قبل الموعد الذي كان مقرر له في بداية 2024، استقبل الأردن إطلاق أولى خدمات الجيل الخامس “5 جي” بكثير من التفاؤل والتطلع لما سيكون له من انعكاسات إيجابية على كثير من القطاعات في البلد، إضافة إلى أنه يأتي في سياق توجه الحكومة لتسريع التحول الرقمي للبلاد.

الأردن تبدو متأخرة في اعتمادها على تقنية الجيل الخامس، مقارنة بدول أخرى في الشرق الأوسط وخاصة الخليج العربي، لكنها تسعى جاهدة الآن إلى اللحاق بالركب، لتوازي البلدان الأخرى التي تعد شركاتها سباقة في تطوير البنية التحتية لشبكات “5 جي”.

“هيئة تنظيم قطاع الاتصالات” في الأردن كانت قد أبرمت العام الماضي اتفاقيات لإدخال الجيل الخامس مع المشغلين الثلاثة “زين” و”أمنية” و”أورانج”، وتتوقع الهيئة أن تبدأ شبكة “5جي” العمل بحلول الربع الأول من 2024.

الهيئة تقول إن هذا ينسجم مع إستراتيجية للتحول الرقمي والخطة التنفيذية التي تمتد حتى 2025، ورؤية التحديث الاقتصادي التي أعلن عنها صيف العام الماضي وتمتد حتى 2033 وذلك لأهمية قطاع الاتصالات ودوره في تحقيق التنمية الاقتصادية، بحسب ما نقلته صحيفة “العرب” اللندنية.

أثرها على الاقتصاد

السلطات في الأردن تحث الخطى بهدف اللحاق بركب بقية الدول الأخرى في نشر شبكة الجيل الخامس للاتصالات، والتي باتت تقنية ضرورية لزيادة تحفيز الاقتصاد، وسط آمال المسؤولين في أن تكون الخطوة نواة لجعل البلد مركزا إقليميا للأعمال مستقبلا.

من جهتها أطلقت شركة أُمنية للاتصالات خدمات الجيل الخامس للهاتف المحمول في مناطق حضرية كبرى، لتسبق بذلك الشركتين الرئيسيتين المنافستين لها “زين” و”أورنج”، حيث صرح الرئيس التنفيذي للشركة فيصل قمحية لـ“رويترز” بأن شركة “أمنية” منذ حصولها على الترخيص مطلع 2023 دخلت في شراكة مع “إريكسون” في المرحلة الأولى من طرح الخدمة من خلال إنشاء البنية التحتية وتحديث الشبكة الحالية للجيل الرابع.

قمحية أكد أن إطلاق الخدمة تجاريا في بعض مناطق محافظات إربد والزرقاء وعمّان كمرحلة أولى، جاء بفضل الجهد المبذول من قبل هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة في توفير البيئة التشغيلية اللازمة لذلك، وأوضح أن طرح شبكة “5جي” يسمح لشركة “أمنية” بالتفوق على منافسيها في سوق “مخترقة بالكامل” بعدما بلغت خدمات الجيل الرابع فيها حد التشبع.

 في موازاة ذلك تملك مجموعة “بيون” للاتصالات البحرينية معظم الأسهم في “أمنية”، وقد استثمرت بالفعل 700 مليون دولار منذ استحواذها عليها، وحول ذلك يقول قمحية إن تقييم الشركة والتي لديها نحو 1.4 مليون مشترك لتستأثر بنسبة 30 في المئة من سوق الهواتف المحمولة و42 في المئة من سوق الخدمات واسعة النطاق، من المتوقع أن يتجاوز مليار دولار في غضون أربع سنوات.

إذ تظهر المنصة الإلكترونية للشركة أن كلفة الاشتراك بخدمة الإنترنت المنزلي عبر “5 جي” تبلغ 22 دينارا شهريا أي ما يعادل 31 دولارا تقريبا، لكنها لم تشر إلى رسوم الهواتف المحمولة أو المخصصة للشركات والمؤسسات الحكومية.

