غداة اتفاق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خريطة طريق لتعليق بعض العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا، حطّ وفدٌ روسي برئاسة نائب وزير الخارجية المبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين، ميخائيل بوغدانوف، في دمشق، في محاولة للتواصل ورسم ملامح العلاقات مع “الإدارة السورية الجديدة”.
قد يكون ذلك من باب المصادفة ولا يوجد ترابط بين القرار الأوروبي، الذي يقضي بتعليق بعض العقوبات المفروضة على الطاقة والطيران والمالية في سوريا، وزيارة الوفد الروسي الأولى إلى دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد.
العقوبات الأوروبية والتسوية مع موسكو
يبدو أن ثمة تنافس محتدم بين كلٍّ من موسكو والاتحاد الأوروبي على سوريا، فبشكل مباشر وضعت أوروبا شرطًا أساسيا لتقديم الدعم لـ “لقيادة الجديدة” في سوريا ومساعدتها على إرساء الاستقرار، وهو انسحاب روسيا من أراضيها.

في رسالة للسوريين كتبت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد، كايا كالاس: “روسيا وإيران ليستا صديقتين لكم، ولا تساعدانكم إذا كنتم في ورطة. لقد تركوا نظام الأسد، وهذه رسالة واضحة جداً تُظهر أن أيديهم مشغولة في مكان آخر، وأنهم ضعفاء”، كما اشترطت للتعاون مع “الإدارة السورية الجديدة”، أن تعمد الأخيرة إلى إغلاق القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس.
أما وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب، فقد قال في وقت سابق: “فيما يتعلق بالقواعد العسكرية الروسية في سوريا، نريد خروج الروس” من سوريا.
فيما دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، روسيا إلى الانسحاب عسكريًا من سوريا، وقالت إن الدعم الأوروبي لـ “لإدارة السورية الجديدة” سيعتمد على التغييرات السياسية التي سيتم إجراؤها، ما يظهر أولويات الاتحاد الأوروبي في تعامله مع دمشق في حقبة ما بعد الأسد.
بداية جديدة أم مجازفة؟
تعكس زيارة الوفد الروسي إلى سوريا، أن البلدين أمام بداية جديدة للعلاقات فيما بينهما، لكن هناك مخاوف من الموقف الأوروبي حيال ذلك وأن يتم ربط قرارات تخفيف العقوبات بالعلاقة الروسية السورية مستقبلًا.
لتوضيح ذلك قال رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والدبلوماسية في المنظمة الأوروبية للسياسات، ناصر زهير خلال حديث خاص لـ”الحل نت“، إن “الإدارة السورية الجديدة من المستبعد أن تجازف بعلاقتها مع الاتحاد الأوروبي مقابل تسوية علاقتها مع موسكو”.
وأوضح أن الإدارة السورية تحاول الوصول إلى تسويات محددة مع موسكو، غير ممكن أن تتم بشكل سريع ومباشر، فذلك يحتاج إلى فترة من الزمن، خاصة وأن موسكو لازالت تمتلك على الأراضي السورية قواعد عسكرية، إضافة إلى استمرار عقود اقتصادية خاصة بالاستثمار في الميناء وكذلك البنية التحتية في سوريا
وأكد أن هناك الكثير من النقاط التي يجب أن يتم حلها، ولذلك الإدارة السورية الجديدة تحاول أن تفعل ذلك، منوهًا إلى أن جهود هذه الإدارة حتى الآن أو أي اتفاقية تبرمها لا يمكن البناء عليها في الفترة القادمة لأنها لا زالت “إدارة مؤقتة”.
متى يغير الاتحاد الأوروبي من موقفه؟
بالنسبة لموقف الاتحاد الأوروبي حيال التطورات الأخيرة، توقع زهير أن تتفهم دول الاتحاد مثل هذه اللقاءات، مشيرًا إلى أنها ستنظر إلى الاتفاقيات النهائية، فإذا أبرمت الإدارة السورية الحالية والمستقبلية اتفاقيات استراتيجية طويلة الأمد مع موسكو، تساعد على استمرار الدور الروسي بشكل كبير في سوريا، هنا قد يغير الاتحاد الأوروبي من استراتيجيته، بحسب ما أكد.

وأكد البرلمان الأوروبي اليوم الأربعاء، أن تعليق العقوبات على سوريا لن يكون “صكا على بياض”، وشدد كثيرون على ضرورة اتباع الاتحاد نهجاً تدريجياً وقابلاً للتقييم والمراجعة للحفاظ على نفوذه.
واتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مساء الإثنين على تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لمدة سنة، وقبل ذلك، كانت الولايات المتحدة اتخذت إجراءاً مماثلا في السابع من كانون الثاني/ يناير الحالي لمدة ستة شهور قابلة للتمديد.
ويفرض الاتحاد الأوروبي مجموعة من العقوبات تستهدف أفرادا وقطاعات اقتصادية في سوريا، منها حظر صادرات النفط السوري، وقيود على الوصول إلى القنوات المالية العالمية.
مباحثات مالية جديدة
في سياق موازٍ ناقش وزير المالية السوري محمد أبازيد، اليوم الأربعاء، الوضع المالي لبلاده واحتمالات تخفيف العقوبات المفروضة عليها في أول اجتماع له مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي منذ إطاحة المعارضة بنظام بشار الأسد العام الماضي.
اجتمع وزير المالية السوري مع المبعوث الألماني المؤقت إلى سوريا بيورن جيرمان، وممثل الاتحاد الأوروبي مايكل أونماخت في دمشق بعد أيام قليلة من موافقة الاتحاد الأوروبي على خارطة طريق لتخفيف عقوباته على سوريا.
ووفقًا لوكالة “رويترز” للأنباء، قال جيرمان بعد الاجتماع إن الاتحاد الأوروبي لا يزال يعمل على صياغة التفاصيل لتحديد العقوبات التي سترفعها بروكسل، مشيرا إلى أن الأمر قد يستغرق بضعة أسابيع.
وأضاف أن الاجتماع تطرّق إلى الوضع المالي في سوريا وتنظيم القطاع المالي وأولويات تخفيف العقوبات، مؤكدًا على أن ما تم مناقشته “مشجعا”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

وزيرة الخارجية الألمانية في دمشق: بداية سياسية جديدة؟

مسؤول أممي: الاستثمار بسوريا ضروري لمنع المزيد من موجات الهجرة

دمشق تضع شروطا لحضور مؤتمر بروكسل: مقامرة سياسية وعودة إلى المربع الأول

مؤتمر بروكسل التاسع.. ماذا يحمل لسوريا؟
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول اقتصاد

وسط الغلاء وتآكل القدرة الشرائية.. كيف يشتري السوريون “كسوة العيد”؟

متى تتسلم الإدارة السورية آبار وحقول النفط من “قسد”؟

بعد ملاحقة المكاتب غير المرخصة.. هل تنتهي فوضى “بسطات الصرافة” في سوريا؟

لغز توقف إعادة الربط الكهربائي بين سوريا والأردن.. هل قطر السبب؟

مسؤول يكشف حقيقة السفن القطرية والتركية.. سوريا بلا كهرباء إلى أجل غير مسمى

“وزارة الاقتصاد” تستعرض انجازاتها.. هل انعكست على معيشة السوريين؟

ضوابط ورسوم جديدة تهدد بانهيار قطاع التخليص الجمركي في سوريا.. ما علاقة الاحتكار؟
