بحذر شديد وترقب، يتابع الشارع العراقي ما ستؤول إليه الأوضاع بعد هدنة المعركة السياسية، إثر الأزمة التي عقبت استقالة أعضاء التيار الصدري من البرلمان، والتبعات التي نتجت عنها، لاسيما في ظل دخول “الذكرى الأربعينية” في مدينة كربلاء (جنوبي العاصمة بغداد) والتي تبلغ ذروتها يوم السبت المقبل 17 أيلول/سبتمبر. في وقت تتصاعد فيه الأحداث بين “الإطار التنسيقي” المتزمت برأيه لتشكيل حكومة جديدة، وبين “التيار الصدري” المطالب بحل البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، حيث رجح بعض المحللين السياسيين، بوجود بعض الحلول المقنعة لحل الأزمة، بينما يرى البعض الآخر، أن العراق ذاهب إلى منحدر خطير للغاية.

“متظاهرو تشرين” يرفضون الحكومة الموالية لإيران!

في ظل تأكيد رفضهم التام بتشكيل حكومة سياسية بنفس الوجوه السابقة، “متظاهرو تشرين”، يرفعون مطالبهم ويلوحون بتظاهرة كبرى، بعد “زيارة الأربعين” المقبلة، تشرين موجودة أينما وجد الفساد، يقول ضرغام محمد، أحد المتظاهرين، في حديثه لـ “الحل نت”، ويتابع، لنا موعد قريب في اليوم الأول من تشرين، وستصبح المنطقة الخضراء “منطقة حمراء”.

التظاهرة سلمية والهدف منها القضاء على الوجوه الفاسدة، وإجراء انتخابات جديدة، لفسح المجال للشخصيات الكفؤة لإنقاذ البلد من الخراب، كما يرفض “متظاهرو تشرين” تشكيل حكومة موالية لإيران، فنحن نريد حكومة عراقية وطنية بعيدة عن الأحزاب والمحاصصة التي شاركت في العملية السياسية منذ عام 2003 وساهمت في هدر دماء العراقيين.

“اللجنة المركزية للاحتجاجات في العراق”، بدأت استعدادها للخروج بتظاهرات جديدة لم تعلن عن موعدها بعد، حيث نقل موقع جريدة “الاتحاد” الإماراتية، تصريحا لعضو اللجنة هاشم الجبوري، أنهم يعملون على التحشيد لتظاهرات جديدة رافضة للعملية السياسية برمتها، معتبريها، ميتة سريريا، بحسب تعبيره، اليوم الأربعاء.

“اللجنة المركزية للاحتجاجات في العراق”، وكمتظاهرين، يستعدون لتظاهرات ضد النظام السياسي؛ كونه أصبح متهالكا، ومطلبهم تفعيل قانون الأحزاب، وشمول الأحزاب بقانون المساءلة والعدالة لاسترجاع الأموال المنهوبة، ومحاسبة المتورطين بالدم العراقي، بحسب الجبوري.

مخاوف كبيرة ومنزلق خطير

العراق أمام منزلق خطير وهاوية سحيقة، يقول الكاتب السياسي، ورئيس “المرصد العراقي للحريات الصحفية”، هادي جلو مرعي، خلال حديثه لـ ” الحل نت “، إن الجميع يفكر نحو الصدام والمواجهة، حتى الآن لا يوجد أي تراجع أو تنازل، لذلك فأن الخطورة كبيرة، ولا سيما أن جميع الأطراف لديها الفائض من القوة والمال والرجال والسلاح.

الحلول التي تساهم في تهدئة الشارع العراقي، بحسب مرعي، هي حل البرلمان العراقي أو إجراء انتخابات مبكرة، لإقناع “الكتلة الصدرية” بالمجيء إلى طاولة الحوار لحقن الدم العراقي، ومنع العراق من الذهاب إلى الهاوية والصدامات المتعددة.

حالة من السخط الشعبي، تسود العاصمة العراقية بغداد مؤخرا، بعد بناء السلطات بوابات حديدية على الجسور المؤدية إلى المنطقة الرئاسية الخضراء، حيث يعزو صحفيون وناشطون عراقيون بناء هذه البوابات، إلى أن السلطات تريد منع وصول مظاهرات جديدة إلى المنطقة الخضراء الشهر المقبل الموافق للذكرى الثالثة لاحتجاجات تشرين أول/أكتوبر 2019، وحتى لا تتكرر مآسي احتجاجات أتباع “التيار الصدري” هناك الشهر الماضي.، بحسب موقع “الغد”.

الاحتجاجات المعروفة محليا بـ “احتجاجات تشرين”، و”ثورة تشرين”، اندلعت في صورة شعبية بعيدة عن الطائفية، وطالبت بإنهاء النظام السياسي القائم على المحاصصة والطائفية، ورفضت التدخل الخارجي في شؤون العراق.

قد يهمك: لأول مرة.. مظاهرات ضد إيران من مرقد الحسين في العراق

المئات قُتل في هذه الاحتجاجات، والتي استمرت أشهرا، وتسببت في استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وإعلان عقد انتخابات مبكرة تمت في تشرين أول/أكتوبر 2021، لكن يرى عراقيون أنها لم تحقق أهدافها كاملة، ويحيون ذكراها باحتجاجات جديدة كل عام.

محاولات إقناع” الكتل الشيعية “والمستقبل مجهول!

الشعب العراقي ينتظر من الكتل السياسية حلحلة الأزمة، وتشكيل الحكومة، لذلك فإن تعطيل الجلسات النيابية، لا تصب في مصلحته، بحسب حديث، النائب التركماني، غريب عسكر، لـ “الحل نت”، والذي طالب الكتل الشيعية، وبالتحديد “التيار الصدري” بالتوصل إلى اتفاق، لحل الأزمة السياسية، وأنه سيكون هناك حوار وجلوس على الطاولة للاتفاق السياسي، بشأن تشكيل حكومة قوية لخدمة الشعب بعد الانتهاء من “الزيارة الأربعينية”.

فيما كشف عضو “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، صبحي المندلاوي، في تصريح خاص له لإحدى الوسائل الإعلامية، تابعه “الحل نت”، أن رئيس “كتلة الفتح” هادي العامري، سيكون ضمن الوفد الذي سيزور “الحنانة”، ويلتقي بزعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بعد “الزيارة الأربعينية”، في محاولة منه التوصل إلى اتفاق سياسي.

أيادي خفية تشعل نار الفتنة

هناك قدرة على حل المشكلة وتهدئة الأوضاع السياسية الأخيرة، وذلك بعد الانصياع لمن يحاول زعزعة البلد، بحسب حديث، الباحث في الشأن القانوني عبد السلام حسن، لـ “الحل نت”.

أيادي خفية عراقية مقربة من الطرفين، تريد أن تشعل نار الفتنة لمصالحها الشخصية وبإرادة خارجية واضحة المعالم، وأن هنالك بعض الحلول المقنعة، التي ستهدأ الوضع السياسي بعد الانتهاء من “الزيارة الأربعينية”، ولكن لا شيء مضمون في الساحة العراقية والجميع ينتظر ماذا سيحدث، وفق حسن.

إلى أين يتجه العراق؟

“معهد الشرق الأوسط” الأميركي، قدم في 9 أيلول/سبتمبر الجاري، صورة متشائمة حول المأزق العراقي الحالي، معتبرا أنه بالرغم من تراجع البلاد عن حافة الحرب الأهلية، بعد اشتباكات “المنطقة الخضراء”، إلا أن اقتراب نهاية “ذكرى الأربعينية”، والشكوك في نتائج “الحوار الوطني” برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورفض القوى السياسية التنازل والتسوية، بإمكانها أن تدفع العراقيين نحو الاقتتال مجددا.

وبعد الإشارة إلى الاشتباكات التي جرت في 29 آب/أغسطس الماضي، بين قوى “الإطار التنسيقي” و”التيار الصدري” بعد إعلان مقتدى الصدر، انسحابه النهائي من السياسة، وإغلاق غالبية مؤسساته، قال التقرير الأميركي الذي ترجمته وكالة “شفق نيوز”؛ أن العراقيين أمضوا تلك الليلة، وهم يفكرون في أن البلد كان ينحدر نحو حرب أهلية بين الشيعة.

التقرير لفت أيضا إلى أن هذا العنف الطائفي، استقطب انتباه الولايات المتحدة، مشيرا إلى اتصال الرئيس الأميركي، جو بايدن؛ بالكاظمي وتأكيده على الحوار، وإلى زيارة المسؤولة الأميركية، باربرا ليف، إلى كل من بغداد وآربيل والتي نقلت الرسالة نفسها، مبينا إن المرجعية الشيعية، برهنت في العديد من المناسبات على عدم استعدادها لأن تتوسط في النزاعات السياسية، وأن تدخلها يحدث عندما تتسبب مثل هذه النزاعات بتهديد السلام الأهلي، وإجبار كافة الأطراف على الابتعاد عن حافة الهاوية.

اقرأ أيضا: مظاهرات العراق.. دعوات للحوار وفرنسا وبريطانيا تشجعان

ما هو محتمل الآن أن فترة ما بعد “ذكرى الأربعين”، قد تشهد زيادة في العنف الطائفي، بحسب التقرير، بما في ذلك حملة من الاغتيالات المتبادلة لتصفية حسابات قديمة، وزيادة التكاليف التي يتحملها خصومهم في حال استمرار هذا الجمود، ثم اشار التقرير إلى جلستي الحوار اللتين عقدهما الكاظمي حتى الآن بمقاطعة الصدر لهما، متسائلا “إلى أين يتجه العراق”، قبل أن يجيب أن المناخ السياسي لا يزال متوترا، مع استعداد كلا الطرفين المتنافسين للجوء مجددا إلى السلاح، وأن كلاهما عالق حاليا في طريق مسدود، حيث لا يستطيع أيا من الطرفين فرض حل لإنهاء الصراع السياسي في العراق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.