هناك مؤشرات على فجوة مائية قادمة بسبب نضوب احتياطيات المياه منذ السنوات السابقة، حيث ارتفعت مستويات التلوث منذ بداية عام 2011، بسبب التدمير المنهجي لمنشآت المياه فضلا عن آليات السلطات في إنشاء وربط قنوات الصرف الصحي.

تظهر بيانات جودة المياه، أن تلوث المياه الجوفية والمياه السطحية بالنفايات المنزلية والصناعية قد حدث في جميع أنحاء البلاد، ويرجع ذلك لعام 2011، عندما تم توصيل حوالي 89 بالمئة من سكان الحضر و69 بالمئة من سكان الريف بشبكات الصرف الصحي، بينما تم توصيل 71 بالمئة من سكان الحضر و7 بالمئة فقط من سكان الريف بمحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

أنهار من الصرف الصحي

الموارد الطبيعية والبشرية لمحافظة السويداء كانت ولا تزال تؤثر بشكل كبير على البيئة، مما عرض إمدادات المياه والحقول الزراعية للتلوث.

في تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، نشر أمس السبت، وصف تلوث مصبات المياه بـ”واقع بيئي مزرٍ كان ومازال يفرض نفسه بقوة”، فحسب المهندس رفعت خضر، مدير شؤون البيئة في السويداء، فإن الوديان التي تغذي السدود أصبحت مصبا دائما لمياه الصرف الصحي، والتي تسبب تلوث هذه المياه، فهي من أهم المشاكل البيئية التي كانت ولا تزال غير قابلة للحل.

وأضاف خضر، أن تحويل الوديان إلى مصبات للصرف الصحي، بسبب افتقار المحافظة إلى محطات معالجة خاصة في مدن السويداء وشهبا وصلخد.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن المناطق الزراعية باتت ملوثة، لا سيما في محيط المطامر والمكبات التي لا يزال معظمها غير نظامي، ولا تزال القمامة تلقى في داخلها بصورة عشوائية، بالإضافة إلى حرقها من قبل جامعي المخلفات ما يؤدي إلى تلويث الهواء.

التوسع العمراني يمتد إلى الأراضي الزراعية

وما زاد الطين بلة، هو التراجع الملحوظ في مساحات الأراضي خصوصا الزراعية منها، جراء التوسع العمراني الذي اتخذ منحنى أفقيا نتيجة محدودية نظام ضوابط البناء، خصوصا في ريف المحافظة. وبالإضافة إلى ذلك، تدهور الغطاء الحرجي أيضا نتيجة للإفراط في قطع الأشجار الذي تعرضت له أشجار الغابات على مدى السنوات الماضية.

من جانبه، قال خضر، إن مديرية شؤون البيئة أصدرت عددا من التوصيات لمحافظة السويداء، وذلك في محاولة منها لحماية المسطحات المائية وإبعاد خطر التلوث عنها. وقد دعت أولى هذه المقترحات إلى الإسراع في بناء مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، لا سيما في المناطق ذات المراكز السكانية المهمة مثل مدينة شهبا، صلخد، والسويداء.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تطلب من المنشآت الصناعية إنشاء محطات لهذه المنشآت لمعالجة أي مخلفات سائلة ناجمة عن عملياتها التي قد تضر بالبيئة. والأهم من ذلك كله، إن ذلك يتطلب منهم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية السدود من التلوث، وخصوصا الآن بعد أن تحولت بعض السدود مؤخرا إلى مرتع للصيادين.

كما طالب خضر، بتوجيه الوحدات الإدارية لوضع صناديق القمامة في محيط السد، حتى يتمكن الناس من رمي الأوساخ والنفايات داخلها، لأن بعضها يستخدم لمياه الشرب.

ندرة المياه: أزمة بارزة

يوجد في سوريا 16 نهراً إضافة إلى روافدها. وبحسب منظمة “اليونيسف”، يعتبر نهر الفرات (أكبر نهر في البلاد) المصدر الوحيد لمياه الشرب لأكثر من مليوني شخص يعيشون في حلب والمناطق الشرقية من المدينة. وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في آب/أغسطس 2015، انخفض عدد احتياطيات المياه في سوريا إلى النصف مقارنة بالفترة ما قبل 2011.

مع انخفاض نصيب الفرد من احتياطيات المياه المتاحة، أصبحت القدرة على توفير المياه، التحدي الأبرز للسوريين بسبب تدمير مصادر المياه والبنية التحتية. وبالتالي، أصبح الحصول على المياه النظيفة الصالحة للاستخدام، أو تأمين الموارد المادية لتوفيرها، مهمة صعبة للسكان مع الارتفاع المستمر في معدلات الفقر وضعف الدخل.

الأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع المياه، أضعفت قدرة السلطات على تلبية الطلب على مياه الشرب، وأدت إلى تعليق مشاريع المياه الجارية، كما أعاقت الأضرار اللاحقة التي لحقت بمرافق المياه قدرة السلطات على عكس آثار تلوث المياه، وتفاقمت مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وصعوبة توفير الكميات اللازمة من الوقود لتشغيل محطات المياه والصرف الصحي، وكذلك المحطات المتعاقبة.

كل هذه العوامل، في ظل تدهور الظروف المعيشية، وزيادة أسعار مياه الشرب في العديد من المدن والمناطق الريفية، وعدم قدرة نسبة كبيرة من السكان على الوصول المنتظم إلى المياه النظيفة، ستشكل تهديد فعلي للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان الذين يعيشون فيه أو سيجبر العديد منهم على النزوح إلى مكان آخر، بحثا عن الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه ذات الجودة اللائقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.