بعد قيام عناصر من “جهاز الأمن العام” التابع لـ”حكومة الإنقاذ” بالاعتداء على المتظاهرين في خيمة نصبوها في مدينة إدلب ضمن الحراك المستمر منذ نحو 3 أشهر للمطالبة بإسقاط زعيم “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني والإفراج عن المعتقلين من سجونه، توعد وزير الداخلية في “حكومة الإنقاذ”، محمد عبد الرحمن، هؤلاء المتظاهرين بـ”الضرب بيد من حديد”.

وقام الجولاني، إلى جانب عبد الرحمن، بتهديد هؤلاء المحتجين، لكن بلهجة خفية، إذ اتهمهم بالانحراف عن مطالبهم، ولهذا السبب قوبلوا بالقمع من قبل عناصر أمن “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”.

“تحرير الشام” تهدد المتظاهرين

قال عبد الرحمن عبر تسجيل مصور، وفق تقارير إعلامية، بأن “حكومة الإنقاذ” خضعت لـ”مطالبات المتظاهرين بالإصلاحات وتفاعلت معها وقوفاً عند المطالب، ومنها إعادة دمج جهاز الأمن العام ضمن وزارة الداخلية بإحداث إدارة الأمن العام والعمل على ضبط القوانين والإفراج عن كثير من السجناء بعفو عام”.

وأردف عبد الرحمن أن عدداً من الاحتجاجات الشعبية “توقفت عندما شاهد (المتظاهرون) تجاوب الحكومة مع تلك الإصلاحات ورغم كل ذلك بقيت فئة لا ترغب بالإصلاح وأن هدفها هو هدم هذه المؤسسات وزعزعة الأمن”.

وزعم عبد الرحمن أن المتظاهرين الذين واصلوا الاحتجاجات “اعتدوا على عدد من مراكز الشرطة والسجون، وأطلقوا النار بشكل مباشر على عناصر الشرطة، واعتدوا عليهم وعلى عائلاتهم بالضرب والسب بقصد الاستفزاز وإشعال الفتنة”.

وأشار إلى أن عناصر الشرطة في وزارة الداخلية بـ”حكومة الإنقاذ” التزمت بـ”ضبط النفس” وتأمين المظاهرات زاعماً أن “تلك الفئة (من المتظاهرين) التي خرجت عن حدود التظاهر والتي تقوم بعرقلة السير والشغب والسب والشتم وإزعاج الأهالي، تظاهرها السلبي قد تجاوز الحد”.

وأخيراً، توعد عبد الرحمن بـ”الضرب بيد من حديد على كل يد تريد العبث في أمن وأمان المحرر (أي منطقة إدلب) وجره للفتنة”، قائلاً: “لن نسمح مهما كلفنا الأمر بشق الصف وهدم ما تم بناؤه وإثارة الفتن وحرف البوصلة عن مسارها الصحيح”، مشيراً إلى هؤلاء المحتجين “ظنوا سكوتنا ضعفاً”.

تهديدات بلهجة خفية

في مقابل تهديدات عبد الرحمن، وجه زعيم “هيئة تحرير الشام”، مجموعة من الاتهامات إلى المتظاهرين والمشاركين في الاعتصامات المناهضة لتنظيمه في إدلب، وذلك في إطار تعليقه على فض اعتصام أمام المحكمة العسكرية، يوم أمس الثلاثاء بالقوة.

وأدلى الجولاني، اليوم الأربعاء، بتصريحات حملت طابع التهديد الواضح للمتظاهرين إذا لم يتراجعوا عن احتجاجاتهم المستمرة منذ أشهر، خاصة أنه أعاد الحديث عن خطوطه الحمراء، مدعياً تنفيذ الإصلاحات، في الوقت الذي اعتبر فيه أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة، بحسب ما نقلته وزارة الإعلام في “حكومة الإنقاذ”.

اللافت أن الجولاني زعم أنه “من بين كل الوسائل التي تملكها السلطة، في الفترة الماضية، لم تستخدم إلا لغة الحوار والمسارعة في تلبية مطالب الناس”.

وقال الجولاني في حديثه، إنه أطلق تحذيرات سابقة موجه إلى من يريد المساس بالمصالح العامة، وذكر أن هذا المساس يشكل تجاوز لخطوط حمراء ستتحرك السلطة لمواجهته وذلك في تهديد علني ضد المتظاهرين.

وأضاف الجولاني في لقاء مع عدد من الوجهاء اليوم الأربعاء، إنه في السابق “كانت هناك كثير من المطالب المحقة يطالب بها الناس، وجلسنا مع جميع شرائح المجتمع، ولبّيت معظم المطالب كما شاهد الجميع، وبعض القرارات، على العين والرأس، ويتم تلبيته، أما أن يصل الأمر إلى التعطيل في المحرر، وقطع الطرقات وإزعاج الناس والألفاظ النابية، وحمل السلاح في المظاهرات، فهذه الحالة تجاوزت حدها الطبيعي”.

اللافت أن الجولاني زعم أنه “من بين كل الوسائل التي تملكها السلطة، في الفترة الماضية، لم تستخدم إلا لغة الحوار والمسارعة في تلبية مطالب الناس، بالقدر الذي نستطيعه ضمن الظروف العامة الشاملة للمحرر”.

واعتبر أن البعض “ساقه حقده للتضحية بكل المحرر”، مضيفاً: “من هان عليه المحرر فقد هان علينا، ولن نتهاون مع أي شخص أو تجمع أو حزب أو فصيل يريد إيذاء المحرر، وعلى هذا نجتمع جميعاً”.

ودعا الجولاني الحضور إلى الوقوف إلى جانب “تحرير الشام” ضد من قال إنهم “يريدون الإخلال بالموازنات التي بني عليها المحرر الذي بني على أعمدة، وأي إخلال بأحدها، ستختل جميع الأعمدة”، مضيفاً: “لصالح من يريد البعض إدخال المحرر في حالة من الفوضى، وما هي الصورة التي يراد تصديرها للعالم عن الثورة السورية المباركة”.

وذكر الجولاني أن “من يعيش في المحرر يستحق أرقى الخدمات والمستويات، وكل عام يكون أفضل من قبله، وهذا يدل على أن المسيرة تصاعدية، حتى ولو كانت بطيئة، رغم أن النمو في المحرر سريع مقارنة بالمناطق التي تعاني من حروب وصراعات”.

كما ادعى الجولاني أن “السوريين داخل المحرر وخارجه أو في مناطق سيطرة الحكومة السورية، مصيرهم مرتبط بنجاح الثورة السورية”، معتبراً أن “أنظار كل المهجرين في دول الجوار تتطلع إلى هذه المنطقة”، على حد قوله.

الاعتداء على المتظاهرين

في السياق، سبق تهديد الجولاني ووزير الداخلية في “حكومة الإنقاذ” محمد عبد الرحمن، اعتداء “جهاز الأمن العام” أمس الثلاثاء، بالرصاص والسكاكين على عشرات المتظاهرين المطالبين بالإفراج عن المعتقلين من سجون الهيئة أمام المحكمة العسكرية وسط مدينة إدلب شمال غربي سوريا، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى.

ونتيجة لذلك، خرج العشرات في مدينة إدلب وأريافها في مظاهرات ليلية للتعبير عن استنكارهم لما قامت به “هيئة تحرير الشام” ضد المعتصمين في إدلب، مطالبين بإسقاط زعيمها أبو محمد الجولاني وإخراج المعتقلين من سجونه، وفق مصادر محلية.

هذا وتشهد مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” منذ أكثر من شهرين، حراكاً شعبياً مناهضاً لها ولزعيمها الجولاني، انطلقت شرارتها نتيجة كشف مقتل شاب تحت التعذيب من ضمن عمليات تعذيب تتم بالجملة ضد المعتقلين في سجون “جهاز الأمن العام”، قبل أن يسقطوا قتلى مع إخفاء أي أخبار عن مصيرهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات