وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى القاهرة يوم الثلاثاء، قادماً من دمشق على رأس وفد رسمي في أول زيارة لسوريا إلى مصر، وذلك للمشاركة في القمة العربية الطارئة التي تعقد بالعاصمة المصرية لمناقشة التطورات الفلسطينية والتصدي للمبادرات الإقليمية المتعارضة.

جاءت الزيارة بعد أن أعلنت الرئاسة السورية الشهر الماضي أن الشرع تلقى دعوة رسمية من نظيره، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في هذه القمة التي تعد منصة للرد على التطورات في الملف الفلسطيني. وبهذا الحدث، يؤكد الجانبان على ضرورة تعزيز أواصر التضامن والوحدة العربية في مواجهة التحديات الإقليمية.

تصريحات الشرع: دعم الفلسطينيين وتعزيز الوحدة العربية

أثناء مشاركته في جلسات القمة، تناول الشرع عدة نقاط رئيسية في خطابه الذي وصفه بـ”اليوم التاريخي” في سياق “قمة فلسطين”. 

كان من أبرز تصريحاته: التأكيد على أن سوريا، التي لطالما كانت من أوائل الدول الداعمة للحقوق العربية، لا تزال جزءاً لا يتجزأ من “البيت العربي الكبير”، كما اعتبر عودتها إلى جامعة الدول العربية لحظة تاريخية تعكس الرغبة في تعزيز التضامن العربي.

رفض الشرع لمحاولات فرض حلول جديدة تهدف إلى رسم خرائط جغرافية على حساب دماء الشعب الفلسطيني، معتبرًا الدعوات لتهجير الفلسطينيين قسرًا “وصمة عار ضد الإنسانية”.

كما أصر على ضرورة توحيد المواقف العربية وتحمل المسؤوليات تجاه الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن دعوات تهجير الفلسطينيين ليست مجرد تهديد للشعب نفسه بل للأمة العربية بأسرها.

أيضا ذكر الشرع بأن إسرائيل لم تتوقف عن انتهاك حقوق الشعب السوري منذ احتلالها للجولان عام 1967، مؤكدًا تمسك سوريا باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وعدم إمكانية قبول تجاهل الجانب الإسرائيلي لهذا الاتفاق.

وفي ختام كلمته، بيّن الرئيس الشرع على أن الشعب السوري سيظل دوماً إلى جانب أشقائه الفلسطينيين في كفاحهم لاستعادة حقوقهم المشروعة.

الخطة المصرية لمستقبل غزة

على صعيد آخر، تسعى الحكومة المصرية، من خلال تنظيم هذه القمة، إلى التصدي لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يهدف إلى “توطين” الفلسطينيين في دول عربية بصورة دائمة. ففي إطار الرد على هذه المبادرة، اعتمدت مسودة البيان الختامي للقمة العربية دعمها للخطة المصرية لمستقبل غزة، ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات المالية إلى تقديم دعم سريع لها.

وأوردت وثيقة مطلعة أظهرتها وكالة “رويترز” تفاصيل الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، والتي تبلغ تكلفتها 53 مليار دولار. 

وتتميز الخطة، المكونة من 112 صفحة، بخرائط توضح كيفية إعادة تطوير أراضي القطاع، إضافة إلى عشرات الصور الملونة المولدة بالذكاء الاصطناعي التي تعرض مشاريع الإسكان والحدائق والمراكز المجتمعية. كما تشمل الخطة إنشاء ميناء تجاري، ومركز للتكنولوجيا، وفنادق على الشاطئ.

السياق العربي والدولي: قمة الطوارئ وردود الفعل

تأتي هذه المبادرة المصرية في ظل اجتماع القادة العرب الذي يهدف إلى بحث مشروع بديل لمقترح ترامب، والذي ينص على سيطرة أميركية على غزة “بعد انتهاء القتال” ونقل سكانها إلى مصر والأردن. وقد وصل الملف إلى مفاوضات متعثرة لوقف إطلاق النار، فيما تبقى جلسات القمة مغلقة لوضع اللمسات الأخيرة على إعلان ختامي يُقرّ مواقف الدول العربية.

من جانب آخر، قوبلت خطة ترامب برفض واسع من الدول العربية والفلسطينيين والعديد من الدول والمنظمات الدولية، في حين رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالمقترح مؤكدًا أن “الوقت حان لإعطاء سكان غزة حرية المغادرة”. 

كما شهدت القمة كلمة افتتاحية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك قرابة الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش)، وفقاً للبرنامج الذي وزعتها جامعة الدول العربية.

وزاد على ذلك، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي التقى بنظرائه العرب خلال يوم الاثنين في القاهرة، أن “الخطة تم الانتهاء منها وفي انتظار عرضها على الأشقاء العرب في الاجتماع الوزاري وفي القمة لإقرارها”.

زيارة الرئيس الشرع إلى القاهرة تؤكد على عزم سوريا على استعادة دورها في المشهد العربي، مؤكدةً دعمها المستمر لقضية فلسطين ومواقفها الثابتة ضد محاولات فرض حلول جغرافية جديدة على حساب شعوب المنطقة. في الوقت نفسه، تشكل الخطة المصرية لمستقبل غزة بديلاً عربياً واضحاً لمقترح ترامب، مما يعكس الوحدة العربية في مواجهة السياسات الخارجية التي قد تؤدي إلى تفكيك الهوية العربية وتهجير الفلسطينيين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة