قمة عربية خماسية عقدت بمدينة العلمين، شمال غربي مصر، مساء أمس الإثنين، بمشاركة قادة مصر، ودولة الإمارات والبحرين والعراق والأردن، وتأتي هذه القمة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ضمن إطار التنسيق، والتشاور المستمر بين هذه الدول، بما يخدم العلاقات المشتركة، ويدفعها إلى مستوى متقدم، لمواجهة مختلف التحديات الدولية والإقليمية الراهنة، لا سيما الأحداث الجارية في دول شرق الأوسط بالإضافة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاساته العالم.

ملفات اقتصادية

عددا من الملفات البارزة مثل أساس المباحثات بين القادة العرب ومن بينها التأكيد على دعم مصر في الحفاظ على أمنها المائي، وتعزيز التعاون الدفاعي العربي المشترك، وفق مصادر دبلوماسية مصرية صرحت لقناة “العربية”.

ويوم الأحد الفائت، وصل رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى مدينة العلمين، حيث بحث مع نظيره المصري “تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه القضايا الدولية والأمن الإقليمي، والأوضاع الراهنة بالمنطقة العربية”.

فيما وصل مدينة العلمين، يوم أمس الإثنين، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وملك البحرين حمد بن عيسى ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لحضور القمة الخماسية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، إن السيسي “رحب بزيارة ضيوف مصر الكرام في لقاء أخوي خاص”، وأضاف المتحدث الرئاسي أن اللقاء “شهد تبادل وجهات النظر بين الزعماء بشأن تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، والاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التعاون بينهم”.

ووفق تقارير صحفية، فقد بحثت القمة، التي استضافتها مدينة العلمين على الساحل الشمالي، سبل تعزيز التعاون المشترك بين الدول الخمس وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وعلى رأسها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، لا سيما فيما يخص موضوع الطاقة والأمن الغذائي.

قد يهمك: قمة عربية خماسية في مصر.. ما أهدافها؟

أبعاد إقليمية

كما تم التأكيد من خلال المباحثات على أهمية تعزيز العمل المشترك، ووحدة الصف العربي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة عموما، ومن أجل توحيد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلول دائمة للأزمات في دول المنطقة تسهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها وتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبها.

من جهته رأى المحلل السياسي العراقي وأستاذ العلاقات الدولية، علاء مصطفى، أن “تواجد العراق في هكذا تجمعات إقليمية ذات أبعاد اقتصادية تتعلق بالطاقة تمثل خطوة اتجاه اكتساب المزيد من الإمكانيات، والخبرات، والانتفاع من خبرات الدول في هذا المجال“.

أستاذ العلاقات الدولية، قال في حديث سابق لموقع “الحل نت“، إنه “بذلك يمكن أن يكون العراق رائدا في مجال الطاقة، كما أن حضوره الإقليمي والدولي ينعكس بفائدة كبيرة على العراق، خاصة إذا ما طبقت مخرجات تلك التجمعات التي يمكن أن تصدر برغبات وأمزجة إقليمية وسياسية محلية“.

إضافة إلى ذلك وفقا لاعتقاد مصطفى، “يمكن للعراق من خلال تواجده في هذه القمة الاستفادة من الموارد المصرية البشرية وغيرها، والتي تحاول أن تكون إحدى مصادر الطاقة في العالم، لاسيما وأن الوقت الحالي يسمح بصعود قوى جديدة في مجال الطاقة لما تسببت به الأزمة العالمية، وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام العراق، كدولة يمكنها ممارسة دورها المحوري في استثمار موارده من الغاز والنفط وحتى الطاقة الشمسية“.

ولفت، إلى أن “هذه القمة تعد جزء من سلسلة قمم سابقة جمعت ذات الأطراف، وهي في الأصل تسعى إلى تقوية الأواصر العربية في المنطقة، وخلق محور اقتصادي متكامل يمتلك الموارد والعقول الكافية والأيدي العاملة“، مردفا أن “وجود العراق في هذه المحافل كلاعب أساسي سيساهم بشكل كبير في إعادته إلى الحضن العربي، وحجمه الطبيعي، الذي ابتعد عنه في السنوات السابقة نتيجة الظروف غير المستقرة والتجاذبات“، على حد تعبير مصطفى.

كما تم التطرق لعدد من قضايا المنطقة، منها “القضية الفلسطينية، والأوضاع في العراق وليبيا واليمن، وضرورة التوصل لحل سياسي للملف السوري، وكذلك استمرار أزمة سد النهضة، والتكامل الصناعي”، وفق البيانات الرسمية المصرية والعراقية.

وكان الرئيس المصري، ونظيره الإماراتي عقدا يوم الأحد الفائت، جلسة مباحثات ثنائية في مدينة العلمين لمناقشة “فرص توسيع التعاون؛ خصوصا في المجالات الاقتصادية والتنموية”.

وأفاد متحدث الرئاسة المصرية، أمس، إن اجتماع رئيسَي مصر، والإمارات شهد “التأكيد على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك، ووحدة الصف العربي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، ومن أجل توحيد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلول دائمة للأزمات في دول المنطقة، تسهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها، وتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبها”.

من جانب آخر، اصطحب الرئيس المصري قادة الدول الزائرين لافتتاح مشاريع اقتصادية في مدينة العلمين الجديدة، من بينها افتتاح فندق ريغال هايتس الاستثماري، ومرافقه السياحية.

اجتماعات سابقة

قمة العلمين تأتي بعد نحو شهر من قمة عربية أميركية استضافتها السعودية، بمشاركة الدول ذاتها إضافة إلى قادة عرب آخرين وبحضور الرئيس الأميركي جو بايدن.

كما وسبق قمة العلمين اجتماعات أخرى للزعماء العرب، ففي آذار/مارس الماضي، عقدت قمة ثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في منتجع شرم الشيخ، في البحر الأحمر، آنذاك. ووصف هذا الاجتماع من قبل بعض المتابعين، على أن القمة تشكل تأسيسا جديدا لتحالف “عربي-إسرائيلي”، وسبل الاستفادة من الشراكة مع إسرائيل في موضوع الأمن الإقليمي.

ثم عُقد، بعده بأيام معدودة اجتماع رباعي بين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي في العقبة جنوب الأردن.

وقالت قناة “المملكة”، الرسمية وقتذاك أن العاهل الأردني عقد الجمعة “لقاء تشاوريا” مع محمد بن زايد، والسيسي، والكاظمي في العقبة على البحر الأحمر. ويبدو أن هناك ملفات ضرورية ومشتركة أفضت إلى عقد هذه اللقاءات دون إعلان سابق.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان آنذاك: إن الكاظمي بحث في العقبة مع العاهل الأردني، والرئيس المصري، وولي عهد أبوظبي تعزيز العمل العربي المشترك في مختلف المجالات.

وأشار البيان السابق إلى أن اللقاء ناقش سبل التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية في قطاعي الأمن الغذائي والطاقة، كما بحث التنسيق العالي وتوسيع التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري “بما يحقق مصالح الشعوب الشقيقة في الازدهار والتنمية”. إضافة إلى التطرق إلى الأزمات الدولية والإقليمية، وتعزيز الجهود في وضع الحلول لها من أجل أمن المنطقة واستقرارها.

إذاً، اجتماعات غير مسبوقة عقدت وربما لاحقا تقعد اجتماعات أخرى في خضم التطورات السياسية الدولية والإقليمية التي تحصل حاليا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتزامن مع أنباء احتمالية إتمام الاتفاق النووي الإيراني في فيينا، الأمر الذي نتج عنه عدة تحركات لعدة دول في الوطن العربي والشرق الأوسط وأبرزهم، مصر والإمارات والأردن.

قد يهمك: توسع النفوذ الصيني في العراق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.