بينما تشهد الأسواق السورية ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، وبالتوازي مع فشل حكومة دمشق، وتحديدا وزارة التموين في إيجاد آلية ناجحة لضبط الأسعار، فإن وزارة التجارة الداخلية السورية، بصدد إضافة مادة جديدة إلى “البطاقة الذكية”، الأمر الذي يُرجّح برفع الأسعار مجددا في الأسواق بسوريا. خصوصا أن نسبة كبيرة من المواطنين تَعتبر هذه الإجراءات تعبيرا عن عجز الحكومة عن توفير مستلزمات الحياة المعيشية، فضلا عن إرهاق المواطنين بمثل هكذا أساليب للحصول على احتياجاتهم اليومية، إضافة إلى انتشار الفساد، والاتجار بهذه المواد الموجودة على “البطاقة الذكية” مما يزيد المعاناة وارتفاع أسعار هذه المواد بشكل تدريجي.

إضافة مادة “البرغل”

في إطار إدخال مواد غذائية جديدة على “البطاقة الذكية”، أفاد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، أن هناك توجها لتأمين مواد جديدة لإضافتها عبر البطاقة، وهي مادة “البرغل” التي ستباع بسعر مدعوم، وهناك سعي لتأمين البقوليات، والتونة، والسردين، والمعكرونة.

وأكد الوزير، سالم، توفر كافة المواد الأساسية في الأسواق، مبررا ارتفاع الأسعار، بأنه “عالمي” ويتأثر بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وفق ما نقله موقع “أثر برس” المحلي، اليوم السبت.

وزعم الوزير سالم، “إن سوريا تتأثر بارتفاع الأسعار العالمية بالنسبة للمواد المستوردة، وحتى المنتجات المحلية من لحوم وفروج، والمنتجات الزراعية لأن معظم الأعلاف، والسماد، والمبيدات مستوردة وتتغير بتغير أسعارها، وأجور شحنها والتأمين عليها”.

وكشف الوزير، سالم، عن أنه سيتم استيراد الزيت النباتي خلال الفترة المقبلة من روسيا، مع القمح لتوفيره في السوق بالسعر المناسب. وهو ما ينذر أيضا بارتفاع جديد لهذه السلع مع استيرادها قريبا، خاصة وأن استيراد أي سلعة غذائية في سوريا يزيد سعرها بحجة استيرادها بالعملة الأجنبية.

وعلى الرغم من الاستقرار في الآونة الأخيرة لأسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي، والتي كانت قد ارتفعت بُعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوقف سلاسل التوريد العالمية، والتي عادت مؤخرا بعد اتفاق استئناف تصدير الحبوب، لكن، في سوريا بقيت الأسعار تميل للارتفاع بشكل مستمر دون وجود أي مبرر لذلك.

وحول أسباب ارتفاع الأسعار، بيّن الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، لـ”الحل نت”، إن الفساد، هو أحد أهم الأسباب لارتفاع الأسعار في سوريا، فجميع التجار يدفعون رشاوى طائلة للمسؤولين والحواجز الأمنية، لكي تمر بضائعهم بين المحافظات ومن المعابر و المرافئ البرية والبحرية والجوية، وهذه الرشاوى تضاف إلى الرسوم التي تفرضها الحكومة سواء كانت رسوما جمركية أو ضرائب، وبالنتيجة فإن المواطن سيتحمل هذه الرسوم، والضرائب، والرشى بشكل إضافة على الأسعار.

الأسعار في سوريا آخذة بالارتفاع دون مبرر اقتصادي، فالإجراءات والقرارات التي تُتخذ محليا لا مثيل لها في العالم مما جعل من سوريا واحدة من أغلى دول العالم بالمعيشة، معتبرا أن ما يجري، هو “أزمة إجراءات” تصدر بهدف معين لتعطي نتائج معاكسة على مختلف القطاعات، وكمثال على ذلك قرارات تجفيف السيولة مقابل تثبيت سعر الصرف، نجحت نظريا بتثبيت السعر الرسمي، إلا أن أسعار السلع بمختلفها ترتفع تقريبا 25 بالمئة، تحسبا لأية ارتفاعات بسعر السوق السوداء.

وفي هذا السياق، رأي سليمان في حديثه السابق، أن الحكومة تعاني من عجز في تمويل نفقاتها، وهذا العجز واضح، فالفساد وهدر وسرقة المال العام أحد أهم الأسباب للعجز وبالدرجة الثانية تمويل الحرب.

