طوارىء حكومية وتحذيرات من أزمة مياه غير مسبوقة في سوريا.. ما التفاصيل؟

يبدو أن السوريين على موعد هذا الصيف مع أزمة غير مسبوقة في المياه، بعد تحذيرات عدة تفيد بأن هناك أزمة في مياه الشرب تخيّم على مناطق واسعة من البلاد التي تخضع لتغييرات مناخية قاسية جداً تسببت في قلة الهطولات المطرية وتراجعها إلى أكثر من نصف معدلاتها السنوية. 

وتتصدر أزمة المياه جملة من التحديات التي تواجهها الحكومة السورية خلال هذه الفترة، في ظل محدودية الموارد المائية المتاحة وزيادة الطلب عليها، إضافة إلى تدهور البنية التحتية للشبكات والحاجة المُلحّة إلى رفع كفاءة إدارتها. 

تحذيرات بعد تراجع المنسوب 

وتراجع مؤخرًا نبع الفيجة، المغذي الرئيسي للعاصمة دمشق وضواحيها، ليسجل منسوب المياه فيه انخفاضاً ليصبح عند متري مكعب فقط وسط تقديرات بمزيد من الانخفاض في الصيف المقبل. 

هذا التراجع زاد من التقنين لتصبح عملية ضخ المياه في العاصمة لا تتجاوز أربع ساعات في اليوم في بعض المناطق، في حين تلجأ مناطق أخرى إلى تعبئة المياه من الصهاريج، مما خلق كلفاً وأعباء إضافية على سكان تلك المناطق. 

وتتغذى مدينة دمشق وريفها من المصادر المائية التي تعتمد في مخزونها المائي على نسبة الهطولات المطرية، مثل نبع الفيجة وآبار نبع بردى دوحاروش، ووادي مروان وجديدة يابوس قرب الحدود مع لبنان. 

في هذا السياق أطلقت “المؤسسة العامة لمياه الشرب” تحذيرات رسمية من أزمة مياه غير مسبوقة تهدد المدينة مع قدوم الصيف، مُعلنة رفع حالة الطوارئ بسبب شح الموارد المائية لهذا العام، بعد تراجع الهطولات المطرية إلى أقل من 30 بالمئة من المعدل السنوي، في أدنى مستوى تشهده المدينة منذ عام 1958، بحسب صحيفة “الثورة”. 

تهديدات تنذر بزيادة ساعات التقنين 

“المؤسسة العامة لمياه الشرب” نوهت أيضًا إلى أن ضعف غزارة نبع الفيجة واستنزاف الآبار الاحتياطية باتا يهددان بإمدادات مائية ضعيفة خلال الصيف المقبل، مما ينذر بزيادة ساعات التقنين في دمشق والريف القريب. 

جاء لجوء المؤسسة الحكومية إلى رفع حال الطوارئ بمثابة إنذار مبكر لمدينة دمشق وضواحيها، إذ سيشهد فصل الصيف المقبل ضعفاً في إمدادات كمية المياه الواردة للسكان، في ظل استنزاف الآبار الاحتياطية، التي يعتمد عليها الآن بشكل رئيس لتغذية المدينة مع الإشارة إلى أن هناك 1700 بئر تغذي دمشق وريفها، لكن قسماً كبيراً منها يواجه الاستنزاف ومشكلة مضخات المياه والعجز عن إصلاحها وإمدادها بالكهرباء. 

حمل إعلان مؤسسة مياه الشرب في دمشق وريفها نوعًا من التشدد والتوعد بفرض غرامات مالية مضاعفة في حق المخالفين وفقاً لنظام الاستثمار الموحد لمؤسسات مياه الشرب، الذي يمنع استخدام مياه الشرب لغير أغراض الشرب، كرش الشوارع والأرصفة وغسل السيارات، واستخدام مياه الشرب للمسابح الخاصة، وسقاية المزروعات. 

وتتراوح الغرامات بين 25 ألف ليرة لاستخدام مياه الشرب لغير أغراض الشرب، و200 ألف ليرة لاستخدامها في المسابح الخاصة، مع مضاعفة العقوبات عند التكرار. 

ضرورة المعالجة العاجلة 

تعمل مؤسسة مياه الشرب في دمشق وريفها على تفعيل قانون الضابطة المائية بشكل أكبر لتسجيل مخالفات استجرار المياه وتكثيف تواتر جولاتها، إضافة إلى إعادة النظر بقانون الجباية وقانون الضابطة المائي فيما يخص سعر المتر المكعب والشرائح. 

فيما تعالت الأصوات المُنادية مؤخرًا بضرورة تحرك الجهات المعنية لمعالجة ما أمكن من صيانة الآبار وشبكات نقل المياه، ووضع برامج واضحة وعادلة للتوزيع والتقنين يلتزم بها الجميع مع حل مشكلة التغذية الكهربائية لمحطات الضخ عبر خطوط معفاة من التقنين أو تركيب مجموعات طاقة شمسية لتأمين التغذية لأطول فترة زمنية ممكنة، والعمل بجدية على وضع خطط استراتيجية لتأمين مصادر مياه جديدة للشرب وفي مقدمها ترشيد استهلاك المياه والتعامل مع هذا الأمر بحزم شديد. 

وفي أواخر آذار الفائت، كشف وزير الموارد المائية، أسامة أبو زيد السابق، عن ملامح رؤية شاملة تسعى الوزارة من خلالها إلى بناء مستقبل مائي أكثر استدامة، وتشمل هذه الرؤية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتوسيع استخدام التقنيات الحديثة، إلى جانب العمل على تغيير أنماط الاستهلاك من خلال برامج توعوية وتعليمية. 

وبحسب ما صرح به الوزير، فإن الوزارة تضع ملف التعاون مع الدول المجاورة في صدارة أولوياتها، بهدف إدارة الموارد المائية المشتركة بطريقة عادلة ومتوازنة، كما أشار إلى أهمية الانخراط في المبادرات الإقليمية لتبادل الخبرات وتطوير آليات الإدارة المتكاملة للموارد. 

مصادر المياه في دمشق وضواحيها 

يشار إلى أن العاصمة دمشق وريفها تعتمد في المخزون المائي على نسبة الهطولات المطرية التي تغذي المصادر المائية الرئيسة في كل من نبع الفيجة وآبار نبع بردى وحاروش، ووادي مروان وجديدة يابوس في ريف دمشق. 

يغذي مدينة دمشق وغوطتها نبعان استراتيجيان هما الفيجة وبردى، ويقع نبع بردى على بعد 40 كيلومتراً من العاصمة دمشق، وينبع منه نهر بردى الذي يسير من منطقة وادي بردى في ريف دمشق الغربي إلى الشرق، ويبلغ طوله من منبعه حتى مصبه 65 كيلومتراً، وينضم إليه عند بلدة عين الفيجة نبع الفيجة. 

في المقابل، يتدفق نبع الفيجة من سفح جبل القلعة، في بلدة عين الفيجة غرب دمشق، التي تقع على بعد نحو 12 كيلومتراً عن العاصمة، وترتفع عن سطح البحر نحو 890 متراً، وتحيط بها جبال شاهقة، مثل جبل الهوات من الشرق، وجبل القلعة من الشمال، وجبل القبلية من الجنوب. 

ويتميز هذا النبع بغزارته ونقاوته العالية، إذ أكدت الدراسات العلمية أن مياهه تعد من أنقى المياه في العالم، نظراً إلى تكونها في طبقات صخرية كلسية طبيعية بعيدة من مصادر التلوث. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات