تتداول منذ أيام العديد من الفيديوهات، بعضها “قديم” والبعض الآخر “كاذب”، إضافة إلى منشورات تحريضية، وكلها بهدف إثارة الفتنة في سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتسلم فصائل “المعارضة السورية” بقيادة “هيئة تحرير الشام” الإدارة الجديدة في سوريا.
وخرجت عدة مظاهرات في مناطق عديدة من المحافظات السورية، تنديدا بإحراق مزار لشخصية علوية في حلب. على ذلك، قتل وأصيب خمسة آخرون، مساء أمس الأربعاء، في حمص وسط سوريا، بعد أن أطلقت قوات الأمن النار لتفريق المتظاهرين.
سوريا.. تظاهرات عديدة
وتعد هذه المظاهرات هي الأولى للعلويين منذ أن أطاحت فصائل “المعارضة السورية” بنظام الأسد، ودخل دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، في هجوم خاطف استمر 11 يوما سيطر خلاله على قسم كبير من البلاد، وبعدما حكم البلاد على مدى 24 عاما، فرّ الأسد إلى موسكو، وفقا لما ذكرته “وكالة الصحافة الفرنسية”.
وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، خروج آلاف السوريين العلويين إلى الشوارع في طرطوس واللاذقية وجبلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث معاقل هذه الأقلية.
كذلك أشار إلى اندلاع احتجاجات مماثلة في بانياس وحمص، حيث ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الشرطة فرضت حظرا للتجول بين السادسة مساءً والثامنة صباحا.
وجاءت هذه الاحتجاجات الغاضبة نتيجة مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الأربعاء، يظهر “هجوم مسلح” على مرقد أبي عبد الله الحسين الخصيبي في منطقة ميسلون بمدينة حلب شمال سوريا.
غير أن وزارة الداخلية السورية أكدت أن الفيديو “قديم ويعود لفترة تحرير حلب”، مشيرة إلى أن الفعل “أقدمت عليه مجموعات مجهولة”، أي أنها كانت تصرفات فردية.
“إثارة الفتنة”
واعتبرت الوزارة أن “إعادة نشر” المقطع هدفها “إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة”، مشددة على أن “أجهزتنا تعمل ليل نهار على حفظ الأملاك والمواقع الدينية”.
وأصدرت منصة “تأكد” الإعلامية والمتخصصة بالتحقق من الأخبار والمعلومات، بيان حول الصفحات المضللة وحادثة مقام الطائفة العلوية بحلب.
وقالت المنصة: “إلى الجهات المعنية في شركة ميتا والسلطة الانتقالية في سوريا: على الرغم من محاولاتنا إيصال هذه المعلومات عبر موظفين لدى الطرفين، إلا أننا لم نتلق استجابة بسبب عطلة الميلاد ورأس السنة أو انشغال شخصيات السلطة الانتقالية”.
وأردفت منصة “تأكد” في بيانها، “من خلال متابعة الحسابات التي نشرت فيديو حادثة مقام الطائفة العلوية في حلب بشكل مضلل، وإبلاغ شركة ميتا عنها، تواصل معنا أحد الموظفين في الشركة. أطلعنا الموظف على معلومات حساسة تشير إلى أن إحدى الصفحات التي نشرت الفيديو تم إنشاؤها من قبل حساب يدعى “رعد الأسد”، والذي يظهر عبر معلومات الـIP أنه نشط في دمشق”.
كما تبين أن “هذا الحساب مرتبط بشبكة كبيرة تدير صفحات أخرى تعمل على نشر الفيديوهات بشكل مضلل وبأهداف واضحة”، طبقا للمنصة.
وأشارت “تأكد” إلى أن “الموظف نصحنا بضرورة إبلاغ وزارة الخارجية في السلطة الانتقالية السورية لمراسلة مقر شركة ميتا في الإمارات، ومطالبتهم بإغلاق تلك الصفحات وتحميلهم مسؤولية الضرر الذي قد ينتج عن عدم الاستجابة. كما أوصى بإصدار بيان رسمي من الخارجية السورية يدعو لتجميد هذه الحسابات”.
وشددت المنصة على أنه رغم “محاولاتنا التواصل مع وزارة الخارجية عبر زملاء صحفيين لديهم علاقات مع السلطة، لم نتلق أي استجابة حتى الآن”.
كما حذرت منصة “تأكد” من الصفحات التي تبث وتنشر بيانات تحريضية على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة منصة “تليغرام”.
وقال أحد الناشطين السوريين إن الشخص الذي كان يحرض الناس في حمص أمس الأربعاء ويتصدر الشارع يدعى “شجاع العلي” ومتهم بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في ريف حمص الغربي. ويعتبر من أبرز المسؤولين عن عمليات اختطاف وابتزاز بحق المدنيين على طول ريف حمص والحدود اللبنانية، خلال حكم بشار الأسد، بحسب متابعة “الحل نت”.
إيران وفلول نظام الأسد
هذا وكان وزير الخارجية السوري المعين حديثا أسعد حسن الشيباني حذر إيران يوم الثلاثاء من بث الفوضى في بلاده بعد تصريحات صدرت من طهران.
وقال في منشور على منصة “إكس” “يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامته، ونحذرهم من بث الفوضى في سوريا ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة”.
كذلك، دعا المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي في خطاب نقله التلفزيون يوم الأحد، الشبان السوريين إلى “الوقوف بكل قوة وإصرار لمواجهة من صمم هذا الانفلات الأمني ومن نفذه” في إشارة إلى إسقاط نظام الأسد.
وأضاف خامنئي “نتوقع أن تؤدي الأحداث في سوريا إلى ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء لأن ليس لدى الشباب السوري ما يخسره، فمدارسهم وجامعاتهم وبيوتهم وشوارعهم غير آمنة”.
في الأثناء، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن “من يعتقدون إنهم حققوا انتصارات في سوريا عليهم التمهل في الحكم. المستقبل مليء بالتطورات المثيرة”.
خطة لاحتواء الوضع
في سياق ذلك، قال وزير الداخلية في الإدارة السورية الجديدة محمد عبد الرحمن، اليوم الخميس، إن “قواتنا ستلاحق من يرفض تسليم السلاح على امتداد الأراضي السورية”.
ولفت عبد الرحمن، إلى أن “ما حدث بالساحل السوري يجعلنا أكثر إصرارا على استئصال فلول نظام الأسد”، مضيفا “نحن عازمون على محاسبة كل من يهدد أمن سوريا والحفاظ على أمن البلاد أولوية لا تقبل المساومة”.
كذلك، قال عبد الرحمن لـ”العربية/الحدث” إن الحفاظ على أمن سوريا واستقرارها هو أولوية لا تقبل المساومة، و”إن محاسبة المجرمين والمخلين بالأمن هي مسؤولية وطنية تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف، ولن نتوانى عن اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة، مهما كانت مواقعهم أو خلفياتهم”.
وتابع: “بذلنا جهدنا للتخفيف من معاناة شعبنا، وقمنا بافتتاح مراكز تسوية تساعد على تسليم السلاح والاستمرار في حياة كريمة لمن أراد والباب لا يزال متاحا، لكن من يأبى فالقانون لن يتركه وقواتنا ستلاحقه على امتداد الأراضي السورية”.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الإعلام السورية، اليوم الخميس، حظر تداول أو نشر أي محتوى إخباري ذي طابع طائفي، قائلة في منشور على صحفتها على منصة “فيسبوك” اليوم: “حرصا على تعزيز الوحدة الوطنية وصون النسيج السوري بجميع مكوناته، يُمنع منعا باتا تداول أي محتوى إعلامي أو نشره، أو محتوى إخباري ذي طابع طائفي يهدف إلى بث الفرقة والتمييز بين مكونات الشعب السوري”.
وأكدت الوزارة السورية على ضرورة التزام كافة المؤسسات الإعلامية والناشطين الإعلاميين بالعمل على نشر قيم التآخي والتعايش المشترك، مع التشديد على أن أي مخالفة لأحكام هذا القرار ستُعرّض أصحابها للمحاسبة القانونية.
كما وفرضت السلطات الأمنية الجديدة في سوريا حظرا للتجوال في كل من حمص واللاذقية وطرطوس وجبلة، اعتبارا من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة 8 صباحا، في إطار حفظ الأمن والنظام، بحسب إعلان “القيادة العامة”.
عملية أمنية في طرطوس
إلى جانب ذلك، قالت وكالة “سانا”، إن إدارة العمليات العسكرية أطلقت، اليوم الخميس، عملية لـ”ملاحقة فلول” نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، في ريف محافظة طرطوس بغرب البلاد.
وأضافت “سانا”، أن إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية “تطلق عملية لضبط الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وملاحقة فلول ميليشيات الأسد في الأحراش والتلال بريف محافظة طرطوس”.
ونوّهت “سانا” إلى أن العملية التي جرت في محافظة طرطوس مكنت من “اعتقال العديد من عناصر هذه “الميلشيات” الموالية لبشار الأسد.
وأفاد “المرصد السوري” اليوم الخميس، عن سقوط “ثلاثة قتلى” خلال هذه العملية، موضحا أن الضحايا من صفوف “المقاتلين الموالين للنظام السابق”.
