منذ بداية الثورة السورية، وجدت طهران الفرصة الذهبية لتعميق وجودها في الأراضي السورية، بهدف توسيع رقعة تمددها في المنطقة، لكن سقوط نظام بشار الأسد، كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، حيث اندثر مشروعها في أيام معدودة.

وعملت إيران خلال 14 عاماً، على إبرام اتفاقيات مع دمشق، تجاوزت 100 اتفاقية في مختلف القطاعات، إذ كانت تسعى للهيمنة على الاقتصاد السوري، في سبيل السيطرة العسكرية، التي كانت تجري على قدم وساق، لكن هذا الحلم سرعان ما تبدد.

إنهاء المشروع الإيراني أولوية

قائد “إدارة العمليات العسكرية”، أحمد الشرع، اعتبر أن تحرير سوريا أنقذ المنطقة من حرب عالمية ثالثة، مشيراً إلى أن وجود مليشيات بسوريا كان عامل قلقٍ لكل دول المنطقة، في إشارة إلى الميليشيات الإيرانية. إذ جاء خلال لقاء الشرع، اليوم الأحد، مع الوفد اللبناني، الذي ترأسه وليد جنبلاط.

قائد إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع – انترنت

الشرع، اعتبر أن الميليشيات المدعومة من إيران فرقت السوريين، بينما أكد أن عقلية بناء الدولة يجب أن تبتعد عن الطائفية والثأر، حيث نشر نظام بشار الأسد الطائفية للبقاء في الحكم، وفق تعبيره.

وقال مصدر مقرب من القيادة في دمشق، إن إفشال المشروع الإيراني في سوريا وإنهائه، يعد من أولويات المرحلة الحالية، لإيقاف تمدد هذا المشروع في دول الإقليم.

السلطات السورية منعت، أمس السبت، طائرة إيرانية تابعة لشركة ماهان، التي يمتلكها الحرس الثوري الإيراني والمدرجة على قائمة العقوبات الأميركية، من دخول الأجواء السورية، حيث كانت في طريقها إلى لبنان، وفق ما تحدث المصدر لـ “الحل نت”.

يأتي ذلك في حين اعتبر، المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أن حياة السوريين باتت غير آمنة، بينما اتهم الولايات المتحدة بـ “السعي إلى نشر الفوضى والشغب في سوريا، وأن الأحداث الجارية في البلاد قد تؤدي إلى ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء”، بحسب تعبيره.

وأشار إلى أن تدخل بلاده في سوريا بأنه “معركة الإيمان”، مبررا ذلك بأن هذا الدور كان ضرورياً لمواجهة ما وصفه بالتهديدات التي تمس المصالح الإسلامية والإقليمية.

العلاقات بين دمشق وطهران

كانت طهران تُعتبر الحليف الأبرز لدمشق، إلى جانب موسكو، وتسيطر على جزء كبير من القرار السياسي السوري، لكنها باتت اليوم خارج المعادلة بالكامل، بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.

هذه الخسارة أدت إلى إضعاف نفوذها في المنطقة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على “حزب الله” اللبناني وتدمير ترسانته العسكرية ومقتل زعيمه، حسن نصر الله، بينما انقطعت طرق الإمداد إلى “الحزب”، التي كانت تعبر من الأراضي السورية، قادمة من العراق.

القيادة في سوريا، على رأسها الشرع، لا تتجه إلى إعادة فتح علاقات مع إيران وهذا خارج حساباتها، بل ستكون علاقات محدودة في المستقبل، لا تتجاوز ممثلين دبلوماسيين، أسوة بباقي الدول، لكن هذا ليس في الوقت الحالي.

الشرع اعتبر في تصريحات مؤخراً أن ما قامت به فصائل المعارضة وأنجزته “بأقل الأضرار والخسائر الممكنة، أعاد المشروع الإيراني في المنطقة 40 سنة إلى الوراء”.

إذ قال إن الأمن الاستراتيجي الخليجي أصبح أكثر أمناً وأماناً لأن المشروع الإيراني تراجع، مؤكداً أن سوريا لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان.

في الساعات الأخيرة لسقوط النظام، غادرت الميليشيات الإيرانية الأراضي السورية بالكامل، براً وجواً، إذ صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن القوات الروسية أجلت 4 آلاف مقاتل إيراني من سوريا إلى طهران، بينما أشار إلى أن جزءا من القوات المحسوبة على إيران غادرت إلى لبنان وآخر إلى العراق.

وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قال إن سوريا باتت خارج ما يسمى “محور المقاومة” بعد سقوط نظام الأسد، زاعماً أن ما شهدته البلاد يأتي “ضمن مخطط أميركي – إسرائيلي”.

إذاً، العلاقات السورية الإيرانية لن تعود إلى سابق عهدها كما كانت خلال السنوات السابقة، حيث كانت طهران تنشر ميليشيات تتبع بشكل مباشرٍ لـ “الحرس الثوري الإيراني” في الأراضي السورية، بهدف تعزيز تواجدها العسكري، بينما استطاعت تجنيس مئات الآلاف من عناصرها في سوريا، واشترت عقارات في دمشق، إلى جانب توقيع أكثر من 125 اتفاقية نظام الأسد، في قطاعات مختلفة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة