بعد نحو شهر من إصدار حكم بالسجن المؤبد بحق الفلوغر العراقية “أم اللول”، وما رافق القرار من جدل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي، قررت “محكمة التمييز الاتحادية”، نقض القرار، وإعادة محاكمة هديل خالد عبد الرشيد، فماذا يعني ذلك؟
في التفاصيل، قررت “محكمة التمييز”، نقض قرار السجن المؤبد بحق المدعوة هديل خالد عبد الرشيد المعروفة باسم “أم اللول”، وأكدت أن اعترافاتها انتُزعت بالإكراه والتعذيب، وأن الشاهد في القضية على خلاف مع المتهمة وأقامت ضده شكوى سابقة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
في وثيقة قرار المحكمة جاء التالي، إنه “لدى التدقيق والمداولة وجد أن القرار الصادر بالدعوى 659/ج/ 2024 في 29/ 5/ 2024 من المحكمة الجنائية المركزية بتجريم المتهمة (هديل خالد عبد الرشيد) وفق أحكام المادة 28/ أولا من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 وبدلالة مواد الاشتراك 49/48/47 من قانون العقوبات والحكم عليها بالسجن المؤبد وبغرامة مالية قدرها 30 مليون دينار غير صحيح ومخالف لأحكام القانون ذلك؛ لأن المحكمة أصدرت قرارها المذكور قبل استكمال الإجراءات القانونية المطلوبة”.
وتابعت أن “الثابت من وقائع الدعوى وأدلّتها أن الإجراءات التحقيقية تم اتخاذها بحق المتهمة بناءً على أقوال المتهم المفرقة قضيته (قيصر محمود أحمد) والمدونة بصفة شاهد ضد المتهمة وعند القبض على المتهمة وتدوين أقوالها فقد أفادت بوجود خلافات سابقة لها مع الشاهد المذكور وإنها أقامت شكوى ضده في أسايش أربيل، لذا كان على المحكمة جلب نسخة من الأوراق التحقيقية المشار إليها والاطلاع عليها وربطها في هذه الدعوى”.
وأظهرت الوثيقة التي اطّلعت عليها “الحل نت”، أن محكمة الجنايات لم تراعِ ادعاء المتهمة بأنها كانت خارج العراق في الفترة المذكورة بأنها قامت بها بنقل المخدرات، فضلا عن ادعاء تعرّضها للتعذيب وفقا للتقارير الطبية، ناهيك عن مناقشة الشاهد بحقها، الأمر الذي يخلّ بقرار المحكمة، لذا توجب إعادة المحاكمة.
مظلومون كُثر بأحكام باطلة على غرار “أم اللول”!
قبل ذلك، كشف المحامي طارق الشرع، الذي يتولى قضية المتهمة بترويج المخدرات “أم اللول” في تدوينة على حسابه بمنصة “فيسبوك”، عن قيام “محكمة التمييز الاتحادية” بنقض قرارات المحكمة الجنائية المركزية كافة المتعلقة بالقضية، والتي حكمت على البلوغر العراقية بالسجن المؤبد، بتهمة تجارة المخدرات.
وقبل أسبوعين نفى المتحدث باسم وزارة العدل أحمد لعيبي، بعض الأخبار التي أشارت إلى هروب “أم اللول” من السجن الذي تقضي فيه عقوبتها حالياً، كما نفى خبراً ثانياً انتشر بشكل لافت، مفاده انتحار “أم اللول” داخل السجن، مؤكدا أنها “موجودة داخل أحد سجون النساء وتتمتع بصحة جيدة”.
في هذا السياق، يرى الناشط العراقي حيدر مشرف في حديث مع “الحل نت”، إن قرار النقض يدلل على حقيقة نرددها دوما، وهي أن هناك الكثير من المُدانين والمُدانات في السجون العراقية بتهم باطلة، ويقصون محكوميتهم بشكل ظالم، منهم من يُحكم عليهم بالمؤبد وحتى بالإعدام لأسباب عدة، منها الشاهد الزور والشاهد السري.
ويردف مشرف، بأن الأكثرية من المحكومين بشكل باطل، لا يملكون الأموال الكافية لتوكيل محامين للدفاع عنهم وتمييز القرارات القضائية التي تصدر ضدهم، وبالتالي تنتهي حياتهم بشكل مأساوي، وفقط من لديه المال يتمكن من التحرّك لإثبات مظلوميته، كما هو الحال مع “أم اللول”.
وفي 29 أيار/ مايو المنصرم، عاش الشارع العراقي صدمة كبيرة، إثر صدور قرار قضائي يقضي بالحكم على الفلوغر “أم اللول” بالسجن المؤبد، من قبل محكمة جنايات الرصافة. وجاء الحكم وفقا للمادة 28 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2007، بحسب القضاء العراقي.
وفي 23 نيسان/ أبريل المنصرم، أصدر القضاء العراقي، حكما بالحبس البسيط لمدة 4 أشهر على “أم اللول”، بتهمة المحتوى الهابط، وجاء القرار حينها، استنادا لأحكام المادة 402 من قانون العقوبات العراقي، عن جريمة صناعة صور وفيديوهات، تتضمن أقوال فاحشة ومُخلّة بالحياء والآداب العامة.
