بعد أيام من التوتر والاشتباكات في “جرمانا” و”أشرفية صحنايا” بريف دمشق وما تبعها من أحداث في محافظة السويداء، عاد الهدوء إلى تلك المناطق بعد التوصل إلى اتفاق بين الوجهاء والمرجعيات الدينية من جهة ومسؤولي الحكومة من جهة ثانية، تضمن تفعيل الدور الحكومي لإعادة الاستقرار.

وأدى التوتر في “جرمانا” وأشرفية صحنايا” والسويداء، إلى وقوع قتلى وجرحى من الأمن العام والفصائل المسلحة، إذ يقول “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إن حصيلة القتلى بلغت 102.

وجددت الأحداث الأخيرة المطالب بضبط الفصائل المنفلتة والتي تشكل خطرا على السلم الأهلي في سوريا، إذ حمّل ناشطون الحكومة الانتقالية مسؤولية ضبط تلك الفصائل والعناصر، والعمل على تقييد سلوكها وخطابها.

اتفاقا السويداء و”جرمانا”

بيان مشيخة عقل المسلمين الموحدين الدروز ومرجعيات ووجهاء وعموم أبناء الطائفة في السويداء، أكد على التمسك بالثوابت الوطنية والهوية السورية الجامعة، والرفض القاطع لأي شكل من أشكال التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ عن الوطن، مشددا على أن السويداء كانت وستبقى جزءاً لا يتجزأ من سوريا الموحدة، وأن “الانتماء للوطن هو شرف وكرامة.”

وطالب البيان بتفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المحافظة، على أن يكون ذلك من أبناء السويداء، إضافة إلى تأمين طريق السويداء–دمشق، معتبراً ذلك من مسؤوليات الدولة، إلى جانب ضرورة بسط الأمن والأمان على كامل الأراضي السورية، بما يضمن سلامة المواطنين واستقرارهم.

وأعرب عن حرصهم على وطن يحتضن جميع السوريين من دون استثناء، “وطن خالٍ من الفتن والنعرات الطائفية والأحقاد الشخصية والثأر وحمية الجاهلية”، محذرين من نتائجها الكارثية على النسيج الاجتماعي.

واختتم البيان بالتشديد على أهمية التمسك بالوحدة الوطنية والعمل بروح الجماعة، مستشهدين بقول الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}.

يأتي ذلك في وقت قال فيه القيادي في حركة “رجال الكرامة” بمحافظة السويداء، ليث البلعوس، إن هناك من يحاول زعزعة الأمن من خلال “عصابات مسلحة ممولة”، مشدداً على أن التنسيق جارٍ مع الدولة وأهالي المحافظة لوضع حد لهذه المحاولات.

أما بخصوص اتفاق “جرمانا”، قال مدير مديرية أمن ريف دمشق المقدم حسام الطحان، إن الاتفاق ينص على “تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري، وزيادة انتشار قوات إدارة الأمن العام في المدينة لترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها”.

وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية “سانا“، أن البنود تشمل أيضاً “تسليم السلاح الفردي غير المرخص بعد فترة زمنية محددة، وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الرسمية”.

وأوضح المقدم الطحان أن الاتفاق ينص كذلك على “انتشار قوات من وزارة الدفاع السورية على أطراف مدينة جرمانا لتأمينها”.

ما موقف الحكومة؟

محافظ السويداء، مصطفى البكور، شدّد على أن الحكومة السورية لن تسمح بوجود أي مسلح خارج سلطة الدولة، مؤكداً أنه لا نية لدى الجيش أو القوى الأمنية لاقتحام محافظة السويداء.

انتشار قوات الأمن العام في منطقة الصورة الكبيرة بريف السويداء – “محافظة السويداء”

وقال البكور إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع أعيان الدروز في “أشرفية صحنايا” بريف دمشق يتضمن وقف إطلاق النار وأي تعدٍ من أي طرف، سواء من الخارجين عن القانون أو من قوات الأمن العام.

“الاتفاق تضمن تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لمتابعة أي خروقات محتملة، وإحالة المخالفين إلى القضاء”، بحسب البكور.

 وشدّد على أن السلاح يجب أن يكون بيد الدولة، معتبرا أن وجود السلاح المنفلت لا يؤمن الاستقرار في أي مكان. وأشار إلى أن قوات الأمن والشرطة ستأخذ دورها كاملاً وفق الأصول المعمول بها في الدولة، وأنه لن يُسمح بوجود مسلّح كما كان سابقاً، مع فتح الباب أمام الراغبين بالانضمام إلى وزارة الدفاع أو الشرطة.

وأضاف البكور، في تصريحات لقناة “الجزيرة” القطرية، أنه تم وضع حواجز أمنية حول محافظة السويداء لمنع أي تجاوزات أو تعدٍ على المحافظة وأهالي السويداء.

محافظ السويداء كشف عن تعيين أكثر من ألفي عنصر من أبناء المحافظة في الشرطة، بالتزامن مع إجراء مشاورات واسعة مع مشايخ العقل والأكاديميين وأعيان المنطقة.

لكن على الرغم من التوصل إلى اتفاق وإعادة الاستقرار إلى المناطق التي شهدت توترا مؤخرا، يقع على عاتق السلطات السورية مسؤولية ضبط العناصر والفصائل المنفلتة، ووضع حد لتصرفاتها وسلوكها وخطابها، إضافة إلى التقيد بواجباتها ومسؤولياتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، وإحالة من يتجاوز القانون إلى القضاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات