في خضم تصاعد حوادث الخطف في مناطق الساحل السوري، ناشدت أم سورية مكلومة عبر تسجيل مصوّر نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، السوريين والسلطات للكشف عن مصير أبنائها الثلاثة الذين اختطفوا في النصف الثاني من آذار/مارس الماضي بإحدى قرى الساحل، وسط أنباء عن تصاعد عمليات خطف تستهدف النساء والفتيات على وجه الخصوص.

وقالت الأم المكلومة، وهي من سكان ريف طرطوس، إنها لم تتلق أي معلومات عن أولادها منذ اختفائهم، وسط صمت رسمي يزيد من قلق الكثير من العائلات التي تواجه ظروفا مشابهة.

مناشدة أم مكلومة بالساحل

تشهد مناطق الساحل خلال الأشهر الأخيرة تزايدا لافتا في حالات الخطف، لا سيما بين الفتيات والنساء، وسط اتهامات بقيام عناصر منضوية في فصائل مسلحة محسوبة على الإدارة بدمشق بهذه العمليات ونقلهن إلى مناطق إدلب، منهن من قاموا بتزويجهن قسرا، ومنهن يقال إنه يتم بيعهن كـ”سبايا”، في حين ما يزال مصير الكثيرات مجهولا، وفق شهادات محلية وتقارير إعلامية.

وطالبت الأم في مناشدتها للسوريين القيام بإيصال صوتها للجهات المعنية بغية التحرّك للكشف عن مصير أولادها وإعادتهم لأحضانها، في وقت تتكرر فيه مناشدات من أهالي المخطوفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإعادة أبنائهم ووقف هذه الجرائم التي تُرهب السوريين ولا سيما أبناء الساحل السوري، الذين تعرضوا لعدة مجازر خلال آذار/مارس الماضي على يد فصائل مسلحة محسوبة على السلطات بدمشق.

وقالت أم المخطوفين الثلاث: “أنا المفقودين الثلاثة، حمزة حمود ولبنى حمود ولانا حمود، ولادي من 23 آذار/مارس، طلعوا من البيت يجيبوا غراض من الدكان، وفقد الاتصال معهن من الساعة الثانية ظهرا من منطقة بيت شنتة بريف طرطوس”.

وتابعت: “من يوميتها ماعاد عرفت شي عن ولادي، بتمنى من كل إنسان حر وشريف يساعدني لأوصل لولادي أو يوصلوني لطرف خيط يساعدني لرجع ولادي لحضني، بتمنى تشاركوا المقطع ليصل صوتي للجهات المعنية ورجع ولادي”.

بحسب مصادر محلية، فإن اسم الأب محسن حمود، وقد خرج أولاده الثلاث المخطوفين من المزرعة التي يعمل فيها حمود مزارعا على الطريق الرئيسي لشراء بعض المواد الغذائية من محل للأغذية يبعد حوالي 100 متر. وعلى الطريق الرئيسي، وصلت سيارة جيب سوداء تحمل لوحة إدلب. ترجل رجل من السيارة وسحب الشاب لتقوم الفتاتان بسحب أخيهما الذي سحبهما معه. ثم انطلقت السيارة. وبذلك تم اختطاف الإخوة الثلاثة قبل أن يصلوا إلى المحل.

وطبقا للمصادر المحلية، توجه الأب إلى الأمن العام وقدم بلاغا بالاختطاف، وتابع الأمر عدة مرات، دون أي رد حتى الآن. وقد تدهورت صحة الأم بشكل كبير على إثر الحادثة.

خطف النساء العلويات

كذلك، نشر شاب يُدعى علي عارف حسن، مقطع فيديو على منصة “فيسبوك”، ناشد فيه السوريين للمساعدة في العثور على شقيقته بتول عارف حسن، التي اختُطفت في 14 نيسان/أبريل الجاري على طريق صافيتا في الساحل السوري.

وقال علي إن الاتصال انقطع تماما مع شقيقته منذ ذلك الحين، ولا تملك العائلة أي معلومات عن مصيرها حتى الآن، مشيرا إلى أن بتول هي أم لطفل ذات أربع سنوات.

وطالب علي بتحويل القضية إلى قضية رأي عام للضغط على الجهات المعنية من أجل التحرك بشكل سريع، وضبط الأمن والاستقرار في المنطقة، ومحاسبة المتورطين في هذه الحوادث التي ترهب الأهالي.

ويأتي تصاعد عمليات اختطاف الفتيات والنساء في المناطق الساحلية السورية في أعقاب المجازر التي وقعت في عدد من القرى والمدن هناك على يد فصائل سورية مسلحة محسوبة على السلطات بدمشق، وسط صمت حكومي يثير العديد من التساؤلات.

وسائل إعلام عدة نشرت تقارير تفيد بوجود عشرات الحالات الموثقة لاختطاف نساء في الساحل. وبينما أُعيدت بعض المختطفات إلى عائلاتهن بعد تعرّضهن للضرب والإهانة، لا يزال مصير أخريات مجهولا حتى الآن.

الأمر الخطير، أن ثمة أقاويل تتحدث عن اختطاف نساء من الطائفة العلوية وبيعهن كـ”سبايا” في مناطق إدلب.

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن نحو خمسين سيدة من الطائفة العلوية اختفين منذ مطلع العام الجاري، في حوادث متفرقة شملت محافظات عدة، من بينها حمص وطرطوس واللاذقية وحماة.

التقارير المتزايدة التي تتحدث عن نمط ممنهج لهذه الحوادث، تثير قلقا متصاعدا في ظل تصاعد الفوضى الأمنية وتنامي ظاهرة الإفلات من العقاب، بينما تلتزم الجهات الرسمية الصمت دون الإعلان عن أي تحقيقات شاملة لكشف ملابسات هذه الظاهرة الخطيرة.

وبحسب ما وثقه “المرصد السوري”، تعرّضت النساء للاختطاف في ظروف مختلفة؛ بعضهن فقدن داخل منازلهن، وأخريات أثناء خروجهن لأعمالهن أو تنقلهن اليومي، دون أي تبنٍّ رسمي أو غير رسمي لتلك العمليات، ودون أن تُعرف الجهة المسؤولة عن اختفائهن حتى اللحظة.

تزامن ذلك مع حالة عجز وإهمال من قبل الجهات الرسمية، التي لم تُصدر أي بيان توضيحي، ولم تُطلق تحقيقات معلنة، ما زاد من حدة القلق لدى ذوي المفقودات، والذين يواجهون صمتا مطبقا في وقت هم بأمس الحاجة فيه للإجابات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة