بعد صدور قرار الحكومة السورية بزيادة ودعم تصدير البندورة والخيار بنسبة 10 بالمئة، الأمر الذي زاد من تخوف المستهلكين من ارتفاع أسعارها، كما ورأى المزارع أن هذا القرار غير مجدٍ، وتأتي هذه المخاوف وسط ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية، نتيجة ارتفاع سعر البنزين بنحو 130 بالمئة، وهو ما أثر بدوره على باقي مفاصل الحياة اليومية المتعلقة بالجانب الاقتصادي في سوريا.

قرارات غير مدروسة

قرار رئاسة مجلس الوزراء الصادر مطلع الشهر الجاري، والذي تضمن زيادة الكميات المستوردة من مزارعي البندورة، والخيار بنسبة 10 بالمئة، عن الكميات المعتادة، وإطلاق برنامج دعم شحنات تصدير الفائض منها بنسبة 20 في بالمئة، تسبب بتخوف لدى المواطنين من أن يؤدي التصدير إلى زيادة سعر هاتين المادتين في السوق، ولدى الفلاح أيضا من جهة أن تكون أسعار الشراء الحكومية قليلة وغير مناسبة لتكاليف الإنتاج، إضافة إلى المصدر الذي بات يدفع أجور الشحن وفق أسعار السوق السوداء.

من جهته، قال عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق، محمد العقاد، إن رأيهم لم يؤخذ بشأن التكاليف التي يتكلفون بها في الشحن، خاصة وأنهم يعرفون كل المعطيات على الأرض على عكس الجهات التي تدرس القرار من خلف الطاولات، بحسب ما أوردته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد.

واعتبر العقاد، أن هذا البرنامج لن يجدي نفعا لعدة أسباب أولها، أن نسبة الدعم المحددة غير كافية وستكون وفقا للأسعار الرسمية في الوقت الذي يدفع فيه المصدّر وفقا لأسعار السوق السوداء، ويشترون ليتر المازوت على سبيل المثال بـ6000 ليرة، مبينا: “يجب أن يتحملوا كل التكاليف، أو الجزء الأكبر منها أو إلغاء القرار بالكامل، ولماذا لا يتم تخصيص محطة على طريق درعا مخصصة لبرادات الشحن للبيع بالسعر المدعوم، ولماذا تم تحديد مادتي الخيار والبندورة فقط في البرنامج، بالوقت الذي يعد سعر البندورة جيدا ويتم تصدير 25 برادا منها يوميا، ناهيك عن أن الخيار لا ينفع للتصدير لكونه سريع التلف ولا يحتمل نقله مسافات طويلة”.

تبريرات حكومية

من ناحيته، رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو، وردا على تخوّف المواطنين من أن يؤدي القرار إلى ارتفاع أسعار المواد بالسوق المحلية، برّر ذلك بالقول: “إذا منعنا التصدير وخسر المنتجون فسيستفيد المستهلك مدة قصيرة، ولكن ستكون دورة الإنتاج بالمرحلة التالية ضعيفة جدا”.

وتابع كشتو، في حديثه للصحيفة المحلية: “ولكن محصول البندورة لن يصل سعره إلى 5000 ليرة سورية كما حصل في البندورة الشتوية ذات الزراعة المحمية عالية التكلفة، لأننا نتكلم اليوم عن إنتاج صيفي مكشوف وسيكون السعر منطقيا ومتوازنا بغض النظر عن القوة الشرائية للمواطن لأن هذا أمر مختلف”.

وفيما يخص القرار المتعلق باستجرار كميات أكبر من هاتين المادتين بنسبة 10 بالمئة، وحول سعر الشراء من المزارع، قال كشتو: “يجب أن يتم تحديده وفق العرض والطلب، ويكون التدخل وفق سعر السوق، أما إذا وضعنا سعرا معينا بغية أن يستفيد المنتج والمستهلك، فأعتقد أننا لن نكون قادرين على تطبيقه”.

بدوره، بيّن رئيس هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات ثائر فياض، أن التصدير سيكون للدول المجاورة حصرا كالعراق ودول الخليج والأردن.

قد يهمك: أسابيع مرتقبة لتحديد نسبة ارتفاع أسعار السلع بسوريا

ارتفاع الأسعار

أسعار الخضار والفواكه في سوريا، تشهد منذ مطلع الصيف الحالي ارتفاعات متتالية وغير مسبوقة، حتى باتت تشكل عبئا على السوريين الذين أصبحوا يلجأون للشراء بالحبة لبعض أنواع الخضار والفواكه كما هو الحال بالنسبة لليمون وكذلك الموز.

