العديد من الملفات الشائكة في الأزمة السورية والتي باتت مستعصية على الحل، نتيجة للتسلط الروسي الإيراني على ملف الأزمة من جهة، وعدم الإكتراث الدولي بسوريا حاليا، ما أدى لتوقف الحل السياسي، وتوقف عمل اللجنة الدستورية التي كانت تعتبر المسار الأخير للتوصل لحل. العديد من هذه المواضيع وغيرها المتعلقة بالشأن السوري تحدث بها الرئيس السابق لـ”الائتلاف” السوري المعارض، نصر الحريري، خلال حوار خاص مع موقع “الحل نت”.

حول لقاء نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بوفد من المعارضة السورية مؤخرا في موسكو والحديث عن حل للأزمة السورية، أوضح الحريري أنه ومنذ البداية فإن دمشق ومعها موسكو وكذلك الإيرانيين لم يؤمنوا بالعملية السياسية ولا يريدونها.

إن الحديث عن الحل السياسي من قبل كل من دمشق وموسكو وطهران هو كلام غير حقيقي وغير جاد، وكانوا يطلقونه للمشاغلة الإعلامية والسياسية ولإرسال رسائل للمجتمع الدولي، بحسب تصريحات الحريري. معتبرا بأن روسيا وإيران لهما وجهة نظر في العملية السياسية من خلال التسويات القسرية التي أجريت خلال السنوات الأخيرة.

العملية السياسية في ظل الديناميكية الحالية ومنها لقاء بوغدانوف الأخير بأطراف محسوبة على المعارضة لا يمكن أن تبدأ لأنه لا يوجد عملية سياسية حقيقية، وفق الحريري، الذي أضاف بأنه “خلال السنوات السابقة كان هناك عدة محاولات للبدء بعملية سياسية، لكن هذه المحاولات استنفذت جهود الأمم المتحدة وتم تغيير 4 مبعوثين أمميين”.

لا يعتقد الحريري أن روسيا قادرة في النهاية على فرض ما تريد، إنما تلعب على الوقت وهي بنفس الوقت لن تكون جادة بالبدء بالأفكار والمحاور الأساسية الموجودة في العملية السياسية المبنية على القرار 2254، وهذه المحاور هي هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية.

بالإضافة لذلك لا بد من وضع دستور جديد وإجراء انتخابات حرة وشفافة بإشراف الأمم المتحدة، فضلا عن نقاط إنسانية هي فوق التفاوض، أهمها تخفيف الأعباء على المدنيين السوريين ووقف استهدافهم وإطلاق سراح المعتقلين وكشف مصير المختفين قسريا. “فالمرجعية الدولية للعملية السياسية حُددت عناصرها بشكل رئيسي، وهي عملية سياسية تحت مظلة الأمم المتحدة تشارك فيها هيئة التفاوض والنظام السوري، ولكن الأخير هو من لا يزال يعطل هذه العملية حتى اللحظة”.

قد يهمك:المطالبة بمسارات جديدة للحل في سوريا.. اللجنة الدستورية “باي باي“؟

لا أفق للحل السياسي والملف السوري إلى أين؟

العملية السياسية لم تبدأ أصلا، وإضافة لدعم روسيا وإيران للحلول العسكرية، فإن روسيا تريد حلا سياسيا وفق رؤيتها، لذلك في ظل استمرار السياسات الحالية لا يمكن توقع أن يكون هناك وجود أو إحياء لعملية سياسية، لذلك لا بد من تجميع كل عوامل القوة الموجودة لدى المعارضة والدول العربية والإقليمية المهتمة بالملف السوري وعوامل القوة الموجودة لدى المجتمع الدولي ووضع حد لهذه الغطرسة الروسية وإجبار حكومة دمشق وحلفائها في النهاية على التفاوض وإلا لن يكون هناك أي نتائج لما يسمى عملية سياسية، بحسب الحريري.

أما المقاربات الفردية التي شوهدت ضمن ما يمكن تسميته قطار التطبيع والذي قامت به بعض الدول، لم تجد أي نفع لأن دمشق لا تستطيع أن تتعامل مع هذه المقاربات بشكل إيجابي لأنها لا تريد حلا سياسيا.

