خلال حملتها الأخيرة التي أطلقتها في آب/أغسطس الفائت تحت مسمى “الإنسانية والأمن” بداخل مخيم “الهول” شرقي مدينة الحسكة (شمال شرقي سوريا). عزلت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أطفال عوائل تنظيم “داعش” الإرهابي ممن تراوحت أعمارهم 13 عاما وما فوق عن أمهاتهم.

حماية الأطفال

عملية الفصل هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بحسب المراقبين للوضع لاسيما وأن عمليات العزل تتم مع كل حملة تنفذها “قسد” في المخيم الذي تديره الإدارة الذاتية. فقد سبقتها عدة عمليات إبعاد للأطفال عن المخيم لأسباب، تعزيها الصحفية والباحثة في شؤون الجماعات الإرهابية، لامار اركندي، خلال حديثها لـ “الحل نت” بأنها لحماية هؤلاء الأطفال من تحرش نساء “داعش” بهم بداخل المخيم، موضحة ذلك أنه بعد انتهاء المعارك مع التنظيم في الباغوز(آذار/مارس 2019) وحجز عوائلهم في مخيم “الهول”، واعتقال مقاتليه وخلاياه النائمة في السجون خلال الحملات الأمنية التي قادتها “قسد”. كل ذلك قلل عدد الرجال داخل المخيم ممن تمارس معهم “الداعشيات” ما يسمى بـ “جهاد النكاح” والذي يضمن للتنظيم إنجاب المزيد من المقاتلين المستقبليين من “أشبال الخلافة”. فارتأت النسوة وخاصة نساء “الحسبة” إلى فكرة وطء الأطفال الذكور البالغين من سن 13 عام وما فوق، وإجبارهم على ممارسة الجنس معهن، لظهور جيل جديد من الإرهابيين لكن هذه المرة من أباء أطفال.

حالات عديدة في المخيم سُجلت عن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي والاغتصاب، والتهديد من قبل هذه النسوة في حال رفضهم أوامرهن، حيث احتجزن أطفالا في خيمهم لفترات حتى يحبلن، بحسب اركندي. حيث كشفت عن استنجاد بعض الأطفال بالقوات الأمنية داخل المخيم.

قد يهمك: طفل من مخيم الهول

بعد عام من تحرير الباغوز سجلت حالات حمل داخل المخيم لـ “داعشيات”، تبين بعد متابعة الأمر من قبل إدارة المخيم أنهن أنجبن أطفالا من أباء أطفال، حيث قررت الإدارة الذاتية وأمن المخيم فصل الذكور من هم في سن 13 عام وما فوق عن النساء في المخيم، لحماية الأولاد ومنع استشراء الظاهرة الخطيرة في المخيم.

أطفال يستنجدون

الاعتداءات الجنسية على الأطفال اليافعين من قبل بعض نسوة التنظيم في المخيم، دفع بعدد منهم طلب المساعدة من القوات الأمنية للتدخل لوقف معاناتهم بعد تعرضهم للتهديد بالقتل من قبل تلك النسوة، في حال رفضوا تقديم خدمات جنسية لهم، وفق مصادر خاصة من داخل المخيم (فضلت عدم الإفصاح عن اسمها)، لـ “الحل نت”، حيث تم تسجيل حالات لنساء “داعشيات” أنجبن من أطفال يافعين، وكانت أولى الحالات ولادة طفلة لـ “داعشية” من جنسية عربية قبل عامين دون الكشف عن جنسية الأب الطفل.

 قرار الإدارة الذاتية وكذلك إدارة المخيم بعزل الأطفال عن النساء، هو لحماية الأطفال من التحرش والاغتصاب أولا، وثانيا لإخضاع الأطفال بعد نقلهم لمراكز خاصة لدورات تأهيلية وتدريبية، لتطهير عقولهم من الأفكار الرثة التي تزرعها النساء المتجرعات من إيديولوجية التنظيم. حيث أعدت برامج خاصة سابقا في مراكز إعادة تأهيل سواء داخل المخيم أو مراكز في مدينة الحسكة وغيرها، ومنها مركز هوري في بلدة تل معروف في ريف القامشلي الذي يستوعب ما يقارب الـ 150 طفلا.

عملية العزل شملت ما يقارب 50 طفلا، سبقتها حالات فصل أخرى شملت 37 طفلا تراوحت اعمارهم بين 13 و 16 عاما، وضعوا في مراكز إعادة تأهيل وبإشراف مختصين، وفقا لذات المصادر.

إدارة مخيم “الهول” لديها قوائم بأسماء وأعمار الأطفال، حيث يتم إحصاء أعداد من سيبلغون سن الـ 13 عاما، ليعزلوا بعد إتمامهم السن المحددة لحمايتهم من الاعتداءات الجنسية من قبل نساء “داعش”، وفقا لـلامار اركندي.

مهاجرات يتزوجن الأطفال

في برنامج “وجها لوجه” والذي عرض في وقت سابق من العام الماضي على قناة “العربية الحدث”، حيث حاورت مقدمة البرنامج رولا الخطيب، أحد أطفال “داعش” في شمال شرق سوريا، والذي كشف بدوره عن حجز الأطفال من قبل نساء التنظيم المهاجرات داخل مخيم “الهول”، وإجبارهم على ممارسة الجنس مع أطفال بعمر السادسة عشر بقصد الإنجاب.

