لا تزال وسائل الإعلام تكشف قصة سقوط نظام بشار الأسد ومن ثم فراره من العاصمة السورية دمشق إلى روسيا، وذلك عبر عدة مصادر مقربة من الدائرة الضيقة للأسد.
ونشرت مجلة “المجلة” تفاصيل جديدة حول كواليس هروب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد من دمشق، حيث كشفت أن الأسد لم يصطحب معه سوى شخصين إلى روسيا، دون أن يخبر أحدا عن خطة هروبه، بالإضافة إلى أنه كان “خائفا” من أن يقتل على يد أحد مرافقيه.
هذا وسقط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد هجوم متتالي شنته فصائل “المعارضة السورية” التي سيطرت على مدن كبرى ثم حاصرت العاصمة دمشق ودخلتها بعد منتصف الليل. وفر بشار الأسد في سرية تامة بعد أن منحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولعائلته حق اللجوء.
قصة فرار بشار الأسد
قالت مجلة “المجلة” إنه مع انطلاق معركة “ردع العدوان”، وصل بشار الأسد إلى موسكو لحضور حفل حصول نجله حافظ على درجة الدكتوراه في الرياضيات. لكن صوت المعارك كان أكبر، فغاب عن الحفل ولازم غرفته في فندق “فورسيزونز” بموسكو، ليتابع أخبار تقدم فصائل “المعارضة السورية”. وصادف يوم سيطرة الفصائل على حلب يوم الجمعة وجوده في الطائرة عائدا إلى دمشق من موسكو.

وأضافت: “في يوم الثلاثاء 27 تشرين الثاني/نوفمبر، توجه الرئيس المخلوع بشار الأسد (حاملا الكثير من الهدايا) إلى موسكو للانضمام إلى زوجته أسماء التي تعاني من انهيار في صحتها وعدم استجابة جسمها لعلاج (لوكيميا)”.
ولفتت إلى أن الأسد ذهب أيضا لحضور حفل تخرج نجله حافظ لتلقيه درجة الدكتوراة في الرياضيات من جامعة موسكو الحكومية (لومونوسوف) الروسية في 28 تشرين الثاني/نوفمبر.
ووفق مصادر “المجلة”، بدأ بشار الأسد العمل على مسارين، الأول مواصلة الإعداد لاحتمال مغادرته دمشق عبر تهريب وثائق وصناديق بطائرة مدنية من مطار المزة العسكري.
والمسار الثاني، الإعداد لمعركة مضادة واستنجاد حليفيه الإيراني والروسي وعقد لقاءات مع أمنيين وعسكريين في نظامه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالتوازي مع ذلك، قاوم الأسد “النصيحة” التي جاءت من روسيا بعد سيطرة فصائل “المعارضة السورية” على حلب، بضرورة الاستعداد للمغادرة تجنبا لإراقة الدماء في العاصمة.
إلقاء “خطاب الحرب”
ونسبت “المجلة” لمصادر عسكرية وحكومية أن بشار الأسد تلقى بعد ظهر السبت ومساء السبت 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، اتصالات من وزير الخارجية بسام صباغ والمستشارة بثينة شعبان ومن رئيسة اتحاد الطلبة دارين سليمان ومن نائبة الأمين العام للرئاسة لينا كيناية. أكد لجميعهم أنه “لا داعي للقلق” وأن “الدعم الروسي قادم” و”أننا سنقاتل ونستعيد المدن”. وقال أحد الذين اتصلوا بالأسد: “فوجئنا بالذي حصل. قال لنا: نحن ذاهبون إلى معركة. يبدو أنه ضللنا”.
ذهب الأسد وعائلته إلى موسكو من دون يأخذ أقرباءه أو مستشاريه أو أن يتنحى عن منصبه ولم يعتذر. بقي صامتا.
ومن ثم وافق الأسد مبدئيا على إلقاء “خطاب الحرب” وليس الاستقالة أو التنحي مساء السبت. وجرت إعدادات لذلك، بل إن مصوريه جهزوا المكان، وجهزت قناة “روسيا اليوم” شارة الانتقال لبث “الخطاب المباشر” للأسد.
كذلك، ألح عليه مستشاروه كي يظهر، سأله أحدهم: “ماذا يحصل في حمص ودمشق؟ هل أعطيت تعليمات بعدم إطلاق النار؟ من أعطى التعليمات؟ هل هناك اتفاق في الدوحة بين وزراء صيغة أستانا؟”. لكنه قال: “لا داعي للقلق. الدعم من حلفائنا الروس قادم. ولا عجلة في إلقاء الخطاب. الوقت تأخر الآن (9:30 مساء السبت). غدا سألقي خطابا”. بالفعل بقي بعض الموظفين في مكاتبهم إلى ما بعد منتصف “ليلة الهروب”، طبقا لـ”المجلة”.
خطة هروب “سرية”
في سياق تفاصيل هروب الأسد، أشارت “المجلة” إلى أن بشار اتفق مع دارين سليمان على تناول الفطور صباح الأحد ومع شعبان على إعداد مسودة خطاب وعرضها على اللجنة السياسية في الساعة الثانية عشر ظهر الأحد، ثم عرض مسودة الخطاب عليه كي يلقيه بعد ظهر الأحد.
وفي الساعة الثامنة غادر الأسد مكتبه. تلقى اتصالا روسيا مهما، مفاده بأن عليه مغادرة دمشق لتجنب إراقة مزيد من الدماء وحماية ما تبقى من المصالح الروسية، وفق ما أكدته “المجلة”.
وأضافت: “أما المستشارون، فذهبوا إلى النوم بما في ذلك قائد الموكب في الحرس الجمهوري اللواء فائز جمعة. أيقظهم أقاربهم ومساعدوهم على مفاجأة مدوية جاءت من وسائل الإعلام: (الأسد هرب)”.
واختار الأسد شخصين فقط، أحدهما وزير شؤون الرئاسة منصور عزام (شقيقه رجل أعمال في روسيا) ومسؤول الحماية العميد محسن محمد. وذهبوا إلى قاعدة حميميم. ومن هناك طار إلى موسكو، طبقا لمصادر “المجلة”.
أما زوجته، أسماء من جهتها كانت قد اتصلت بأحد مساعديها كي يعود على عجل من مؤتمر في الخارج لعقد اجتماع مهم. عندما وصل أحدهم من دبي إلى مطار دمشق، وجده تحت سيطرة الفصائل. وقال باكيا: “أبكى على حالنا. لقد ضللونا وخدعونا”.
وعندما تسرب خبر مغادرة الأسد، استيقظ أو تم إيقاظ مستشاريه وهربوا إلى لبنان أو الساحل السوري ثم إلى دول عربية. إحدى العاملات بالقصر عادت للعمل، فيما ذهب آخرون إلى دول أخرى مثل الإمارات وروسيا ولبنان والعراق. وتردد أن عددا من الضباط والمسؤولين لجأوا إلى إحدى السفارات في دمشق.