تقوم دمشق بتعطيل أعمال اللجنة الدستورية، بحسب الحريري، وإحاطات المبعوث الدولي (غير بيدرسن) في كل مرة كانت تظهر بشكل واضح لمجلس الأمن والمجتمع الدولي أن دمشق لم تكن تظهر أي إيجابية لإحراز تقدم في العملية السياسية.

حول اللقاءات الأمنية بين دمشق وأنقرة

من المعروف أن اللقاءات الأمنية لا تتوقف بين الدول، وهذا الأمر ينسحب على تركيا التي تحدثت في أكثر من مرة عن لقاءات أمنية بينها وبين دمشق، وفق الحريري. هذه اللقاءات بين الطرفين حتى اليوم تسير في نفس الاتجاه دون نتائج، فهناك مطالب تركية من دمشق لا تستطيع الأخيرة تحقيقها، فهي لا تريد عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي. دمشق غير قادرة على تحقيق المطالب التركية؛ ومن جهة أخرى فالسوريون لا يمكن أن يقبلوا إلا أن تتحقق مصالحهم وطموحاتهم بعد أن دفعوا ثمنها كثيرا.

ومن ناحية ثانية، فتركيا هي دولة لها مصالحها ومخاوفها وسياساتها الداخلية والخارجية والمعارضة السورية بحسب تعبير الحريري “تُقدّر كل ذلك”.

ويشير الحريري إلى أن تركيا غير جادة في محاولة تطبيع مجاني مع النظام وهي في الأصل الأقدر على تحديد مصالحها.

وحول احتمالية انتقال تواجد “الائتلاف” السوري الذي تدعمه أنقرة إلى داخل الأراضي السورية، اعترف الحريري بأنه حينما اتخذ أعضاء “الائتلاف” من تركيا مقرا له، كان ذلك بحكم الظروف التي لم تكن تسمح له بالتواجد على الأراضي السورية، وتم اختيار تركيا لما تملكه من موقع مجاور لتركيا وتحوي عددا كبيرا من السوريين.

وتابع حول ذلك “يجب حاليا على الائتلاف والحكومة المؤقتة أن يتواجدوا بشكل فعلي على الأراضي السورية، وهناك تواجد فعلي للإئتلاف في سوريا ولكن بحاجة لنقل تواجد فعلي أكبر بحيث يكون كامل جسم الائتلاف داخل سوريا. الائتلاف قام بعدة خطوات فله مقر في مدينة إعزاز وله العديد من النشاطات والأعمال وتواجده في الداخل غير مرتبط بأي تغير في موقف تركيا أو غيرها”.

الحريري اعتبر أن الوضع في الملف السوري يقتضي أن يكون هناك استراتيجية للثبات في كل الجبهات سواء سياسية أو عسكرية أو إعلامية، فدمشق لا تريد العملية السياسية، بل تريد هدمها، بحسب حديثه، ولم تتقدم في أي يوم بأي خطوة نحو الحل السياسي.

كذلك اعترف الحريري بأن مسار اللجنة الدستورية متوقف الآن بعد 3 سنوات من انطلاقه ولم يحقق شيئا، وحتى المجتمع الدولي والدول الفاعلة لم يعودوا يكترثوا بهذه العملية لأنها لم تعد جدية، وبعد الجولة الأخيرة للدستورية استنكفت دمشق نهائيا عن الحضور.

هل يمكن أن يكون “الائتلاف” المعارض أو بعضه جزءا من حكومة في دمشق؟
الحريري أجاب عن هذا السؤال بالقول، بأنه فيما لو جرت الأمور بشكل خيالي، بأن دمشق يمكن أن تقبل بحل سياسي، يمكن عندئذ مشاهدة “الائتلاف” في مكان واحد وعلى موقف واحد وهو المشاركة بناء على القرار 2254، من خلال المشاركة في هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، “لا وجود فيها لبشار الأسد وأركان نظامه إضافة لنقاط القرار الأخرى”.

إقرأ:ما بعد أزمة اللجنة الدستورية السورية.. ما مستقبل الملف السياسي؟


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.