لذلك تسعى حكومة دمشق لتغطية العجز هذا، بالضرائب ورفع الرسوم الجمركية وابتزاز المواطن، ولا إجراءات حكومية ايجابية في هذا السياق، وبالإضافة لذلك فإن التحكم في سعر صرف الدولار ينعكس على كلفة هذه البضائع أضعاف مضاعفة مقابل الحفاظ على مخزون استراتيجي من العملة الصعبة حسب ادعاءات البنك المركزي، وهذا عار عن الصحة لأن فرق سعر الصرف يدخل جيوب المسؤولين لا البنك المركزي، بحسب سليمان.

وبالعودة إلى التقرير المحلي، الذي نُشر اليوم السبت، أن أسواق دمشق تعيش حالة من الاحتكار وانفلات الأسعار، إذ تختلف الأسعار بين ليلة وضحاها، ما دفع أصحاب المحال، وبسطات الخضار لإزالة يافطات الأسعار عن بضائعهم ومحتويات بسطاتهم من الخضار والفواكه، والتحكم بالسعر وفقا لرغباتهم دون حسيب ولا رقيب.

قد يهمك: بين الإندومي والفروج.. السوري ممنوع من الأكل؟

الدفع الإلكتروني

في سياق متّصل، أشار الوزير، سالم، لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم السبت، إلى أن تجربة الدفع الإلكتروني عبر البطاقة ستعمم على جميع صالات السورية للتجارة، وقد تم تحويل القروض الخاصة بالقرطاسية، والأدوات الكهربائية، والسجاد إلى البطاقة مباشرة ليجري اقتطاع الأقساط الشهرية عبرها.

كما وفي وقت سابق أشارت وزارة التجارة الداخلية، إلى أنه سيتم إطلاق مشروع منصة إلكترونية للأسعار ومنصة للشكاوى قريبا، ونظام الفوترة، التي سيتم إطلاقه سيكشف مصدر الخلل، وتتم من خلاله الملاحظة من الضبوط أن هناك من يقوم بحجب السلع ورفع السعر، وذلك نقلا عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

وبالتالي، فإن المنصة تعمل وفق مبدأ الشكاوى الشفهية بحق التجار الذين يقومون برفع الأسعار، حيث وجهت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إنذارا عبر صفحتها على “فيسبوك”، مؤخرا، إلى جميع المستوردين وتجار الجملة الذين يصدرون فواتير وهمية، وهم بالأساس يتقاضون أسعارا مرتفعة، بأن يتوقفوا عن ذلك فورا ويتقيدوا بالأسعار التموينية الموضوعة من الوزارة بناء على بيانات التكلفة التي هي بالأساس مقدمة من قبلهم.

نظام “البطاقة الذكية”

الحكومة السورية، كانت قد أصدرت “البطاقة الذكية”، قبل نحو عامين للعائلات في سوريا ولبعض القطاعات الخدمية العامة والخاصة، لتوفير بعض المواد الخدمية، والغذائية بسعر حكومي مدعم.

الأمر الذي أثار جدلا كبيرا، ووجهت انتقادات واسعة للحكومة السورية، حيث اعتبر هذا الاجراء من جهة تعبير عن عجز الحكومة توفير مستلزمات الحياة، ومن جهة أخرى دليل على تأزم اقتصاد البلاد بشكل كبير، فضلا عن إرهاق المواطنين بمثل هكذا أساليب للحصول على الاحتياجات اليومية.

وتدعي الحكومة أن مشروع “البطاقة الذكية”، الخاص بها يهدف إلى أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد، والخدمات على العائلات، من أجل منع تهريب هذه المواد والاتجار بها، مع العلم أن الفساد والاتجار بهذه المواد، بات يحدث أكثر من قبل إصدار ما يسمى “البطاقة الذكية”.

وتخصص الحكومة كمية محددة لبعض المواد مثل الوقود ومادة التدفئة (المازوت) ومواد غذائية مثل السكر والأرز والشاي بالسعر المدعوم لحاملي البطاقات الذكية. أما في حال احتاج المواطن للمزيد من هذه المواد، فبمقدوره شراؤها بسعر التكلفة الحر من السوق السوداء، والذي يبلغ قيمته لضعف السعر المدعم. وفي كثير من الأحيان المواد غير متوفرة في المؤسسات الحكومية والمعتمدة، وبالتالي يضطر المواطن للشراء من السوق السوداء بأضعاف سعره.

يشار إلى أنه مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، أصدرت حكومة دمشق قرارا استبعدت فيه نحو 600 ألف عائلة، من الدعم الحكومي المقدم سابقا، وبيعها بعض المواد الغذائية الأساسية، والمشتقات النفطية بأسعار محررة وغير مدعومة، وهو ما أثار استياء، ورفضا واسعين لدى السوريين.

قد يهمك: “المتسوّق السري“.. طريقة جديدة لمراقبة الأسعار في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.