العديد من أصناف الخضار والفاكهة، شهدت ارتفاعات دورية خلال الأسابيع الماضية، رغم أن بعضها في ذروة موسمها. الارتفاع الذي وصل إلى حدّ باتت تلك المواد تشكل عبئا إضافيا على المواطنين.

وحول الأسعار، فقد بلغ سعر كيلو التفاح الجيد نوعا ما 4500 ليرة، والدراق ما بين 4500-5500 ليرة حسب نوعه، والخوخ 4000 ليرة، والإجاص الجيد بـ3500 ليرة، والنوع الثاني بـ2500 ليرة، والعنب ما بين 2500-3500 ليرة، والكرز النوع الأول 7000 ليرة والثاني بـ5500 ليرة.

أما البطيخ الأحمر وحده من دون غيره رخيص السعر في هذه الأيام، فالكيلو يباع ما بين 350-450 ليرة، بينما البطيخ الأصفر ما زال ثابت السعر عند الـ800 ليرة للكيلو، حيث بيّن المواطنين أن الأسعار تختلف بين سوق وآخر، وفق تقارير محلية.

وكشف عدد من المواطنين أنهم إذا تجرؤوا على الشراء فهم يشترون ربع كيلو من نوعين أو ثلاثة أنواع من الفاكهة، وأن القادر منهم يشتري نصف كيلو من كل نوع بأحسن الأحوال. كما أكدوا أن ما يشترونه هو لاستهلاك الأسرة وليس للضيوف، الذين تقتصر ضيافتهم على القهوة أو الشاي أو عصير مجفف/بودرة فقط.

أما بالنسبة للباعة، فقد أوضحوا أنهم يشترون الفاكهة من سوق الهال بسعر مرتفع ويبيعونها وفق هوامش الربح المحددة من التجارة الداخلية، وأوضح بعضهم في تصريحات صحافية سابقة، أن في “الأسواق فاكهة بأسعار رخيصة وأخرى مرتفعة السعر، ويمكن لأي مواطن أن يشتري ما يناسب دخله”، ولفتوا إلى أن هناك تفاحا يُباع الكيلو منه بـ1500 ليرة، ودراقا وخوخا ما بين 2000-2500 ليرة، وعليها طلب كبير.

خسارة لمزارعي الخضار

خلال الفترة الماضية تعرّض مزارعو الخضار في سوريا لجملة من الخسائر، نتيجة لعدة أسباب أهمها عدم وجود دعم حكومي، وكذلك استغلال واحتكار التجار والسماسرة بتسويق السلع، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، مثل المازوت الذي يدخل في عملية الإنتاج، وكذلك أجور النقل. كل هذه الأمور تكبد مزارعي الخضار خسائر متتالية نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج أمام المبيعات.

وبالرغم من أن إنتاج محافظة السويداء هذا الموسم من الخضروات الصيفية “بندورة – كوسا – بطيخ – خيار.. إلخ” وصل إلى 85 ألف طن، إلا أن المزارعين لا يزالون يبحثون عن منفذ تسويقي لإنتاجهم، الذي معظمه- بحسب تصريح عدد من المزارعين – يذهب إلى جيب التجار والسماسرة وبأسعار منخفضة لا تساوي تكاليف الإنتاج، بحسب ما أوردته صحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا.

ووفق التقرير المحلي، فإن أجرة السيارة الناقلة للخضار تجاوز سقفها لـ 400 ألف ليرة سورية، كما ورفع أجور النقل من قبل السائقين نتيجة شراء أصحابها المازوت من السوق السوداء وبسعر 5000 ليرة لليتر الواحد، هذا فضلا عن الكمسيون الذي يتقاضاه سماسرة “سوق هال” مدينة دمشق، والذي يصل إلى 7 بالمئة من قيمة كل حمولة.

الأسواق السورية بشكل عام تشهد ارتفاعا كبيرا وخاصة أسعار الخضار والفاكهة والسلع الغذائية، وغيرها من المواد الأساسية المعيشية، ويرى الخبراء، أن السبب في ذلك يعود إلى قرارات حكومية غير مدروسة، خاصة القرار الأخير، عندما تم رفع سعر البنزين المدعوم بنحو 130 بالمئة، وسط غياب أي دور حكومي أو رقابي، ما حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار واحتكارهم للمستهلكين.

قد يهمك: ارتفاع مفاجئ في أسعار اللحوم البيضاء بسوريا.. الكيلو  بـ26 ألفاً

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.