منذ العام 2003 وحتى الآن، كثُر الحديث عن إعادة العمل بالتجنيد الالزامي في العراق، غير أنها بقيت أحاديث لم تجد طريقها إلى التنفيذ، وهو ما جرّد الموضوع من أهميته، غير أنه وعلى ما يبدو هذه المرة إعلان مجلس النواب تحديد يوم الأحد المقبل موعدا لقراءة قانون التجنيد الإلزامي، يلقى جدية واسعة.

بحسب جدول الأعمال الصادر عن مجلس النواب، فقد تم تخصيص جلسة يوم الأحد المقبل للقراءة الأولى لمشاريع قوانين الخدمة المدنية وخدمة العلم وحماية الطفل، ويأتي ذلك بعد ما أعلن مجلس الوزراء في آب عام 2021، إقرار مشروع قانون التجنيد الإلزامي في البلاد من حيث المبدأ، تمهيدا لتقديمه إلى مجلس النواب.

منذ 23 أيار/مايو 2003 تم حل الجيش العراقي تنفيذا لأمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 2 المسمى سلطة التحالف المؤقتة رقم 2؛ التي وجهت بحل الكيانات (حل الجيش العراقي) بأكمله ووزارة الدفاع، ووزارة الدولة للشؤون العسكرية والمؤسسات الاستخباراتية وكل جهاز الأمن، قبل أن تعود لتأسيس جيش جديد.

على إثر ذلك، دخل العراق في دوامة من الفوضى، وبات الجيش العراقي يعاني من مشكلة التوازن في بنائه، نتيجة لتأثره بالوضع السياسي في البلاد الذي فرضت عليه عملية المحاصصة الحزبية في إدارة النظام أن يكون جزءا من تلك الدوامة، وهو ما لامس استقلاليته من حيث كونه شاملا لمختلف المكونات العراقية، حيث يُتهم بأن قوى حزبية بعينها تمارس التميز في آلية قبول المتقدمين للخدمة فيه، وهو ما أثر على بنيته البشرية.

وهو ما يفرض على البرلمان العراقي الحالي، أن يدعم بكل ما لديه قانون خدمة العلم لتمريره، كما يرى العميد الركن المتقاعد مقداد العنزي، مؤكدا أن القانون يسهم في زيادة اللحمة الوطنية، وصناعة مؤسسة عسكرية ناضجة ولا يمكن أن تكون طرفا في التجاذبات السياسية كما حدث ما بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.

اقرأ/ي أيضا: ما وراء إعادة منصب نائب رئيس الجمهورية في العراق؟

تحقيق التوازن وصناعة الأجيال

العنزي قال في حديث لموقع “الحل نت“، إن قانون الخدمة الالزامية من القوانين المهمة، كما أنه يساعد في بناء جيل شباب واعي وناضج كفاية ليتحمل مصاعب الحياة والمسؤوليات، إضافة إلى ما ينميه من حس وطني، وهو ما يحتاجه الجيش العراقي الحالي، لاستدامة المؤسسة العسكرية.

لكن العميد الركن، لفت إلى أن، إقرار قانون خدمة العلم، يحتاج إلى توافق القوى السياسية داخل البرلمان العراقي، وهو ما يمكن أن يكون عقبة في أن يرى النور، على اعتبار أن القانون سبق وتم طرحه في مرات عديدة لكنه لم يحصل اجماع عليه وهو ما أخّره حتى الآن، مشيرا إلى أن كل الدول المتقدمة تعمل بنظام الخدمة الإلزامية لأهميتها في بناء المجتمعات الشبابية.

العنزي يعتقد أن إعادة التجنيد الالزامي هو أمر لا بد منه، وسيحصل سواء هذه المرة، أو بعدها لكنه في النتيجة النهائية ستضطر الحكومة لإعادته لضمان بناء دولة محترمة، لما يمثله دور الجيش في تقدم البلدان، مبينا أنه لا يمكن لأي دولة أن تكون رائدة أو في مصافي الدول المتقدمة إن لم تمتلك جيش قوي يعمل على حمايتها وتمثيلها.

من جهته، يرى علي الشمري المهتم بالشأن السياسي العراقي، إن إعادة الخدمة الإلزامية يمكن أن تحد من انخراط الشباب في الأعمال غير المحبذة، لما سيفرضه عليهم ويقومه من سلوكياتهم، إضافة إلى ما يمكن أن يساعد به من الحد من البطالة المستشرية في البلاد.

الشمري وفي حديث لموقع “الحل نت“، بيّن أن نسبة البطالة في العراق مرتفعة للغاية، بالتالي أن الشباب لا يجدون فرض عمل كافية، لذلك فإن الخدمة الإلزامية وعلاوة عن كل منافعها من حيث بناء مؤسسة عسكرية متوازنة وقادرة على مواجهة التحديات، ستكون عونا للشباب لما ستوفره من مردود مالي، لاسيما وأن المرتبات يمكن أن تصل لحد 500 دولار وهو دخل شهري جيد، على حد تعبير الشمري.

اقرأ/ي أيضا: لماذا تراجعت حكومة العراق الجديدة عن تغيير سعر الدولار؟

مَن الفئات المشمولة بالخدمة الإلزامية؟

وفق بيانات سابقة لوزارة الدفاع العراقية، فإن قانون “التجنيد الإلزامي” في حال تمريره عبر البرلمان، سيشمل الفئات العمرية من سن 19 إلى 45 عاما، وسيعتمد على التحصيل الدراسي في مدة الخدمة، إذ إن خريجي الدراسة الابتدائية سيخدمون لمدة عام و4 أشهر، فيما سيخدم خريجو المرحلة الإعدادية لمدة عام واحد، وخريجو درجة البكالوريوس 9 أشهر فقط، بينما خريجو درجة الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) سيُعفون من الخدمة نهائيا.

الجيش العراقي تأسس عام 1921، وأُنشئت أولى وحداته خلال الانتداب البريطاني للعراق، فشُكّل فوج “موسى الكاظم“، واتخذت قيادة القوة المسلحة مقرها العام في بغداد، وتبع ذلك تشكيل القوة الجوية العراقية عام 1931 ثم القوة البحرية عام 1937، ووصل تعداد الجيش إلى ذروته في بداية حقبة التسعينيات، ليبلغ عدد أفراده مليون فرد.

وزارة التخطيط العراقية أعلنت في تموز/يوليو المنصرم، إحصائية القوى العاملة في البلاد، فيما أشارت إلى أن نسبة البطالة في العراق بلغت 16.5 بالمئة.

وزير التخطيط خالد بتال قال حينها في مؤتمر صحفي ببغداد، “كان من بين المؤشرات المهمة التي أظهرها المسح أن السكان بعمر 15 سنة يشكلون نحو 64 بالمئة من إجمالي السكان“.

الوزير أضاف أيضا، “شكّل الذكور منهم بحدود 50 بالمئة والإناث 50 بالمئة وهي نسبة متساوية تقريبا، وفئة الشباب بعمر 15 -24 سنة شكلت 21 بالمئة وبعمر 25 سنة فأكثر شكلت 43 بالمئة من إجمالي السكان، وبلغت نسبة البطالة 16.5 بالمئة“.

في السياق أشار إلى أن “وجود الكثير من النتائج والمؤشرات ذات الأهمية التنموية الكبيرة التي تمخض عنها المسح“، داعيا “الجهات المهتمة والمسؤولة داخل العراق من الوزارات القطاعية ومنظمات المجتمع المدني، إلى استسقاء المعلومات الخاصة بالعمل من هذا المسح وعدم البناء على معلومات مغلوطة“.

اقرأ/ي أيضا: إقصاء المسؤولين الصدريين من الحكومة العراقية الجديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.