الأمر ذاته تحدثت به روكن صالح، (اسم مستعار) ناشطة نسوية عملت مع عدة منظمات إنسانية داخل مخيم “الهول” (ضمن مشاريع خاصة لإعادة وتأهيل نساء وأطفال “داعش” في المخيم) لـ “الحل نت”، مؤكدة حدوث عدة حالات وفاة للأطفال داخل المخيم بعد اغتصابهم من قبل “الداعشيات” ولفترات طويلة، الأمر الذي كشفه عدد من الأطفال اليافعين لإدارة المخيم، فاستوجب التدخل لوقف معاناتهم وفصلهم عن تلك النسوة الخطرات اللواتي يعتبرن إنجاب الأطفال هو نوع من الجهاد، ويرغبن في إنجاب المزيد منهم وتجهيز جيش من “أشبال الخلافة” مستقبلا كمقاتلين، بهدف إحياء التنظيم من جديد، وفق تعبيرها.

غسل أدمغة الأطفال

إيديولوجية تنظيم “داعش” تختلف عن التنظيمات السلفية الأخرى، بحسب حديث الصحفي عصام حافظ، المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، لـ “الحل نت”، فاعتماده على أرحام النساء لإنجاب المزيد من المقاتلين ممن يولدون في بيئة متشبعة من أفكاره وبالتالي يضمن ولاء الأطفال له حتى الموت، وهو يعول أيضا على الأطفال الذين ولدوا في كنف دولته المزعومة أو المولدين الجدد في مخيمات عوائل “داعش” سواء في سوريا أو في العراق للعودة من جديد.

اقرأ أيضا: مخيم “الهول” يشكل تهديداً حقيقياً لشمال شرقي سوريا

الحملات الأمنية التي تطلقها “قسد” داخل مخيم “الهول” على فترات متلاحقة هي في غاية الأهمية، فهم يعثرون دائما داخل بعض الخيم على كتب عن شريعة “داعش” تدرس للأطفال، وهي تثمن دور “أشبال الخلافة” في خدمة التنظيم، وعن الانتحاريين ممن دربهم التنظيم فيما مضى بداخل معسكرات “أشبال الخلافة” في سوريا والعراق، كما تعثر أحيانا أخرى على أنفاق يدرب فيها هؤلاء الأولاد على فنون القتال على يد خلايا التنظيم، وهذه الخيم تعتبر مراكز مخصصة لغسل أدمغة هؤلاء الصغار، بحسب حافظ.

حافظ حذر أيضا من الدور الكبير الذي تلعبه “الحسبة” داخل الهول وتعاليمها التي تعتبر أوامر تنتهي بقتل كل المخالفين عن تنفيذها، ونبه أيضا من ظاهرة إنجاب “الداعشيات” أطفال من أباء صغار، لأن إنجاب المزيد من الأطفال يعني ولادة أجيال من الأطفال مجهولي النسب ممن لا يملكون وثائق تثبت نسب آبائهم وجنسياتهم، ولن يسأل عنهم أحد في ظل تخلي حكومات الدول التي جاء منها أطفال “داعش” المعروفة جنسياتهم. فمن سيتحمل تبعات ولادة أطفال جدد لا أحد يعرف من آبائهم ونتائج ذلك ستكون كارثية على مناطق شمال شرق سوريا، إذا ما استمرت الظاهرة وكبر الأطفال.

 خطورة نتائج هذه الظاهرة أدركته الإدارة في شرق الفرات، لذا وجدت في ابعاد الأطفال البالغين عن النساء هو الحل الأفضل لإجهاض مخطط خلايا “داعش” في تأسيس جيش من جهاديين مستقبليين، قوامه أطفال لن يلتفت لأمرهم حتى منظمات إنسانية أوربية معنية بشؤون الأطفال وهنا تكمن الكارثة بحد ذاتها، وفق حافظ.

دعوات أممية

سلطات الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، أطلقت مرارا دعوات لجميع الدول التي جاء منها عوائل ومقاتلي “داعش” بإعادة مواطنيها.

 

منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ناشدت مرات عدة من خلال رسائل أرسلتها لحكومات السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا، طالبتهم بإعادة مواطنيهم من عائلات التنظيم من مخيمات شمال شرق سوريا، والبالغ عددهم 164 مواطنا بينهم 114 طفلا معظمهم تحت سن السادسة، وهم من بين آلاف الأجانب المحتجزين مع أفراد عائلاتهم في المخيم منذ آذار/مارس 2019.

البيان نقل عن مديرة مساعدة الأزمات والنزاعات في المنظمة، ليتا تايلر، أن الدول الأربعة المذكورة تتقاعس عن تسوية ملف مواطنيها من عوائل “داعش” بأعذار وصفتها تايلر بـ “الفارغة”.

مخيم “الهول” يقطن فيه بحسب ارقام الأمم المتحدة 62 ألف شخص نصفهم عراقيون فارون من بلادهم إبان هزيمة تنظيم “داعش” على الأراضي العراقية في 2017، إلى جانب عوائل التنظيم من مختلف الجنسيات وغالبيتهم من الأطفال والنساء. تتزايد خطورة المخيم مع تقاعس حكومات بلادهم من إعادتهم خاصة الأطفال منهم إلى بلدانهم الأم، مع تزايد المخاوف أن العديد منهم قد أصبحوا متطرفين، تتضاعف خطورتهم يوما بعد يوم في بؤرة إرهاب تتوسع خطورتها في مخيم يعتبر الأخطر في العالم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.