تفاصيل حكم المؤبد
في وقت سابق، قال المحامي عن “أم اللول” في قضية تهمة “المحتوى الهابط” محمد جمعة، إنه وأثناء وجود “أم اللول” في السجن، جاءت دعوى من شعبة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، تفيد بأنهم يمتلكون مصادر استخباراتية تفيد بتورط “أم اللول” بتجارة المخدرات.
جمعة الذي رافع عن “أم اللول” في قضية “المحتوى الهابط”، قال في حديث خاص بموقع “الحل نت” حينها، إنه اطلع على الدعوى والتحقيق الذي جرى مع البلوغر العراقية، وتفاصيل الحكم بحقها.
وفق المحامي، فإنه بعد أسبوعين من سجن “أم اللول”، وتحديدا في منتصف الأسبوع الثاني من شهر أيار/ مايو الماضي، حدثت القضية الجديدة التي تخص تهمة المخدرات، بعد ورود كتاب من شعبة المخدرات يفيد بتورط “أم اللول” بنقل المواد المخدرة.
يقول جمعة، إنه عند الاطلاع على الدعوى، تبين أنها مستندة إلى اعتراف متّهم مُدان بتجارة المخدرات، بأن “أم اللول” كانت تنقل له المخدرات من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق إلى بغداد مقابل مبلغ مليون دينار عراقي عن كل عملية نقل للمواد المخدرة، إضافة إلى مصادر استخباراتية لا أحد يعرف طبيعتها.
ويضيف محمد جمعة، أن “أم اللول” أنكرت التّهمة بشكل مطلق، وعند فحصها تبيّن أنها “نظيفة” وغير متعاطية للمخدرات، مردفا، أن بعض التواريخ التي أعطاها المتّهم المُدان بشأن نقل “أم اللول” للمخدرات إليه من أربيل إلى بغداد، كشفت زيف ادعائه.
وبحسب المحامي، فإن أحد التواريخ الذي أعطاه المتهم المدان، تم دحضه؛ لأن “أم اللول” كانت حينها خارج العراق في دبي، وتم التأكد من ذلك من خلال جواز سفرها، إضافة إلى تاريخ آخر أعطاه، كانت حينها “أم اللول” في أربيل وليست في بغداد.
ويُشير جمعة، إلى أن “أم اللول” عندما تأتي إلى بغداد من أربيل، تسافر عبر الطيران وليس برّا، وهذا موثّق عند مطاري بغداد وأربيل الدوليين، متسائلا، أين كانت السلطات الأمنية في المطارين ولماذا لم تعثر على المواد المخدرة بحوزة “أم اللول”، إن كان الأمر صحيحا فعلا؟
من هي “أم اللول”؟
جمعة لفت في حديثه مع “الحل نت”، إلى أن “أم اللول” سبق وأن تم حبسها في أربيل بتهمة التعاطي، قبل أكثر من سنة تقريبا، ولكن سرعان ما تم الإفراج عنها، لثبوت عدم تعاطيها لأي نوع من أنواع المخدرات حينها.
وأكد جمعة، أنه لم يتم إثبات أي دليل يؤكد تورّط “أم اللول” بنقل وتجارة المخدرات، ولم يتم العثور على أي شيء يثبت تورّطها، ويضيف أنها بريئة: “أنا مؤمن تماما ببراءة أم اللول”.
وتابع جمعة، أنه وبشكل غير طبيعي تم التحقيق مع “أم اللول” ومحاكمتها وإصدار قرار الحكم بحقها في نفس الجلسة بغضون 20 يوما فقط لا أكثر، وهذا أمر لا يصدّق؛ لأن قضايا الجنائية والمخدرات، تستغرق من 3 أشهر إلى 7 أشهر، حتى يصدر الحكم النهائي، مُبديا استغرابه من السرعة والاستعجال في الحكم على “أم اللول” وبهذه الطريقة، التي استندت فقط لادعاء متّهم مُدان ومصادر استخبارية غير معروفة.
وتُعدّ “أم اللول” من مشاهير “تيك توك” في العراق؛ إذ تمتلك عددا كبيرا من المتابعين، كما تشتهر بنشر مقاطع فيديو تتضمن الرقص والغناء، بالإضافة إلى تعليقات اعتبرها البعض “مثيرة للجدل” وغير مناسبة.
وتثير “أم اللول” الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي بالعراق بين مدة وأخرى، منها عندما بُثّت شائعات قبل أكثر من 3 أشهر، عن منحها جوازا دبلوماسيا، قبل أن تنفي وزارة الداخلية الأمر في وقت لاحق.
وكان حُكم المؤبد الذي صُدر بحق “أم اللول”، جاء حينها بعد أكثر من شهر من اغتيال الفلوغر “أم فهد” على يد مسلح مجهول في بغداد، وبعد اختطاف الإعلامية والفلوغر داليا نعيم، قبل أن يتم تركها بعد تعذيبها، وعقب موت “جوجو دعارة” الغامض في أحد سجون بغداد مؤخرا، فضلا عن حبس أخريات عديدات تحت تهمة “المحتوى الهابط”، ناهيك عن انزواء بعض الفلوغرات عن الحيز العام، مثل تيسير العراقية وغيرها.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.