لا تزال آثار قرار رفع الدعم الحكومي مستمرة باستبعاد فئات مختلفة من السوريين، إذ تقوم حكومة دمشق بين فينة وأخرى بإصدار فئة جديدة ليتم إلغاء الدعم عنها، وقد بدأت هذه العملية منذ شهر شباط/فبراير الماضي.

آخر الفئات المستبعدة

في آخر بيان لوزارة الاتصالات والتقانة السورية، حول استبعاد الدعم، أعلنت الوزارة يوم الأربعاء الفائت، أنه تم استبعاد المستفيدين من الخادمة المنزلية الأجنبية وأصحاب مكاتب استقدام الخادمات من الدعم الحكومي .

وأوضحت الوزارة، أن الاستبعاد من الدعم الحكومي جاء وفقا للبيانات الواردة إليهم من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وأضافت الوزارة في بيانها بحسب متابعة “الحل نت”، أن تطبيق هذه المعايير “وفقا للإجراءات الحكومية التي يتم العمل عليها ضمن مشروع إعادة توزيع الدعم الحكومي وإيصاله إلى مستحقيه، موضحة أنه سيتم تنفيذ الاستبعاد للمشمولين بالمعيار المذكور بعد 15 يوما من تاريخه، لإتاحة الفرصة لهم لتحضير الأوراق الثبوتية اللازمة للاعتراض عبر منصة المواطن.

إقرأ:حادثة غريبة في سوريا.. محاميّة مهددة بالطلاق بسبب إلغاء الدعم الحكومي!

صدور القرار والبداية

في مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، أصدرت حكومة دمشق قرارا استبعدت فيه نحو 600 ألف عائلة من الدعم الحكومي المقدم سابقا، وبيعها بعض المواد الغذائية الأساسية، والمشتقات النفطية بأسعار محررة وغير مدعومة، وهو ما أثار استياء ورفضا واسعين لدى السوريين.

وبعد صدور القرار ادعى مسؤولون حكوميون، أن القرار جاء بعد دراسات تبين فيها، أنه جاء في الوقت المناسب لزيادة رواتب الموظفين، من خلال حصر الدعم بالفئات التي تستحقه، وإلغاؤه عن الفئات غير المستحقة، والذي يمكن بإلغائه عنهم تحقيق وفرة مادية لدعم رواتب الموظفين، وتحسين مستوى المعيشة.

وجاء في قرار تقليص الدعم في البداية، أن من الفئات التي يشملها أصحاب الدخل المرتفع، وبينهم ما نسبته 47 بالمئة ممن يملكون سيارات خاصة، ولكن في وقت لاحق شمل القرار فئات لا علاقة لها بالقرار فيما يخص السيارات، حيث طال بطاقات العاملين في الاتحادات والنقابات العمالية الذين يملكون سيارات خاصة تابعة للاتحاد، وهو ما يجعلهم عرضة للمعاملة كأصحاب السيارات الخاصة.

قد يهمك:بسبب رفع الدعم وأمور أخرى.. دعوة للتظاهر في دمشق

علاقة القرار بالسيارات وفئاتها

سوق السيارات في سوريا، شهد ارتفاعا في أسعار السيارات غير المشمولة بآلية “رفع الدعم” بسبب زيادة الطلب عليها، بعد قرار الحكومة السورية رفع الدعم عن المواطنين من أصحاب السيارات من موديل 2008 فما فوق.

حيث وصل سعر سيارة غولف تصنيع 1976 إلى 8.5 ملايين ليرة بعد أن كانت تباع بداية العام بـ3 ملايين ليرة لا غير. وهي من المركبات الأكثر طلبا في الأصناف منخفضة القيمة، فيما ارتفع سيارة كيا ريو 2008 من عشرة ملايين ليرة مطلع العام إلى ثلاثين مليون ليرة لتصبح أكثر أنواع المركبات ارتفاعا، بسعرها منذ أول العام بمعدل صعود 200 بالمئة، كونها من أهم السيارات طلبا في الأصناف متوسطة التكلفة.

