في قرار وصف بـ “التاريخي”، صدّقت محكمة الاستئناف في باريس، اليوم الأربعاء، على مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري بشار الأسد، المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيماوية القاتلة في سوريا، وفق محامي الضحايا ومنظمات غير حكومية.

وأعلنت محاميات الأطراف المدنية للصحافة، في ختام المداولات التي جرت في جلسة مغلقة، أنه “تمت المصادقة”. 

وبذلك تكون غرفة التحقيق رفضت طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بإلغاء مذكرة التوقيف بسبب الحصانة الشخصية للرؤساء أثناء وجودهم في السلطة.

وأكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب، أنه “بالإجماع يعتبر حتى الآن” أن الاستثناءات للحصانة الشخصية لرؤساء الدول في مناصبهم “مخصصة للهيئات القضائية الدولية فقط” مثل “المحكمة الجنائية الدولية” وليس محاكم الدول الأجنبية.

لماذا القرار “تاريخي”؟

أمس، قال الإعلام الفرنسي، إن القضاء في باريس يستعد لاتخاذ قرار تاريخي ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وأنه سيفقد حصانته التي يتمتع بها، في حال اتُخذ القرار بتصديق مذكرة توقيفه.

وهذه هي أول مذكرة توقيف تصدرها محكمة أجنبية بحق رئيس دولة في منصبه، إذ صدرت المذكرة بحق الأسد بناء على شكوى جنائية قدّمها ضحايا فرنسيون – سوريون، و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، و”الأرشيف السوري”، و”مبادرة عدالة المجتمع المفتوح”، و”منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية”.

ناجون من هجوم بالغاز الكيماوي يحتجون على بشار الأسد في إدلب، 7 نيسان/ إبريل 2017 – (الأناضول)

وكانت غرفة التحقيق قد نظرت في 15 أيار/ مايو الماضي بطلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا، المتعلق بإلغاء هذه المذكرة باسم “الحصانة الشخصية” التي يتمتع بها رؤساء الدول في مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية، بحسب “فرانس برس”.

في منتصف الشهر الماضي، خرجت انتقادات حادة ضد قرار القضاء الفرنسي القاضي بالطعن في صلاحية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس السوري بشار الأسد، من قبل منظمات حقوقية سورية ودولية.

الأسد ومقتل ألف شخص

في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أصدر قضاة التحقيق الجنائي الفرنسيون مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، واثنين من معاونيه هما العميد غسان عباس والعميد بسام الحسن، بتهمة استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة ضد المدنيين في مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص.

عقب ذلك، طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا من محكمة الاستئناف في باريس الحكم على صلاحية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أن “المجلس المختص في شؤون الجرائم ضد الإنسانية، يشير إلى أن صدور هذا التفويض يشكل استثناءً لمبدأ الحصانة الشخصية التي يتمتع بها الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية في مناصبهم في كل دولة ذات سيادة”.

ويحقّق قضاة من وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية، منذ العام 2021، بالتسلسل القيادي الذي أدى إلى هجمات كيماوية ليلة (4 – 5 آب/ أغسطس 2013) في عدرا ودوما بالقرب من دمشق،  أسفرت عن (450 مصاباً)، وهجمات يوم 21 من الشهر نفسه في الغوطة الشرقية، ما أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بحسب الاستخبارات الأميركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات