أمام واقع مروّع يتعلق بارتفاع أسعار عمليات الولادة القيصرية في سوريا، يخيّم الرهبة على قلوب السيدات اللواتي لا يمتلكن القدرة المالية الكافية. حيث تشهد المشافي تجارة لا تخضع لأي رقابة، مما يجعل هذه العمليات الضرورية تتحوّل إلى مصدر ربح كبير. 

في ظل غياب الرقابة، تشتكي العديد من السيدات وتصفن تكاليف هذه العمليات في المستشفيات الخاصة بأرقام مرعبة، حيث يُقدر سعر أدنى عملية قيصرية بحوالي 3 مليون ليرة سورية. هذا الواقع الكئيب يُضعف أمل النساء الحوامل والعائلات الضعيفة في توفير الرعاية الصحية الملائمة، كما أن استمرار هذا الوضع يُهدد الحق في الولادة الآمنة ويعكر صفو أمنيات المرأة السورية في الحصول على الرعاية الصحية اللائقة.

كلفة عمليات الولادة بالملايين

بحسب ما ذكره رأفت بحصاص المنسق الإعلامي لمؤسسة “سماعة حكيم” لموقع “أثر برس” المحلي أمس الاثنين، فإن كل مستشفى تتقاضى حسب الخدمات التي تقدمها للمريضة، لكن تكلفة الدخول في معظم المستشفيات الخاصة تعتبر مرتفعة، وتزيد تكاليف الإقامة هناك من التكلفة الإجمالية.

ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا - إنترنت
ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا – إنترنت

طبقا لما تحدّث به بحصاص، فإن هناك أطباء يتقاضون أجرة العملية حوالي نصف مليون ليرة وأجرة المشفى من تصنيف ثلاث نجوم 900 ألف، هذا يعني أن تكلفة العملية ما يقارب مليون ونصف؛ وممكن في مشفى آخر أن تصل تكلفة العملية القيصرية إلى مليون ومئتي ألف ليرة.

ما يزيد القلق على وجوه النساء السوريات حين يدركن أن الاختلاف في تقاضي المشافي لا يكمن فقط في أجور الأطباء، بل في تكاليف الدخول إلى المشفى وحجز الغرف، سواء كانت درجة أولى أو جناح.

هذا الاختلاف يؤدي بلا شك إلى ارتفاع أسعار عمليات القيصرية، وليس هذا فقط، فبعض الأطباء الذين يحظون بسمعة وخبرة كبيرة في هذا المجال يستغلون ذلك ويتقاضون أجورا مرتفعة.

يبدو أن الأولوية في هذه الحالة تكمن في الربح المادي على حساب الوضع الصحي والاقتصادي الصعب الذي يواجهه العديد من السوريين. تلك الاستغلالية “المدانة” تزيد من العبء المالي على الأسر وتعيق إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الضرورية، وحق النساء في الحصول على الخدمات الصحية بأسعار معقولة ومناسبة لظروفهنّ المالية.

لا أحد يلتزم بالتسعيرة

تأكيدًا للمشاكل التي تعاني منها النساء بسبب ارتفاع أسعار عمليات القيصرية في سوريا، يؤكد الدكتور عماد سعادة، نقيب أطباء فرع دمشق، وجود تسعيرة موحدة تحددها وزارة الصحة للعمليات. ومع ذلك، يلاحظ أنه لا يلتزم أحد بتلك التسعيرة غير المنطقية. 

ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا - إنترنت
ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا – إنترنت

الحديث يتم عن وجود فروق في أسعار المشافي وبين الأطباء، ولكن يجب أن تكون ضمن حدود محددة وأن تكون الفروق بين المشافي بسيطة ومعقولة بحسب سعادة، ولا ترتفع بشكل مبالغ فيه. وهذا يؤكد على الحاجة الملحة لتوفير ضوابط صارمة ورقابة فعالة من قبل الجهات الصحية المختصة للحد من التلاعب في أسعار العمليات القيصرية وضمان توفرها بأسعار معقولة وعادلة للمرضى.

مدير صحة دمشق، محمد سامر شحرور، بدوره ذكر أن أجور العمليات وأجرة الطبيب تصدر بقرار من وزير الصحة؛ ولكن آخر تسعيرة صدرت بـ 2008 ولم تعدل حتى الآن؛ لذلك كل طبيب يتقاضى تسعيرة مختلفة عن الآخر ولكنها غير ثابته، لافتا إلى أنه قريبا ستصدر تسعيرة جديدة وستكون عبارة عن اتفاق ما بين المريض والطبيب.

أرحام تحت مشرط وطمع الأطباء

تحت هموم ومتاعب الحياة، تتعرض أرحام النساء السوريات لضغوطات إضافية تفرضها ارتفاع أسعار عمليات القيصرية وطمع بعض الأطباء. تعاني النساء من استغلال هذه الحاجة الضرورية والتي تتعلق بصحتهنّ وسلامتهم وسلامة أجنتهن. 

ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا - إنترنت
ارتفاع أسعار عمليات الوﻻدة القيصرية في سوريا – إنترنت

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها السوريون في بلادهم، وارتفاع تكلفة الخدمات الطبية، تتجه الكثير من العائلات السورية إلى التخلي عن ثقافة “عدد الأبناء”، حيث عمد البعض إلى الاتجاه إلى “تنظيم الأسرة وتحديد النسل” بسبب صعوبات الحياة، لا سيما من الناحية الاقتصادية.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية انعكست على نسبة الولادات خلال الفترة الأخيرة، حيث أكد عدد من الأطباء والطبيبات النسائية أن “أغلب النساء بدأن يكتفين بولد واحد بينما كان وسطي عدد الأولاد التي ترغب النساء بإنجابهن 4 أطفال”.

سكان في دمشق وغيرها من المناطق السورية، يتهمون الأطباء بأنهم يشجعون النساء الحاملات لإجراء العملية القيصرية بدلاً من الولادة الطبيعية وذلك لكسب المزيد من المال. 

ارتفاع أسعار الخدمات الطبية المقدّمة في مشافي التوليد، كان سببا إضافيا في عزوف العائلات السورية عن إنجاب أكثر من طفل، حيث وصلت أسعار عمليات التوليد القيصرية إلى 6 ملايين ليرة سورية في بعض المشافي، وهي تبدأ من 800 ألف ليرة.

بينما تبدأ أسعار الولادة الطبيعية من 400 ألف لتصل إلى مليونين، وهناك أطباء يرفضون رفضا قاطعا إجراء عملية ولادة طبيعية للمريضة بغض النظر عن حالتها، “فأجرة الولادة الطبيعية بالكاد تفي حقها”.

بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سوريا، بدأت بعض العائلات تؤمن بأهمية “تنظيم الأسرة” لأسباب اقتصادية، وقد شهد الإقبال على هذا النوع من التنظيم ارتفاعا، بالإضافة إلى زيادة الطلب على استخدام وسائل منع الحمل، بهدف تحديد عدد الأطفال والتحكم في الإنجاب؛ وذلك نتيجة لارتفاع أسعار عمليات التوليد القيصرية التي وصلت إلى 6 ملايين ليرة سورية في بعض المشافي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات