دفعت حادثة ترحيل المحامي السوري، صلاح الدين دباغ، من مكان إقامته في تركيا، نحو الأراضي السورية، بتصاعد مخاوف اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، في ظل غياب أي قانون، أو جهة تحميهم من ممارسات السلطات التركية الخارجة عن أي إطار قانوني.

مخاوف متصاعدة

على مدار الأشهر الماضية، تصاعدت وتيرة احتجاز السوريين بدون مذكرات قضائية، أو توجيه تهمة مباشرة. ووصلت الكثير من الحوادث إلى الترحيل القسري إلى سوريا، بشكل غير قانوني، لكن التطور اللافت في قضية صلاح الدين، هو اعتقال والدته لإجباره على تسليم نفسه للسلطات.

حقوقيون وصحفيون عبّروا عن مخاوفهم، إزاء ممارسات السلطات التركية بحق اللاجئين، إذ تُعرض تلك الإجراءات حياة مئات الآلاف من السوريين لخطر الترحيل القسري، أو الاحتجاز في إطار غير قانوني.

“لا يوجد قانون يحمينا وأصبح مصيرنا رهن مزاجية السلطات“، بهذه الكلمات يصف محمد حسام، (اسم مستعار لصحفي سوري مقيم في تركيا)، وضع السوريين المقيمين على الأراضي التركية.

ويقول حسام، في اتصال هاتفي مع “الحل نت“: “توقيف السلطات الأمنية التركية لوالدة صلاح الدين، لم يكن بشكل قانوني، وكان لإجبار صلاح الدين، على تسليم نفسه بسبب دعوى من قبل إحدى الشخصيات في حزب سياسي، هذه الممارسات لا تختلف عما تعرّضنا له من قبل الأجهزة الأمنية السورية“.

ويضيف: “صلاح الدين رجل قانون ويدرس هذا الاختصاص في تركيا، ورغم ذلك لم تحميه معرفة القوانين من الممارسات العشوائية للسلطة التركية، الخارجة عن كل القوانين المحلية والدولية، المعنية بحماية حق الإنسان“.

قد يهمك: هل تتجه فرنسا لمحاسبة دمشق على “مجزرة التضامن“؟

تفاصيل القصة

بدأت القصة، عندما اقتحمت قوات الأمن التركية منزل المحامي صلاح الدين دباغ، في مدينة غازي عنتاب التركية لاعتقاله، وعندما لم تجده اعتقلت والدته غادة حمدون، ما فجّر موجات غضب واسعة بين الناشطين الحقوقيين السوريين، وخصوصا أن سبب اعتقالها جاء من أجل الضغط على ابنها المحامي صلاح الدين دباغ، لتسليم نفسه.

وبعد ترحيل صلاح الدين إلى الأراضي السورية، نشر الحقوقي السوري الثلاثاء موضحا تفاصيل ما حدث معه خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال عبر صفحته في فيسبوك: “اطمئن جميع أهلي وأحبتي وأصدقائي أنني الآن بخير، حاسرد بشكل مختصر الحادثة يلي عشتها يوم أمس، صباح يوم امس قمت بارسال احد الاصدقاء المحامين الى عدلية غازي عنتاب لمعرفة الوضع القانوني اذا كان لدي ملف جزائي لكن لم يظهر شئ بالعدلية انا ماعلي شي، يأتي لي احد المحامين المتابعين لقضيتي ليخبرني أنه لامفر لك عن تسليم نفسك لشعبة الاجانب حتى تطلع والدتك، رضخت مجبرا من اجل إنقاذ والدتي من شبح الترحيل لاني خيرت بين ترحيل والدتي الى سوريا او تسليم نفسي إلى شعبة الأجانب“.

وأضاف: “بعد تسليم نفسي من قبل أحد المحامين المتابعين لقضيتي تم التغاضي عن كافة الاجراءات الادارية المتخذة عادة بما يتعلق بالعودة الطوعية، وسوقي مباشرة إلى معبر كركمش، من دون حتى موافقتي على التوقيع الى العودة“.

كما أكد الحقوقي السوري، تعرضه للترهيب باستخدام الأسلحة، من قبل عناصر الأمن التركي الذين رافقوه إلى الحدود السورية، معربا عن مخاوفه من التصفية الميدانية خلال الرحلة.

صلاح الدين، أوضح في منشور على “فيسبوك“، قبيل تسليم نفسه، أنه فوجئ بسيل الاتهامات والادعاءات الكاذبة ضده من قبل وسائل الإعلام التركية، التي اتهمته بالنيل من هيبة الدولة بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، نافيا كل تلك الاتهامات.

وأردف، أنه أضحى مطلوبا لكافة الأجهزة الأمنية في تركيا، خلال ساعة واحدة، قائلا إن “القضية خرجت من سياقها القانوني وتحولت إلى قضية سياسية“.

وعقب تسليم نفسه، عمدت السلطات التركية إلى ترحيله إلى مناطق الشمال السوري، دون أي إجراءات قانونية، ودون أيضا تعريضه لمحكمة، وإعطائه الحق بالدفاع عن نفسه لمواجهة الاتهامات الموجهة له.

من جانبه، أكد المحامي غزوان قرنفل، أن إطلاق سراح الدكتورة غادة حمدون، دون بيان سبب توقيفها ابتداء يعني أن التوقيف كان جريمة حجز حرية بلا سند قانوني، وهو ما يجب مساءلة من قاموا بتوقيفها عليه .

وأضاف عبر صفحته الشخصية في فيسبوك: “في دولة القانون لا يتم توقيف إنسان بلا مذكرة قضائية تصدر عن قاض مختص وبناء على أرجحية ارتكابه لفعل مخالف للقانون، وهذا الفعل من الخطورة بما يوجب حجز حرية الإنسان حتى لا يفر من العدالة أو يتمادى في خرق القانون أو لمنعه من العبث بالأدلة. توقيف السيدة حمدون، خطأ لا يجوز الاكتفاء بإطلاق سراحها لتصحيحه“.

أما الحقوقي طه الغازي، فاعتبر سَوق والدة صلاح الدين، إلى مركز الترحيل الى الشمال السوري الخاص باللاجئين السوريين، بالإضافة إلى اعتقالها التعسفي، “انتهاكا لحقوق اللاجئ السوري في تركيا“.

ووصف الأمر، بأنه “قطعة من رصيف الدومينو في ميدان الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون من قبل بعض عناصر الأمن التركي، والقطاع الحكومي خلال السنوات الماضية“.

وربط بين اعتقال الحمدون، والشخصين اللذين أحرقا العلم التركي ضمن مظاهرات الشمال الغاضبة، قائلا: “أعلنتم يا وزير الداخلية اعتقال شخصين بمدينة أعزاز بسبب إحراق العلم التركي المقدس لدى الشعب التركي، هل يجوز لنا تقديس كرامتنا كتقديسكم العلم؟، هل يحق لنا المطالبة باعتقال ومحاسبة موظفي رجال الأمن والهجرة إذا ثبت أن اعتقال الحمدون كان كيفيا؟ هل يحق لنا اعتقال من أساء لكرامتنا؟“.

قد يهمك: دور تركي جديد في سوريا.. ما موقف دمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.