كما ارتفعت أسعار بعض فئات السيارات دون غيرها في أسواق دمشق، وذلك بسبب بقائها ضمن الدعم، حيث نقل “الحل نت” في تقرير سابق عن أحد أصحاب المكاتب تأكيده أنه عشية رفع الدعم عن أصحاب السيارات الحديثة “2008” وما بعد، أو التي سعة محركها أكثر من 1500 سي سي، طلب أصحاب السيارات التي مازالت مشمولة بالدعم رفع أسعارها، حيث زادت السيارات التي بقي أصحابها مشمولين بالدعم مليوني ليرة سورية.

إقرأ:تصريحات رسمية تلمّح إلى رفع الدعم عن الكهرباء في سوريا

العزاب تحت قرار إلغاء الدعم

في شباط/فبراير الماضي، نص قانون إلغاء الدعم الذي أقرته الحكومة السورية، على رفع الدعم عن الشخص الأعزب الذي يمتلك سيارة، أيا كان قدم سيارته، إذا ما كان أحد والديه أو أخوته يمتلك سيارة أخرى .

كما صدر قرار جديد، على إثر قرار إلغاء الدعم لدى مديريات المحروقات في دمشق، يحصر مسألة توزيع أسطوانات الغاز للعزاب، من مركز تم اعتماده في منطقة الجمارك وسط دمشق.

وأشار تقرير لـ”الحل نت” في وقت سابق، إلى أن الشخص العازب الذي يرغب بتبديل أسطوانة غاز، يجب عليه أن يقضي يوما كاملا للحصول عليها، وبالسعر الحر أي بقيمة 33 ألف ليرة، إضافة للمسافة التي قد يقطعها، وتكاليف المواصلات، من وإلى منطقة الجمارك، لتتجاوز تكلفة أسطوانة الغاز 40 ألف ليرة.

وتبع ذلك قرار بإلغاء الدعم عن، العازبين والعازبات، وطلاب الجامعات المستأجرين منازل، حيث بات الحصول على ما يحتاجونه من خبز يتم بشكل خاص بعد إلغاء كميات “الماستر” التي كانت تخصصها بعض الوحدات الإدارية لهذه الفئات المجتمعية، التي لم تخصص لها الجهات المعنية بطاقة إلكترونية “فردية” حتى اليوم.

قد يهمك:رفع الدعم يخلق مشاكل كثيرة للسوريين.. تعرفوا إلى أبرز الأضرار

استبعاد مفاجىء من الدعم

شهر نيسان/أبريل الماضي، حمل قرارات مفاجئة بإلغاء الدعم عن العديد من المواطنين بشكل مفاجئ، على الرغم من تأكيدات حكومية بعدم وجود إلغاء مفاجئ للدعم.

ونقل تقرير لـ”الحل نت”، عن أحد المستبعدين، أنه استبعد من الدعم دون تحديد السبب، مع العلم أنه يملك سيارة كيا ريو موديل 2004، وتحت 1400 سي سي، وكان مستوفيا كل شروط الاستحقاق للدعم خلال موجة الاستبعاد السابقة.

كما رجح شخص آخر تم استبعاده في نفس الوقت، أن سبب استبعاده قد يعود لتحديث منصة الاعتراض، ما قد يوحي بوجود أخطاء تقنية تماما كما حصل خلال موجة الاستبعاد الأولى.

قد يهمك:كيف رمت حكومة دمشق عباءة الدعم الاجتماعي عن كتفيها؟

الصيادلة والمحامين والمهندسين

وزارة الاتصالات والتقانة السورية، أصدرت تعميما في حزيران/يونيو الماضي، بموجبه يتم استبعاد الصيادلة ممن مارسوا مهنة الصيدلة لمدة 10 سنوات من الدعم الحكومي، وفق البيانات الواردة من نقابة الصيادلة.

وأشار البيان، إلى أنه يمكن للمستبعدين من الدعم تقديم اعتراض عبر منصة الاعتراضات الخاصة بالمواطنين خلال أسبوع من تاريخ التعميم، حيث ستتم دراسة الاعتراضات من قبل مختصين في نقابة الصيادلة، حيث سيتم تنفيذ الاستبعاد من منظومة الدعم بعد أسبوع من اليوم في حال كانت الاعتراضات غير مقبولة.

وسبق الصيادلة، في الخامس من حزيران/يونيو الماضي،أن قامت وزارة الاتصالات والتقانة باستثناء المهندسين أصحاب المكاتب الهندسية التي تجاوزت مدة افتتاحها 10 سنوات من الدعم الحكومي، وبحسب البيان فإن القرار تم اتخاذه بناء على البيانات الواردة من نقابة المهندسين.

وأيضا، وبحسب متابعة “الحل نت”، قامت الوزارة، في الثالث عشر من الشهر نفسه، بإصدار تعميم يستبعد المحامين أصحاب مكاتب وشركات المحاماة، التي تجاوزت مدة افتتاحها 10 سنوات من الدعم، وفقا للبيانات الواردة من نقابة المحامين.

وكان نقيب المحامين السوريين، الفراس فارس، كشف عقب صدور التعميم عن استثناء 15 ألف محام من الدعم الحكومي، مشيرا إلى أن النقابة كانت تتوقع أن يتم استثناء 30 بالمئة فقط من هؤلاء المحامين المستبعدين.
وأشار فارس، إلى أن النقابة، ستحاول البحث عن موارد خاصة للنقابة لتغطية الحالات التي بحاجة إلى دعم، مبينا أن الاستثناء شمل محامين في فروع الرقة ودير الزور وإدلب.

إقرأ:بعد رفع الدعم عن المواد الأساسية.. هل تدعم حكومة دمشق التسول؟

الأطباء تحت رفع الدعم

في شهر تموز/يوليو الماضي، أصدرت وزارة الاتصالات والتقانة، بيانا تضمن استبعاد الأطباء ممن مضى على ممارستهم مهنة الطب لمدة تجاوزت عشر سنوات من الدعم الحكومي وفقا لبيانات نقابة الأطباء.

ونقل تقرير لـ”الحل نت”، عن غسان فندي نقيب الأطباء في سوريا، أنه تم استبعاد نحو 8 آلاف طبيب من الدعم من أصل نحو 27 ألف طبيب، وأن الذين تم استبعادهم هم من الأطباء الاختصاصين الذين مضى أكثر من 10 سنوات على مزاولتهم للمهنة ولديهم عيادات خاصة.

من الجدير بالذكر، أنه حسب خبراء اقتصاديين، فإن رفع الدعم عن شرائح من المجتمع السوري كانت تحمل البطاقة الذكية سابقا، وبيعها السلع بأسعار السوق هي جريمة إفقار لهم، لأن نحو 90 بالمائة من السوريين داخل سوريا يعيشون تحت خط الفقر حسب بيانات المنظمات الدولية.

وكان الباحث الاقتصادي معتصم عبد الحليم، أكد في وقت سابق لموقع “الحل نت”، أن قرار رفع الدعم الأخير سيقضي على الطبقة المتوسطة في المجتمع السوري، ويحولها إلى طبقة فقيرة جائعة تبحث عن “لقمة الخبز”، مضيفا، أن قرار رفع الدعم سيؤدي أيضا إلى رفع الأسعار، وأن متوسطي الدخل بعد رفع الدعم منهم، سيلجأون إلى رفع أسعار منتجاتهم لتعويض ما حُرموا منه، وبالتالي رفع الأسعار على الجميع، الحكومة أقرت بفشلها فعليا عبر هذا القرار.

قد يهمك:قرار حكومي جديد يدعم نفوذ إيران في الاقتصاد السوري

كما توقع عبد الحليم توسع شريحة المستبعدين من الدعم لتشمل عائلات أخرى وإضافة معايير أخرى من قبل الحكومة، مبينا أن القرار سيخلق حالة من الطبقية بين المجتمع بين مستبعد وغير مستبعد، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على رفع الدعم بالتدريج وسحق المواطن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.