قطاع التعليم في سوريا، أحد القطاعات الأساسية التي تعاني نتيجة تدهور الأوضاع الناجمة عن سنوات الحرب، وأبرزها الوضع الاقتصادي، الذي أثر على مجرى العملية التعليمية في المدارس الحكومية نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بها، وهجرة عدد كبير من مدرسيها، ما دفع بشريحة كبيرة للتوجه نحو المدارس الخاصة التي باتت أيضا شبه مستحيلة للكثيرين بسبب الارتفاع الكبير في أقساطها.

ارتفاع الأقساط

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم الخميس، أشار إلى ارتفاع قسط التعليم في المدارس الخاصة في عدد من المدارس الخاصة من 2 إلى 5 ملايين ليرة وسطيا، وقسط رياض الأطفال، من 600 ألف إلى أكثر من 1.5 مليون ليرة.

ومع قرار وزارة التربية توزيع الأقساط وفق النقاط للمدارس، ورياض الأطفال الخاصة، أصبح الناس يدخلون في دوامة الأسعار غير المفهومة، واختيار المدرسة وفق السمعة وعلى التجريب، والكثير من الطلاب تحولوا من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، بحسب ما نقل الموقع، عن مدير إحدى المدارس بدمشق.

من جهة ثانية، ومع اقتراب بدء العام الدراسي، بيّن تقرير “أثر برس”، أن هناك ارتفاعا في بعض أسعار الكراسات والدفاتر، وهناك مبالغة في أسعار بعض المنتجات المدرسية، خصوصا ذات النوعية الجديدة التي يتزايد طلب الأطفال عليها، وتضاعفت أسعار القرطاسية لهذا العام عن العام الماضي من دون إبداء أسباب من قبل التجار لرفع أسعار الأدوات المكتبية، والحقيبة المدرسية سوى حجة التضخم وارتفاع أسعار المحروقات، وأجور المحلات وتكاليف العمالة، والمصاريف النثرية الأخرى من بلدية ومالية وتموين وغيرها.

حيث تراوح سعر الحقيبة المدرسة قياس 16 ساتان بين 50 و60 ألف ليرة، والقميص من نوع نايلون 25 ألف ليرة بسعر الجملة، ومن النوع الأفضل 40 ألف ليرة، كما بلغ سعر دزينة دفاتر سلك 70 طبق 20 ألف ليرة، ودزينة أقلام رصاص ماركة عادية 5000 ليرة، ودزينة ألوان خشبية 10500ل.س، ومقلمة قياس وسط 5700 ليرة، ومطرة مياه 10 آلاف ليرة.

وبحسب التقرير، فإن هناك فوارق طبقية بدأت بالظهور، بين من هو قادر على شراء مستلزمات أطفاله ويدفع أكثر من نصف مليون ليرة في مكان واحد، وبين بعض أولياء الأمور من ذوي الدخل المحدود وهم يترددون في عملية الشراء، ويبحثون عن بدائل بعيداً عن المكتبات والمحال المتخصصة ببيع الأدوات المدرسية، كون رواتبهم بالكامل لا تغطي احتياجات طالب واحد.

إقرأ:التربية تحدد أقساط المدارس الخاصة بسوريا

تحديد الأقساط

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن وزارة التربية، نشرت تعميما إلى مديريات التربية، في حزيران /يونيو الماضي، حددت بموجبه الحد الأعلى والأدنى لقيمة الأقساط التي يحق للمدارس الخاصة قبضها من الطلاب وفق كل مرحلة دراسية، ووفق درجة تصنيف كل مؤسسة تعليمية، وكذلك حددت قيمة بدل الخدمات والمبالغ الإضافية حسب عدد النقاط، وهنا يكمن الغموض الذي كان يفترض أن توضحه الوزارة قبل نشر الأسعار.

وبحسب التعميم، فقد قسمت المدارس إلى أربع فئات، وقسمت الفئات إلى أربع مراحل دراسية، تبدأ من رياض الأطفال، وصولا للمرحلة الثانوية، ومرورا بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية.

