نتيجة الإهمال والفساد في مؤسسات الحكومة السورية، حصلت العديد من الوقائع السيئة المتعلقة بالواقع الخدمي، منها سوء الطرق ودرجة نظافتها، أو أعطال كثيرة في شبكات الصرف الصحي، سواء من خلال تسرب المياه الملوثة إلى الشوارع أو إلى عنفات مياه الشرب، وآخر حادثة هذا الإهمال الحكومي تسرب مياه الصرف الصحي في مقبرة بمحافظة سوريّة.

تضارب بالتصريحات!

شكاوى عديدة وردت من مدينة حماة مفادها وجود مياه صرف صحي متسربة بين القبور في الجهة الشرقية من مقبرة الخضراء الواقعة على مقربة من قرية سريحين جنوب شرقي حماة بـ3 كم، وفق ما نقله موقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الأحد.

من جهته، برر رئيس مجلس مدينة حماة المهندس معاوية جرجنازي هذه المشكلة بالقول إنه تمت مراسلة شركة الصرف الصحي أكثر من مرة بخصوص هذه الشكوى وسيتم تكرار المراسلة لحين معالجة الأمر الذي ينتهك حرمة الموتى.

على صعيد متّصل، جاءت تصريحات مدير عام شركة الصرف الصحي في حماة المهندس فادي العباس متناقضة مع ما قاله جرجنازي عن وصول شكوى بهذا الشأن، مشيرا إلى أن شركة الصرف الصحي بناء على علمها من موقع “أثر برس” المحلي للشكوى، سوف تقوم خلال يومين بتنفيذ وصلة بطول 100 متر، وذلك بعد أن تم تأمين القساطل البيتونية، بهدف حصر المياه الآسنة ضمن القساطل وعدم تسربها بين القبور، مع العلم أن المياه الآسنة تلك قادمة من مشاع جنوبي الملعب المنتظر تنظيمه أصولا، والشركة الآن بانتظار تحويل مصب الصرف الصحي فيه إلى شبكة مدينة حماة بعد تنظيمه، وفق زعمه.

شكاوي المؤسسات الحكومية

في سياق متّصل، نوّه العباس إلى أن الشركة العامة للصرف الصحي في حماة تحتاج دوما لمخططات تنظيمية مصدقة كي تستطيع تنفيذ مشاريعها التي تكلف ملايين الليرات السورية، وقد سبق منذ عام 2017 أن تعطل الصرف الصحي في الجزء الغربي من المقبرة ذاتها، وتم تركيب قساطل بقطر 40 سم لاستيعاب الصرف الصحي من مشاع الفروسية. في إشارة إلى وجود تقصير حكومي في دعم قطاع الصرف الصحي وأن ذلك هو السبب وراء حدوث هذه المشاكل والصعوبات.

ووفق التقرير المحلي، تمتد مقبرة الخضراء على جانبي طريق سريحين وتضم آلاف القبور، وكانت سابقا تزود زوارها بمياه الشرب إلا أنها حاليا تفتقد لذلك.

قد يهمك: بحيرات ومستنقعات في ريف دمشق بسبب الصرف الصحي

أودية تتحول لمصبات

تظهر بيانات جودة المياه، أن تلوث المياه الجوفية والمياه السطحية بالنفايات المنزلية والصناعية قد حدث في جميع أنحاء البلاد، ويرجع ذلك لعام 2011، عندما تم توصيل حوالي 89 بالمئة من سكان الحضر و69 بالمئة من سكان الريف بشبكات الصرف الصحي، بينما تم توصيل 71 بالمئة من سكان الحضر و7 بالمئة فقط من سكان الريف بمحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

والموارد الطبيعية والبشرية لمحافظة السويداء كانت ولا تزال تؤثر بشكل كبير على البيئة، مما عرض إمدادات المياه والحقول الزراعية للتلوث. وفي تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا، وصف تلوث مصبات المياه بـ”واقع بيئي مزرٍ كان وما زال يفرض نفسه بقوة”، فحسب المهندس رفعت خضر، مدير شؤون البيئة في السويداء، فإن الوديان التي تغذي السدود أصبحت مصبا دائما لمياه الصرف الصحي، والتي تسبب تلوث هذه المياه، فهي من أهم المشاكل البيئية التي كانت ولا تزال غير قابلة للحل.

وأضاف خضر، أن تحويل الوديان إلى مصبات للصرف الصحي، بسبب افتقار المحافظة إلى محطات معالجة خاصة في مدن السويداء وشهبا وصلخد.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن المناطق الزراعية باتت ملوثة، لا سيما في محيط المطامر والمكبات التي لا يزال معظمها غير نظامي، ولا تزال القمامة تلقى في داخلها بصورة عشوائية، بالإضافة إلى حرقها من قبل جامعي المخلفات ما يؤدي إلى تلويث الهواء.

قد يهمك: مأساة الصرف الصحي تثقل كاهل المدنيين في مدينة دير الزور

بحيرات ومستنقعات

مشكلة شبكات المياه والصرف الصحي آخذة في التوسع في معظم المحافظات السورية، وما يرافقها من تداعيات على السكان، سواء من خلال سوء الطرق ودرجة نظافتها، أو حدوث تسرب المياه الملوثة إلى الشوارع أو إلى مياه الشرب، نتيجة عدم استجابة المؤسسات الحكومية للأعطال وشكاوى المواطنين.

رئيس المجلس المحلي في مدينة جرمانا بريف محافظة دمشق، فايز عزام، أفاد في وقت سابق لصحيفة “الوطن” المحلية، “صعوبة الوضع الحالي لواقع الصرف الصحي في المدينة، رادّا أسباب التردي إلى مشكلة المياه في المدينة حيث أدى عدم وجودها وانسيابها إلى تشكل ترسبات في تمديدات الصرف الصحي، ما سبب تشكل انسدادات أدت بالنتيجة لطوفان مياه الصرف الصحي من الريكارات إلى الشوارع والحارات”.

وبحسب الصحيفة المحلية، أفإن السير في بعض شوارع جرمانا أثناء صعبا، بل يبدو مستحيلا في بعض الحارات، خاصة في فصل الشتاء، حيث تتدفق مياه الصرف الصحي في عدد من هذه الشوارع والممرات، لتشكل مستنقعات وبحيرات تحمل معها كميات كبيرة القاذورات. وهذه الأعطال تؤدي إلى انقطاع المياه لأيام معدودة، وتهالك شبكات الصرف الصحي دون استجابة من قبل عمال البلدية، إلى أخطار صحية جسيمة بالسكان.

وأبلغت نسبة كبيرة من الأسر عن حالات إصابة بالإسهال بين الأطفال والكبار وارتفاع حالات الاصابة بالجرب وقمل الرأس، نتيجة تلوث المياه وتسرب مياه الصرف الصحي إلى أنابيب مياه الصالحة للاستخدام.

الأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع المياه، أضعفت قدرة السلطات على تلبية الطلب على مياه الشرب، وأدت إلى تعليق مشاريع المياه الجارية، كما أعاقت الأضرار اللاحقة التي لحقت بمرافق المياه قدرة السلطات على عكس آثار تلوث المياه، وتفاقمت مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وصعوبة توفير الكميات اللازمة من الوقود لتشغيل محطات المياه والصرف الصحي، وكذلك المحطات المتعاقبة.

قد يهمك: أودية في سوريا تتحول إلى مصبات لمياه الصرف الصحي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.