الحكومة السورية سحبت الدعم من شرائح كبيرة من السوريين قبل نحو ثلاثة أشهر، وهو ما أثر بشكل كبير على الأوضاع المعيشية في سوريا، ومن ثم جاءت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وزادت من تفاقم الأمر، من حيث ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا وبالتالي التأثير على عدة دول نتيجة لذلك ولكن أثر هذا الأمر بشكل بسيط على الدول الخارجية وقد قامت تلك الدول بتعويض مواطنيها واحتواء هذه الأزمة، لكن في سوريا الوضع تدهور كثيرا، وظهر ذلك جليا خلال الأشهر الماضية وحتى الآن، نتيجة الارتفاع “الجنوني” بالأسعار.

كذلك، اندلاع الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء السورية، مطالبين الحكومة السورية بتحسين الواقع المعيشي في سوريا وزيادة رواتب الموظفين بما يتناسب مع الوضع المعيشي.

وربط معظم الخبراء الاقتصاديين سبب هذا الارتفاع الذي شهدته سوريا، بالمشتقات النفطية كالمازوت والبنزين، كونه أحد مفاصل أي اقتصاد في أي دولة وله تأثير مباشر على الحياة اليومية بشكل عام، وخاصة في سوريا، حيث اعتماد عدة قطاعات سواء زراعية أم حيوانية أم تجارية ووسائل النقل، على مادة المازوت في الأمور التشغيلية في ظل غياب التيار الكهربائي.

كم يخسر الإنتاج المحلي بسبب المازوت والبنزين؟

إذاعة “شام إف إم” المحلية، نشرت تقريرا لها، اليوم الأربعاء، عن حجم خسارة الإنتاج المحلي بسبب المشتقات النفطية، وقالت إن “تداعيات أزمة المشتقات النفطية الحالية لا تتوقف عند انعكاساتها السلبية على قطاع النقل فقط، وإن كانت تتسبب بمعاناة شديدة لمعظم المواطنين، سواء من يستخدمون وسائل النقل العام أو أولئك الذين يمتلكون سيارات خاصة”.

ورجحت الإذاعة المحلية في تقريرها، إلى أن “عدم توفر مادتي المازوت والبنزين بكميات تكفي احتياجات عملية التشغيل، يعني بوضوح شديد أن هناك خسارة اقتصادية يومية مستمرة، وفي مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية”.

وأضافت مثالا على ذلك، فقالت: “عندما لا تتوفر مادة المازوت بكميات كافية للمزارعين والصناعيين، فإن كميات ونوعية الإنتاج ستنخفض بنسب ليست قليلة، أو سترتفع تكلفته نتيجة الاعتماد على السوق السوداء لتأمين هذه المادة “.

وهذا ما أكده أيضا، رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، مطلع الشهر الجاري لصحيفة “الوطن” المحلية، أن الكميات التي وزعت من مادة المازوت تعتبر “غير كافية” للخطة الزراعية للموسم الحالي.

كما أكد على أن عملية التوزيع من قبل الحكومة توقفت قبل حوالي شهر من بدء تثمر المحاصيل، لذلك اضطر المزارعون وقتذاك إلى شراء مازوت السوق السوداء، وبأسعار مرتفعة من أجل ري أراضيهم وسقايتها.

قد يهمك: المجدرة “أكلة الأغنياء” في سوريا؟

أجور النقل تؤثر على الأسعار

أضافت إذاعة “شام إف إم” المحلية في تقريرها، مثالا آخر عن تأثير الوقود على ارتفاع الأسعار، وقالت: “أيضا أبسط من المثال السابق، عمليات نقل المنتجات بين المحافظات التي ارتفعت أجورها بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، أيضا انعكس سلبا على الأسعار النهائية للمستهلك”.

وتابعت الإذاعة المحلية، “كما أن تراجع جودة الاتصالات الخلوية وبطء خدمات الإنترنت لهما آثار سلبية على عمل الكثير من المواطنين وأداء العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية، أي تراجع الإنتاج المحلي عموما.

وتساألت الإذاعة في تقريرها، عن الأوضاع المعيشية المتوقعة في الأيام المقبلة، حيث قالت “عندما قررت حكومتنا السورية رفع سعر مادة المازوت المخصصة للتدفئة والنقل إلى 500 ليرة لليتر الواحد، كانت التوقعات الحكومية تشير إلى أن الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ستصل إلى ما نسبته 8.3 بالمئة أي ما يعادل 990 مليار ليرة سورية، بأرقام العام 2019. فكيف سيكون الحال مع الوضع الراهن حاليا؟”.

وتعهدت الحكومة السورية بدعم عدة قطاعات في السابق وذلك لزيادة الإنتاج المحلي، لكنها لم تفِ بوعودها. إضافة إلى عجزها عن توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة على العائلات السورية والقطاع الزراعي والحيواني (الدواجن)، وهذا ما يضع شكوكا حول وعودها التي تطلقها عادة ولا تكون سوى حبرا على ورق.

كذلك، لم تقم الحكومة بتعويض المزارعين المتضررين نتيجة العواصف التي ضربت البلاد قبل أسابيع، حيث تضررت المئات من البيوت البلاستيكية، التي يزرع فيها المزارعون الخضار والفواكه في الساحل السوري، مما أدى تفاقم الأوضاع وبالتالي زيادة الأسعار بشكل كبير دون أن تتحمل الحكومة مسؤولية ذلك وأن تقوم بوضع حلول ولو بشكل جزئي حيال هذا الأمر.

قد يهمك: بنطال جينز بـ90 ألف في سوق الألبسة السورية.. ما علاقة الكهرباء؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.