مستقبل “5 جي”

تقنية الجيل الخامس تعد أكبر بوابات التحول التكنولوجي في الفترة المقبلة لأنها ستضاعف سرعة نقل البيانات عشرات المرات لتفتح الأبواب لعهد الثورة الصناعية الرابعة، وبالإضافة إلى ذلك، ستدعم التقنية تطبيقات إنترنت الأشياء “أي أو تي” وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والتي تعد إضافة إلى القطاعات الصناعية والتجارية والمالية والأفراد.

خبير الاقتصاد الأردني موس الساكت، يرى بأن أنظمة الجيل الخامس ستكون بمثابة العامل الأساسي لمستقبل الصناعة والاقتصاد في العالم، حيث ستسهم في توفير واقع افتراضي وأنظمة روبوت ذكية تعمل في المصانع، إلا إن أثرها لن يكون اليوم واضحا حتى لو دخلت الخدمة في عدد من البلدان، لأنه وبحسب الأرقام ستشكل 15بالمئة من السوق في غضون 5 أعوام وهذا انتشار يعد بطيئا.

الساكت يرى خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن انتشار “5 جي” في الدول الكبرى المتقدمة أسرع، ولن يكون لها أثر كبير على اقتصادات الدول النامية قبل 10 أعوام من الآن.

إذ إن أثرها سيشكل حجر زاوية في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وفق الساكت، وستكون عامل رئيسيا في تكنولوجيا ما يسمى بإنترنت الأشياء “أي أو تي”، ليشمل التطور السيارات ذاتية القيادة، والأهم أن تكنولوجيا الجيل الخامس تعرف عن نفسها بأنها كهرباء المستقبل، أي سيتم الاعتماد عليها في كل شي تقريبا.

أردنيا سيكون الجيل الخامس مساهم في إعطاء دفعة للقطعات الاقتصادية الرئيسية وفي التحول الرقمي، حيث سيقدم حلول في قطاع الأعمال وفي ابتكار المنتجات خصوصا أن الأردن من البلدان الرائدة في مشاريع ريادية نسبة لعدد السكان، بحسب الخبير الاقتصادي.

من جهته قال وزير الاقتصاد الرقمي أحمد الهناندة خلال مؤتمر صحفي نظمته “أمنية” الأربعاء الماضي إن تدشين خدمة الجيل الخامس سيجلب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية ويعزز دور الأردن كمركز إقليمي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وأكد أن بلاده تميزت طيلة سنوات بقطاع الاتصالات مع امتلاك بنية تحتية قوية ممكنة للاقتصاد وفرت فرص عمل كثيرة للأردنيين.

إذ صنف تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الشهر الماضي تحت عنوان “التكنولوجيا والابتكار 2023” الأردن في المرتبة العاشرة عربيا والثمانين عالميا.

مساهمات ونسب

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن وقّعت في أيلول/سبتمبر 2022، اتفاقية مع الشركة الأردنية لخدمات الهواتف المتنقلة “زين”، تمهيدا لإدخال خدمات الجيل الخامس إلى الأردن، بعد أن وقعت في آب/أغسطس، الاتفاقية ذاتها، مع شركتي “أورانج” و”أمنية”، و بحسب بيان صحفي سابق صادر عن الهيئة تمنح الاتفاقية المرخصين الموقعين، رخص ترددات الجيل الخامس بحيث يلتزم كل مرخص له بإطلاق خدمات الجيل الخامس تجاريا خلال مدة لا تتجاوز 18 شهرا من تاريخ ترخيصها، بحسب ما نقله موقع “المملكة” الأردني.

بحسب الاتفاقية، يلتزم كل مرخص له بتوفير خدمات الجيل الخامس وإتاحتها لما لا يقل عن 50 بالمئة من عدد سكان المملكة خلال مدة لا تتجاوز 4 سنوات من تاريخ الترخيص، وزيادة نسبة هذه التغطية بما يعادل 5 بالمئة لكل سنة وحتى الوصول إلى نسبة لا تقل عن 75 بالمئة من عدد سكان المملكة، علما بأن الحكومة ممثلة بهيئة تنظيم قطاع الاتصالات ستتقاضى حصة مشاركة بالعوائد بمقدار 10 بالمئة من خدمات وتطبيقات الجيل الخامس التي تقدمها الشركات المرخصة.

 الحزم التحفيزية الممنوحة للشركات، بحسب الموقع ذاته، تضمنت التنسيب بالإعفاء من ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية على مكونات البنية التحتية والأجهزة والمعدات الخاصة بشبكات خدمات الجيل الخامس، ومنح ميزة حيادية التكنولوجيا لكل مرخص له بالتزامن مع ترخيص خدمات الجيل الخامس، ومنح طالب الترخيص خصما لمرة واحدة بنسبة 50 بالمئة على عوائد حيازة رخصة الترددات الإضافية التي تتم الموافقة على ترخيصها مستقبلا ضمن النطاقات الترددية المرخصة حاليا للمرخص لهم.

إضافة إلى تمديد الرخص النافذة بما يتوافق مع قرار مجلس الوزراء ولمدة عشر سنوات إضافية ولمرة واحدة وذلك بعد تنفيذ الالتزامات الواردة بالاتفاقية، وستقوم الهيئة لاحقا بتقييم أداء المرخص لهم وفق الأسس ومؤشرات الأداء والمبينة في الاتفاقية، وذلك لغايات تمديد الرخص النافذة لمدة خمس سنوات إضافية ولمرة واحدة فقط، بالإضافة إلى ضمان زيادة الإيرادات الحكومية السنوية المتكررة والمستدامة بشكل متنام من خدمات الاتصالات لكل مرخص له خلال السنوات 2022 و2023 و2024 وبخلاف ذلك لا يتم منح التمديد.

في السياق، تشير تقديرات هيئة تنظيم الاتصالات إلى أن نسبة انتشار خدمات الاتصالات الثابتة بالنسبة إلى الأسر 20.5 بالمئة، فيما نسبة انتشار خدمات الاتصالات المتنقلة بالنسبة إلى عدد السكان البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة حوالي 67.5 بالمئة.

إذ أظهرت البيانات الرسمية التي وردت في موازنة 2023 أن حجم إيرادات قطاع الاتصالات بلغ العام الماضي أكثر من مليار دينار أي ما يعادل 1.47 مليار دولار، وذكرت رابطة “جي أس أم أي” في أحد تقاريرها قبل فترة أن خدمات الجيل الخامس ستحفز نمو اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 15.4 مليار دولار بحلول عام 2034.

هذا النمو يشكل 1.1 بالمئة إذ ستسهم أسواق السعودية والإمارات وباقي دول الخليج في معظم هذا النمو المتوقع استنادا على توافر الطيف الترددي المطلوب، منها ما يعرف باسم “موجات الميليمتر” التي ستسمح بخدمات فائقة السعة والسرعة.

أخيرا يشدد مراقبون عل أهمية إدخال تقنية الجيل الخامس على الأردن فيما يخدم قطاع التكنولوجيا ومهارات الشباب التقنية التي بدورها تواكب الأسواق العربية والعمالية، كون الخدمة بمثابة ممكن للاقتصاد، ومحفز عل الابتكار والإبداع وريادة الأعمال وغيرها الكثير من الميزات الأخرى.

•  بعد 3 أيام من الإبحار.. قبرص تعيد مهاجرين وصلوا إليها إلى لبنان
• تعليق التجارة النفطية بين الصين وإيران.. مآلات وتداعيات الحرب في غزة 
• تجولات الأسد و”زوجة رجل مهم”.. خراب المدينة وأسئلة العنف ومصير القاتل
• الرّد الذي تحول إلى مكاسب: كيف استفادت إسرائيل من الهجوم الإيراني؟
• لماذا توجّه أصابع الاتهام إلى “حزب الله” بعد كل جريمة سياسية؟