد الخصاونة، “الارتفاع المضطرد والكبير لتهريب المخدرات من الأراضي السورية”، مضيفا أن “هناك حوار ونقاش وتنسيق مع السلطات السورية من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية”.

خلال السنوات الأربع الماضية، عانت الأردن من خطورة عمليات تهريب المخدرات والسلاح القادمة من الجنوب السوري، والتي تتخذ من الأردن منطلقا للعبور نحو السعودية والخليج العربي، لذلك أطلق المسؤولون الأردنيون، وعلى رأسهم الملك عبدالله الثاني، والذي اتهم صراحة الجانب الإيراني بـ”زعزعة الاستقرار على حدوده الشمالية”، وقال في 24 من حزيران/يونيو الماضي، إن “الميليشيات الشيعية في سوريا زادت عمليات تهريب السلاح والمخدرات”، تزامنا مع “تراجع دور روسيا في سوريا” بسبب غزو أوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.