وأكد “المرصد السوري” حصول اعتقالات عدة على خلفية القتال الدامي الذي هز خربة المعزة بطرطوس، أمس الأربعاء، وكذلك التظاهرات غير المسبوقة لأفراد من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
في غضون ذلك، قُتل 14 شخصا في اشتباكات بطرطوس في الساحل السوري، بعد أن حاولت قوات الأمن اعتقال ضابط عسكري تولى مناصب في عهد الأسد مرتبطة بسجن صيدنايا.
وذكر “المرصد السوري” في بيان أن “14 من عناصر قوى الأمن العام” في الإدارة السورية الجديدة و”ثلاثة مسلحين” قتلوا في قرية خربة المعزة بريف طرطوس الجنوبي، في ارتفاع عن حصيلة سابقة أحصت تسعة قتلى.
وأعلن “المرصد السوري“، اليوم الخميس، القبض على اللواء (محمد كنجو حسن) في خربة المعزة بريف طرطوس، وهو المسؤول عن المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا العسكري.
إلا أن الحقوقي السوري، دياب سرية قال إن “الأخبار المتداولة عن اعتقال محمد كنجو حسن مصدرها غرف التليغرام وحسابات تواصل اجتماعي، حتى الآن لا يوجد تأكيد رسمي من وزارة الداخلية أو الدفاع في حكومة تصريف الأعمال… أتمنى أن يكون الخبر صحيحا وأتمنى أن ينال محاكمة عادلة حرم منها الآلاف من ضحاياه والأهم هذا الرجل لديه معلومات كثيرة عن عمليات الإخفاء القسري ومصير الضحايا يجب أن تحصل عليها الدولة السورية الجديدة”.
واللواء محمد كنجو حسن “كنا قد قدرنا في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا حجم الثروة التي جناها من عمليات ابتزاز أهالي المعتقلين بالتعاون مع ضباط استخبارات ومقربين من رئيس النظام المخلوع بحوالي 150 مليون دولار”.
عودة الهدوء
وطبقا لتقرير آخر لـ”المرصد السوري”، فقد عاد اليوم الهدوء إلى مناطق من ريف طرطوس، وريف اللاذقية، وريف حماة، وريف حمص، بعد يوم من الحوادث التي شهدتها بعض تلك المناطق، وتأتي هذه التطورات في أعقاب حملة أمنية واسعة نفذتها إدارة العمليات العسكرية للسيطرة على الأوضاع ومنع تكرار الانفلات الأمني الذي شهد تصاعدا ملحوظا خلال الساعات الماضية.
وبحسب مصادر “المرصد السوري”، بدأت الأحداث عندما توجهت دورية من إدارة العمليات إلى القرية لاعتقال كنجو، الذي كان يقيم هناك تحت حماية مسلحين. اعتراض المسلحين للدورية وتصاعد الموقف إلى اشتباكات، دفع إدارة العمليات إلى إرسال تعزيزات أمنية كبيرة إلى القرية. وخلال العملية، تم فرض حظر تجوال في خربة المعزة ومحيطها.
وفي ريف حماة الغربي، هاجمت مجموعات مسلحة مجهولة مواقع تابعة لإدارة العمليات العسكرية، حيث استُهدف حاجز معسكر الطلائع على طريق مصياف – حماة بقذائف “آر بي جي” والرشاشات الثقيلة، بالإضافة إلى إطلاق نار كثيف على حاجز حيلين قرب مصياف. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل عنصر وإصابة آخر، وفق “المرصد”.
ويسود اليوم هدوء في جميع المناطق، بما فيها قرية خربة المعزة بريف طرطوس ومناطق ريف حماة، وسط استمرار انتشار القوات الأمنية وملاحقة العناصر المتورطة، ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من تجدد الاشتباكات في ظل محاولات بعض الجهات استغلال الوضع لزعزعة الاستقرار وخلق حالة من الفوضى الطائفية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

حازم الشرع.. من هو ولماذا يرافق الرئيس السوري؟

ليلة دامية في حماة.. وجدل حول مقتل لؤي طيارة تحت التعذيب!

حلّ غرفة تجارة وصناعة إدلب في حماة وإلغاء “مؤسسة التجارة الخارجية”.. ما السبب؟
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري: “قسد” غير مدعوة للمؤتمر

“سيحاكمون”.. الشرع يرفض الطلب الجزائري بتسليم المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد

الشرع يتحدث عن أسباب رحلته إلى العراق وانضمامه “للقاعدة”

“حتى عام 2022 كان مقيماً فيها”.. ماهر الشرع من طبيب بروسيا إلى وزير بسوريا

الشرع: لم نفرض “التجنيد الإجباري” وآلاف المتطوعين يلتحقون بالجيش السوري الجديد


طهران: ندعم أي حكومة يؤيدها السوريون.. والشرع يزور تركيا غداً