وتاليا، “جاء الأمر الأخير للانسحاب في الساعة 3 فجر السبت–الأحد، لعناصر “الحرس الجمهوري”، بعد خروج أخبار عن أنه فر هاربا دونما إخبار ضباطه المرافقين أو رئيس مكتب المهام الخاصة، أي اللواء فائز جمعة. وحتى ذلك الوقت، كانت عناصر الحراسة في قطاعات القصر تقوم بمهامها على أكمل وجه وتقوم بتفتيش السيارات بشكل دقيق، على عكس ما درج خلال السنوات الماضية من السماح لمرور السيارات دون أي تدقيق”.
وأكثر من مسؤول قال إن الأسد لم يبلغ شقيقه ماهر بموعد هروبه، كما أنه لم يبلغ باسل ابن شقيقته بشرى بموعد خروجه من دمشق. ولم يسمح لرئيس موكب الحماية بالسفر معه. وأبلغ أحد سائقيه: “لدينا وثائق للحلفاء الروس، يجب أن نسلمها في حميميم… وطار دونه”، حسب قول السائق لأحد أقاربه. قال أحد المطلعين: “كان خائفا من أن يقتله أحد مرافقيه”.
وذهب الأسد وعائلته إلى موسكو من دون يأخذ أقرباءه أو مستشاريه أو أن يتنحى عن منصبه ولم يعتذر. بقي صامتا.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

“قتل وحرق ودمار”.. شهادات جديدة توثق مجازر الساحل السوري

انتشار سيارات “الدعوة” في شوارع دمشق يثير الجدل والتوترات

“لبحث تنفيذ الاتفاق”.. قائد “قسد” يجتمع مع لجنة من الإدارة السورية

الهجري: إدارة دمشق لون واحد ولن نكرر ما ذقناه بالسابق

“تهدئة على الحدود”.. اتفاق سوري لبناني لوقف إطلاق النار

توترات بين دمشق و”حزب الله”.. تفاصيل ما حدث على الحدود السورية اللبنانية

تغييب بنود عن الدستور الجديد وتمييع حقوق السوريين تثير انتقادات واحتجاجات
