يبدو أن كوريا الشمالية تتحرك لبيع ملايين الصواريخ وقذائف المدفعية التي من المحتمل أن يكون الكثير منها من مخزونها القديم، إلى حليفتها في الحرب الباردة روسيا، ما يظهر يأس عجزها في تحقيق نصر على المستوى العسكري بعد قرارها غير المدروس في غزوها لأوكرانيا.

صواريخ “بيونج يانج” إلى روسيا

في الأسبوع الماضي، قال مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لوسائل إعلامية، إنه تم تسليم الشحنات الأولى من الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع إلى روسيا، في حين ألقت وسائل الإعلام خلال اليومين السابقين، الضوء على تقارير تفيد بشراء روسيا أنظمة صاروخية من كوريا الشمالية، ما يثير تساؤلات حول أهداف الصفقة.

ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلا عن المخابرات الأميركية، أن موسكو تشتري ذخيرة مدفعية من كوريا الشمالية، وذلك في أعقاب تقارير تفيد بأن الجيش الروسي، بدأ في استخدام طائرات مُسيرة إيرانية الصنع.

وقال مسؤولون في الحكومة الأميركية للصحيفة، الاثنين الفائت، إن عمليات الشراء أظهرت أن العقوبات بدأت في التأثير على قدرة روسيا على الاستمرار في اجتياحها لأوكرانيا، والذي وصفته موسكو بأنه “عملية عسكرية خاصة”.

وأفاد تقرير الصحيفة، بأن المعلومات الاستخباراتية، التي رُفعت عنها السرية في الآونة الأخيرة لم تقدم أي تفاصيل حول ما تم شراؤه، باستثناء القول، إن الأشياء التي اشترتها روسيا من كوريا الشمالية تضمنت قذائف مدفعية وصواريخ.

من جهته، ذكر موقع “نيوزويك” الأميركي، إن السبب الرئيسي لشراء موسكو أنظمة صواريخ من نوع، “كي إن 25” الكورية، جاء بعد فشل القوات الروسية في التصدي لنظام “هيمارس” الأميركي الذي تزودت به القوات الأوكرانية خلال الصيف، واستخدمته كييف في القتال ضد الجيش الروسي.

ما هي الأسلحة التي يمكن أن ترسلها كوريا الشمالية؟

كوريا الشمالية تمتلك برنامجا عسكريا للأسلحة النووية، واعتبارا من أوائل عام 2020، يقدر أن لديها ترسانة من حوالي 30 إلى 40 سلاحا نوويا وإنتاجا كافيا من المواد الانشطارية لإنتاج ستة إلى سبعة أسلحة نووية سنويا. كما قامت كوريا الشمالية بتخزين كمية كبيرة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

في تقرير لوكالة “رويترز”، أمس الأربعاء، ذكر المنسق السابق للجنة خبراء الأمم المتحدة التي تراقب العقوبات على كوريا الشمالية، هيو غريفيث، أن “لدى الكوريين الشماليين مخزون هائل من أنظمة المدفعية والصواريخ البدائية نسبيا، وبعضها من نفس النوع والعيار الذي يستخدمه الروس لقصف المدن والبلدات الأوكرانية”.

من جهته، قال بروس بيكتول، الأستاذ في جامعة ولاية أنجيلو في تكساس، إن من بين الأسلحة الأكثر احتمالا وصولها لموسكو، هي صواريخ “كاتيوشا” عيار 107 ملم، وقاذفات صواريخ 122 ملم، وقذائف مدفعية 155 ملم أو 122 ملم، أو ذخيرة أسلحة صغيرة أخرى للمدافع الرشاشة أو البنادق الآلية.

وأشار بيكتول، إلى أن كل ما تصنعه كوريا الشمالية، هو في الأساس نسخة من الأنظمة السوفيتية القديمة، مبيّنا أنه “إذا كانت روسيا تتخطى جميع مصادر سلسلة التوريد الأخرى لتذهب إلى كوريا الشمالية، فإما أن الوضع أسوأ بكثير للجيش الروسي مما كان يعتقده أي شخص، أو أنها تستعد لهجوم كبير يتطلب إمدادات إضافية”.

ونوه بيكتول، إلى إن الصفقة المحتملة التي وصفها مسؤولون أميركيون بأنها ستكون كبيرة بالنسبة لكوريا الشمالية، لكنها لن تكون غير مسبوقة، مضيفا “لقد باعوا كميات هائلة من الذخيرة لكل من سوريا، وإيران، ولـ”حزب الله” اللبناني منذ عام 2011″.

وقال بيكتول، لأن الاتفاق سيكون انتهاكا للعقوبات، وبالتالي قد تكون السفن عرضة للمصادرة أثناء وجودها في البحر، فمن المرجح أن ترسل كوريا الشمالية الأسلحة إلى روسيا عن طريق السكك الحديدية عبر حدودها المشتركة.

ما المقابل؟

في مقابل منظومة الصواريخ والأسلحة التي ذكرت أنفا، من المرجح أن كوريا الشمالية تريد الغذاء والوقود ومكونات الطائرات الحربية وغيرها من المواد من روسيا.

وقال محللون، إن كوريا الشمالية تجد صعوبة في شراء مثل هذه السلع من الخارج بموجب عقوبات الأمم المتحدة التي فرضت عليها بسبب برنامجها النووي.

وبيّن المحلل في معهد “أسان” للدراسات السياسية في كوريا الجنوبية، يانج أوك، أنه من الممكن أن ترغب كوريا الشمالية للحصول على تقنيات أسلحة روسية متقدمة من شأنها أن تعزز جهودها لبناء صواريخ أكثر قوة وعالية التقنية تستهدف الولايات المتحدة وحلفائها.

كما رجحت التقارير، أن كوريا الشمالية تنوي الاستفادة من الصفقة على شكل تحويلات نقدية من روسيا، أو ربما مزيد من التساهل الروسي في عدم فرض عقوبات أخرى على بيونغ يانغ، بما في ذلك نقل المواد اللازمة لنمو برامج الصواريخ في كوريا الشمالية.

الجدير ذكره، أن الجيش الروسي يواجه أزمة كبيرة في أوكرانيا، لا سيما بعد مقتل العديد من أفراده، وتراجع قواته إلى ما دون المعلن عنها من الخطة الروسية، ما حتّم على القيادية الروسية طلب المزيد من الأسلحة من الصين وإيران، في حين أكد رئيس أركان الجيش الأوكراني، فاليري زالوجني، أمس الأربعاء، للمرة الأولى بتنفيذ ضربات صاروخية استهدفت في آب/أغسطس الفائت، قواعد روسية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، والتي أدت إلى تدمير ذخيرة سلاح الجو الروسية، مهددا بمواصلة هذا النوع من العمليات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.