التعميم، وضع حدّين أعلى وأدنى للأقساط، بحسب كل مرحلة، وحسب كل فئة، حيث تعد الفئة الرابعة، هي الأقل من ناحية الأقساط، والأولى هي الأعلى، كما حدد التعميم أجور النقل لكل فئة من المدارس، ونص على عدم جواز تعديلها خلال العام الدراسي، إلا في حالة ارتفاع أسعار المحروقات.

في ردود كثيرة من السوريين على تعميم وزارة التربية، رصدها “الحل نت”، اعتبر الكثير منهم أن الوزارة منفصلة عن الواقع، حيث أن الأقساط التي قامت بتحديدها غير مقبولة في أي مدرسة على الإطلاق.

فبحسب التعميم، الحد الأعلى لأقساط رياض الأطفال يتراوح سنويا ما بين 150 ألف ليرة، و350 ألف ليرة حسب فئة المدرسة، بينما يقول الأهالي أن بعض رياض الأطفال تصل أقساطها السنوية إلى نحو 3 مليون ليرة.

كما اعتبر آخرون، أن هذا التعميم ليس سوى تعميم شكلي، أما في الواقع فإن كل مدرسة تحدد أقساطها لوحدها بمعزل عن أي تحديد من وزارة التربية، مشيرين أن بعض المدارس حددت القسط (الأول) للعام الدراسي القادم 2022- 2023 بمبلغ مليون ليرة.

قد يهمك:2 مليون ليرة أقساط روضات الأطفال بسوريا

هل يلغى التعليم المجاني؟

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، تداول مجلس الوزراء في شباط/فبراير الماضي موضوع ما أسماه الدعم الحكومي لقطاع التربية، حيث تم بحث دعم الحكومة لقطاع التعليم والمليارات التي تتكبدها عليه، حيث أن أكثر من 3.6 ملايين تلميذ، وطالب يتلقون التعليم المجاني في مدارس، ومعاهد وزارة التربية بمختلف المحافظات، موزعين على 13660 روضة ومدرسة ومعهدا.

كما تم نقاش تكاليف طباعة الكتب التي يتجاوز عددها 40 مليون كتاب سنويا، بالإضافة للخدمات الصحية والإدارية والتعليمية المجانية المقدمة للطلاب.

بيان مجلس الوزراء في ذلك الوقت، جاء بعد يوم واحد على قرار رفع الدعم، ما أثار العديد من المخاوف من رفع الدعم عن قطاع التعليم الحكومي، وفي هذا السياق، توقع خبراء وحقوقيون، أن يكون بيان مجلس الوزراء، هو أحد احتمالين، إما التمهيد لرفع الدعم عن هذا القطاع بطريقة ما، كأن يصبح ثمن الكتاب المدرسي والجامعي فلكيا، أو التمهيد لفرض رسوم دراسية باهظة على أبناء الفئات التي رُفع عنها الدعم الحكومي.

ويواجه التعليم في سوريا العديد من العوائق، فقد أكد مركز “حقوق الطفل العالمي”، في نهاية عام 2021، أن النزاع أثر سلبا على جميع جوانب حياة الأطفال السوريين. بما في ذلك تعليمهم. حيث أصيب التعليم في سوريا بالشلل بسبب تضرر المدارس، أو تدميرها. وقتل أو جرح أطفال ومعلمون أجبر بعض منهم على الفرار، فضلا عن تغيير المناهج الدراسية لملايين الأطفال.

كما تعاني التدخلات الإنسانية التي تستجيب لأزمة التعليم من نقص التمويل، ولا تقترب بدرجة كافية من التخفيف من وطأة الصراع على حق الأطفال السوريين في التعليم في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل (1989).

إقرأ:دمشق.. جباية أموال في المدارس الخاصة

وهناك 1.6 مليون طفل آخر في سن الدراسة معرضون لخطر الحرمان من هذا الحق. إذ تشير هذه الأرقام إلى أن جيلا ينشأ محروما من المدرسة في سوريا. وهؤلاء الأطفال هم أيضا أكثر عرضة للمعاناة من مزيد من الانتهاكات. بما في ذلك الوقوع ضحية للعنف، وزواج الأطفال، والانخراط في أسوأ أشكال عمالة الأطفال، بحسب “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.