الحياة في سوريا مسرحٌ للمفارقات، حيث تتناقض الأسعار الخيالية للخضار والفواكه مع معاناة المواطنين وأوضاعهم المعيشية المتردية، فبينما يشهد البلد أزمة اقتصادية مستمرة، تتسابق أسعار هذه المنتجات الأساسية إلى عنان السماء، طارحة تساؤلات عديدة حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ والمتكرر.

ها هي البامية التي كانت يوماً طبقاً شعبياً، تصل إلى 85 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، بينما يبلغ سعر كيلو العنب المعتاد 130 ألف ليرة! هذه الأرقام غير المنطقية تطرح الكثير من التساؤلات حول منطق السوق ومدى تناغمه مع قدرات المواطن السوري المحدودة.

وفي ظل هذه الواقعة المريرة، تبرز حكايات المواطنين وتجاربهم المؤلمة مع هذه الأسعار المتهالكة، والتي باتت تفوق قدرتهم على الشراء، مما زاد من معاناتهم وآلامهم في ظل أزمة اقتصادية شاملة تعصف بالبلاد.

أسعار لن تنخفض

في جولة داخل الأسواق، أسعار الخضار والفواكه في سوريا هي حتما في مسيرة نحو الارتفاع، مخالفة كل التوقعات والقواعد الاقتصادية المألوفة. فعلى الرغم من موسم الإنتاج الصيفي، إلا أن هذه الأسعار الخيالية تظل ثابتة دون أيّ مؤشر على الانخفاض القريب.

أسعار الخضار والفواكه في سوريا.. لغز لا حل له! (3)
صورة التقطت في 11 يناير/كانون الثاني 2022 لبائع سوري يعرض في متجره الصغير. (تصوير عمر حاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية)

ووفقًا لموقع “بزنس 2 بزنس” للأسعار في أسواق العاصمة دمشق، فقد استقر سعر الثوم البلدي الكسواني عند 45 ألف ليرة سورية، بينما بلغ سعر الثوم البذرة الصينية 30 ألف ليرة. 

شهدت مونة العائلة تراجعاً طفيفاً، حيث انخفض المتوسط من 10 كيلو في الموسم إلى 3 كيلو فقط.

وامتد هذا الارتفاع الصاروخي ليشمل أغلب الخضراوات الأساسية، فالبطاطا ترفض الانخفاض عن 10 آلاف ليرة سورية للكيلو، والبندورة والخيار بـ 8 آلاف ليرة للكيلو، والباذنجان المحشي بـ 12 ألف ليرة، والكوسا بـ 8 آلاف ليرة، والفول بـ 7 آلاف ليرة، والبازيلاء الفرط بـ 25 ألف ليرة. 

وفي ظل هذه الأسعار المرتفعة، يجد المواطنون أنفسهم عاجزين عن شراء هذه السلع الأساسية، مما يزيد من معاناتهم في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

حدّث ولا حرج

في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار الخضراوات والفواكه، عادت الحشائش التي كانت يوما بأسعار متواضعة إلى صدارة الأسواق السورية. 

أسعار الخضار والفواكه في سوريا.. لغز لا حل له! (3)
صورة التقطت في 11 يناير/كانون الثاني 2022 لبائع سوري يعرض في متجره الصغير. (تصوير عمر حاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية)

ربطة البقدونس تُباع الآن بـ 1500 ليرة سورية، والطرخون بـ 3000 ليرة، والبصل الأخضر بـ 1500 ليرة أي بمعدل 500 ليرة للبصلة الواحدة، والخسة بـ 4000 ليرة، والنعناع والبقلة بـ 1500 ليرة.

وعلى صعيد الفواكه، تشهد الأسواق أرقاماً مذهلة لا تصدق. فالبطيخ الأحمر الكيلو بـ 12 ألف ليرة سورية، والدراق الكيلو بـ 35 ألف ليرة، والمشمش المقبول الكيلو بـ 40 ألف ليرة، والموز بـ 25 ألف ليرة، والجنارك الكيلو بـ 60 ألف ليرة، والتوت الشامي العلبة نصف كيلو بـ 20 ألف ليرة.

وأمام هذا الانفلات المطلق في الأسعار، يلمس المتابع للأسواق غياب الرقابة الحكومية الفاعلة. وسط هذه الأزمة، تنتشر حالات الفقر والتعتير بين المواطنين، الذين يُضطرون إلى شراء المنتجات البائتة بأسعار مخفّضة، محاولين التخفيف من آثار هذا الغلاء المفرط على حياتهم اليومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات