في ظل معاناة السوريين في الحصول على الخبز، ونقصه في بعض المناطق، يتم توزيع كميات زائدة عن الحاجة للمعتمدين في مناطق أخرى؛ ما يضطرهم لإعادتها للأفران، وهو ما سهّل للحكومة اتخاذ قرار بتحويل الخبز المرتجع إلى “مادة علفية”.

تحويل الخبز لعلف

صحيفة “البعث” المحلية، نقلت اليوم الجمعة، عن مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بأن ربطات الخبز التمويني المرتجعة من المعتمدين تذهب لصالح الأعلاف، نظرا لعدم إمكانية إعادة تدويرها أو الاستفادة منها في صناعة الخبز مجددا كونها تتحول إلى مواد “مسرطنة”، واصفا عمل بعض الأفران على إضافة كميات الخبز غير الصالحة التي قد تظهر في الإنتاج إلى العجين وإعادة إدخالها إلى الفرن مجددا بـ”المخالفة الجسيمة”.

وبحسب المصدر، فإن الوزارة سمحت للمعتمدين بإعادة كميات الخبز التي تزيد من حصتهم إلى الشركة في حال عدم طلبها من قبل صاحب البطاقة المسجلة، ضمانا لعدم تغريمهم بمبالغ مالية كبيرة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشكل عائقا حقيقيا أمام إقبال المعتمدين على القيام بمهامهم.

كما اعتبر المصدر أن كميات الخبز المهدورة تجعل قرارات الحكومة في تحديد الكميات غير ذات جدوى، خصوصا مع نوعيات الخبز متدنية الجودة، وسوء عمليات النقل والتخزين، ما يجعل توزيعها من قبل المعتمدين في حال تلاعبهم بالبطاقات غير ممكن لإحجام المستهلكين، كما أنها قد تتعرض للتلف خلال العملية في حال بقيت لساعات طويلة.

وأشار إلى أن موضوع الخبز لا يزال يعاني من تشعبات وخلل في عملية التوزيع والرقابة والجودة وغيرها على الرغم من التشدد في العقوبات، مبينا أن جميع الآليات لضبط هدر الطحين وتوزيع الخبز للمواطنين وفق الحاجة وضبط التسريب لم تؤت نتائج واقعية على الاقتصاد والكميات بقيت كما هي تقريبا، مع زيادة في أسعار السوق السوداء.

إقرأ:بسبب الغش والجهل.. سرطان في رغيف الخبز بدمشق

الخبز المسرطن

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى إغلاق مخابز في دمشق تستخدم مادة مسرطنة تسمى “المعون” وهي نوع من أنواع الخميرة السام الذي يستخدم في صناعة خبز الصمون، حيث تكررت هذه الحادثة أكثر من مرة.

وقالت أحد المصادر الخاصة الأخرى من العاصمة دمشق، في وقت سابق لـ “الحل نت”، إن تبريرات المسؤولين الحكوميين لهذه المخالفة الكارثية، بأن المخابز التي تستخدم هذه المادة حديثة المنشأ، وأنهم يجهلون أن هذه المادة ممنوع استخدامها في صناعة الخبز، أمر غير مقبول واستهتار بحياة المواطنين.

وعزا المصدر الخاص، حدوث هذه المشكلة إلى “تقاعس وفساد من قبل اللجان الحكومية”، مبينا أنه عند منح الموافقة لأية مخبز يتم إنشاؤه حديثا، فمن المفترض أن يكون هناك نظرة وجولة رقابية عامة على جميع عمليات الفرن وعماله والمواد التي يستخدمها في “التخبيز”، بالإضافة إلى وجوب دوريات التموين اليومية للمخابز لمعالجة مثل هذه المشاكل وعدم وقوعها التي قد تسبب بحالات الموت للمستهلكين.

وأردف المصدر الخاص، “لكن يبدو أن الحكومة تتهاون في مثل هذه الأمور وكله على حساب حياة المواطنين، حيث الفساد والمحسوبية، بات ينخر المؤسسات الحكومية بشكل لا يطاق”.

وأشار التقرير إلى مسألة الفساد وغياب الدور الرقابي على الأفران، فهناك فساد ومحسوبيات من قبل القائمين على المخابز وتوزيع الخبز، حيث إنهم يقومون بسرقة كميات من الدقيق المخصص للمواطنين، بهدف بيعه بسعر أغلى لأصحاب المطاعم والفنادق ومحلات المواد الغذائية، وهذا يحدث تقريبا بشكل شبه يومي.

قد يهمك:رفع أسعار الأعلاف في سوريا بحجة أوكرانيا

ارتفاع سعر الأعلاف

الثروة الحيوانية في سوريا والتي تعتبر أحد أهم ركائز الاقتصاد السوري، تعاني اليوم من العديد من المشاكل أدت لانخفاضها، حيث أن شح الأمطار يعتبر من أبرز هذه المشاكل، إذ ينعكس بشكل مباشر على توفر الأعلاف واستقرار أسعارها التي ارتفعت خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق.

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن المربين اعتادوا فتح دورات علفية من فرع الأعلاف بالمحافظات، يتم من خلالها تخصيص كميات محدودة من المواد العلفية المدعومة لقطعانهم المسجلة في القوائم الإحصائية المعتمدة لدى مديرية الزراعة، وعلى اختلافها من أغنام وماعز وأبقار ودواجن وغيرها، ولكن عدم توافر الكميات الكافية في فرع الأعلاف لتغطية تلك المستحقات جعل التوزيع مؤخرا عاجزا عن تلبية الاحتياجات.

وبين التقرير أن المربين مجبرون على تأمين معظم احتياجات قطعانهم من الأعلاف من السوق السوداء وبمبالغ كبيرة، الأمر الذي زاد من تكاليف منتجاتها على اختلافها، ورفع أسعارها على المستهلك.

ونقل التقرير عن المربين، أن التجار يتحكمون بالسوق، ويفرضون عليهم أسعارا من الصعب تحملها، ولكنهم مجبرون على ذلك كي لا يروا أغنامهم أو أبقارهم تنفق أمام بصرهم، بسبب شح مادة الأعلاف، وذلك في إشارة إلى غياب الدور الحكومي من الرقابة والتموين.

مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة السورية، أسامة حمود، قال في وقت سابق إن الثروة الحيوانية في سوريا فقدت نحو 50 إلى 40 بالمئة من قطيعها، بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الأعلاف، بحسب متابعة “الحل نت”.

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ثمة تجارا استغلوا تطورات الأزمة الأوكرانية وقاموا برفع أسعار الأعلاف خلال الأيام القليلة الماضية من دون أي مبرر، حيث أصبح سعر طن الذرة في المرفأ بحدود 1.650مليون ليرة سورية وفي السوق 1.700 مليون ليرة وأصبح سعر طن كسبة فول الصويا في المرفأ بحدود 2.950 مليونا وفي السوق بحدود 3 ملايين، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

ولكن بحسب مصادر خاصة فإن هذا الارتفاع عالمي ولا علاقة له بالتجار واستغلال الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى أن الحكومة السورية وكبار تجارها هم من يستوردون الأعلاف من دول أوروبا الشرقية، وأهمها روسيا وأوكرانيا.

وأضافت المصادر نفسها لـ “الحل نت” في وقت سابق، أن الحكومة تتحكم في توزيع المواد العلفية على التجار، وأحيانا كبار التجار المرتبطين بالدرجة الأولى بالحكومة السورية، لذا فإن ارتفاع الأسعار وتخزين المواد من جانبهم، و هم من يقومون بالتلاعب في الأسعار.

إقرأ:شرائح إلكترونية للماشية في سوريا.. ما علاقة الأعلاف؟

ومن الجدير بالذكر أنه من المعضلات الأساسية في سوريا تأمين مصدر الخبز الرئيسي ، وتأمين الأعلاف على حد سواء، وبالتالي يمكن القول إن الحكومة هي التي تسببت في أزمات فساد واستغلال التجار وغيرهم من خلال التحكم بالخبز والأعلاف ورفع أسعارها، دون أن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة والفورية لحل هذه الأزمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.