يوم بعد آخر ومع حوادث متتالية، تبدو المحاولات تتراكم لجهة تأزيم الوضع في شمال وشرق سوريا، بينما تعمد إلى إثارة المشكلات والتعقيدات الأمنية والسياسية، الأمر الذي يصور الوضع وكأن مناطق الاحتكاك مع “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا على الحافة وفي مواجهة طوق من العواصف التي تهددها وترغمها على القبول بأوضاع غير إنسانية.
وقد قضى 20 شخصا وتعرض نحو 15 للإصابة، اليوم الاثنين، إثر انفجار سيارة ملغومة على تخوم مدينة منبج بشمال سوريا.
ماذا يجري في منبج؟
وبحسب الدفاع المدني السوري، فمن بين الضحايا وهم بالكلية من العاملين والعاملات بمجال الزراعة، حوالي 14 امرأة ورجل، وغالبية المصابين من النساء، كما أن جروح بعضهن ليست بالطفيفة مما يرشح أعداد الوفيات إلى الزيادة والتضاعف.
وقال الدفاع المدني إن السيارة الملغومة التي تسببت في الانفجار اصطفت لجانب سيارة أخرى كانت بدورها تقوم بنقل العمال المزارعين ناحية أحد الطرق الرئيسية عند أطراف منبج شرقي حلب.
فيما تتجه الإشارات إلى احتمالية تورط فصائل “الجيش الوطني” في الحادث لوقوع الانفجار ضمن مناطق سيطرتهم، حيث يشير “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إلى أن هذا الحدث يسجل “السادس من نوعه في المناطق التي سيطرت عليها الفصائل الموالية لتركيا مؤخرا”.
ولفت “المرصد السوري” في تقرير آخر أمس الأحد، مقتل عشرات الأشخاص في محافظات متفاوتة وخلال 24 ساعة فقط، وتتراوح بين اغتيالات واستهدافات بمسيّرات، فضلا عن التفجيرات والصدامات العسكرية واحتكاكات متعددة، موضحا كذلك إلى جانب عوامل العنف وبيئة الصراع، توافر مخلفات الحرب التي تتسبب في مقتل المدنيين ومنهم الأطفال، بما يفاقم الوضع الأمني ويجعل الظروف تشهد سيولة على عدة مستويات.
وفي بيان لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) قالت: “تُدين قواتنا، قوات سوريا الديمقراطية التفجير الإرهابي الأخير الذي وقع في منبج صباح اليوم وتؤكد أن ثقافة المفخخات والاقتتال الداخلي والإرهاب والفوضى والفتنة هي جزء أصيل من أفعال الفصائل المرتزقة التابعة لتركيا، وهي استراتيجية ثابتة يتبعها هؤلاء لترويع الأهالي ومنعهم من الاحتجاج على الأوضاع السيئة التي تعيشها منبج من قضايا سرقة ونهب واغتصاب تمارسها عناصر تلك الفصائل”.
وتابعت أن “قواتنا التي تملك تجربة واسعة في كشف المجرمين، تعرض تجاربها في التحقيق على إدارة دمشق لتثبيت الأطراف الحقيقية المجرمة التي تقف وراء تلك التفجيرات، وكذلك الأطراف التي تحاول التستر على أفعالهم من خلال التهم الجاهزة التي يتم توجيهها لقواتنا بعد دقائق من حدوث تلك الحوادث دون تحقيقات أو أدلة في محاولة لإبعاد الشبهات عن الخفايا الحقيقية للأطراف التي تقف خلفها”.
من جانبها، أصدرت الرئاسة السورية بيانا، أدانت فيه التفجير الذي وقع اليوم في منبج بريف حلب، وقالت:”في يوم الاثنين الثالث من شهر شباط/ فبراير لعام 2025، استهدف تفجير إرهابي غادر أهلنا المدنيين في مدينة منبج، مما أسفر عن سقوط عشرين شهيدا وعدد من الجرحى…”.
وتابع البيان، وفق ما نقلته وكالة “سانا” المحلية: “وفي هذا المقام، تؤكد الدولة السورية أنها لن تتوانى في ملاحقة ومحاسبة المتورطين في هذا العمل الإجرامي، ولن تمر هذه الجريمة دون إنزال أشد العقوبات بمرتكبيها، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن سوريا أو إلحاق الضرر بشعبها”.
“أوضاع صعبة”
يمكن القول إن مدينة منبج التي تعرضت لهذا الحادث الصعب، بها كثافة سكانية من المدنيين مما يجعلهم عرضة لوضع غير إنساني في ظل تزايد العنف وتوسع عمليات المواجهة أو الاشتباكات الأمنية والعسكرية، حيث إن الإحصائيات الرسمية تشير لنحو مئة ألف نسمة، وربما تضاعفت النسبة مع حركة النزوح الأخيرة، وتشتد الاحتكاكات في محيط سد تشرين الذي يتركز في المنتصف بين نهر الفرات ناحية جنوب شرق منبج. وهنا يبدو المدنيين في نقطة خانقة من تصاعد المواجهات وتحت وطأة عنف متزايد.
وفي تغريدة لمدير الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، على حسابه في منصة “إكس”، قال إن استهداف المدنيين “جريمة لا يمكن السكوت عنها، والمحاسبة العادلة للمجرمين ووقف هذه الهجمات الوحشية، مسؤولية لا يمكن أن تحتمل التأجيل”.
وشدد الصالح على ضرورة “محاسبة مرتكبي هذه المجزرة البشعة في منبج، ووقف هذه الهجمات الإرهابية القاتلة التي يقف خلفها من يهدف لضرب الاستقرار في سوريا وترويع السكان وتهديد السلم الأهلي بين المجتمعات السورية”.
كما قال الباحث السوري رضوان زيادة، إن “هذه ليست المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة لهذا النوع من التفجيرات في منبج”.
وأردف زيادة بأن “الكل يعلم من يقف وراء هذه التفجيرات ومن له مصلحة بالقيام بها”، مطالبا “زيادة الاحترازات الأمنية لمنع تكرار هذه الحوادث وانتشارها في مدن أخرى”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

8 آلاف مدرسة مدمرة في سوريا.. ما خطة وزارة التربية؟

216 حالة احتجاز تعسفي في سوريا خلال شباط.. من المسؤول؟

سعر الصرف الحقيقي لليرة السورية 20 ألفا والصدمة قادمة

الحوار الوطني السوري” يختتم أعماله.. و”الإدارة الذاتية”: لن نكون جزءاً من مخرجاته
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

“قتل وحرق ودمار”.. شهادات جديدة توثق مجازر الساحل السوري

انتشار سيارات “الدعوة” في شوارع دمشق يثير الجدل والتوترات

“لبحث تنفيذ الاتفاق”.. قائد “قسد” يجتمع مع لجنة من الإدارة السورية

الهجري: إدارة دمشق لون واحد ولن نكرر ما ذقناه بالسابق

“تهدئة على الحدود”.. اتفاق سوري لبناني لوقف إطلاق النار

توترات بين دمشق و”حزب الله”.. تفاصيل ما حدث على الحدود السورية اللبنانية

تغييب بنود عن الدستور الجديد وتمييع حقوق السوريين تثير انتقادات واحتجاجات
