في سوريا لا يتمتع العمال بحقوقهم لا سيما من ناحية التأمينات، سواء في ظل غياب القانون، أو عدم وجود دور فاعل للنقابات العمالية، إضافة إلى تدني مستوى الأجور، فضلا عن عدم إنصافهم كليا من جانب حكومة دمشق والقطاع الخاص، وسط هيمنة رؤوس الأموال والفساد على الفئة المهمشة في هذه البلاد.

حقوق العمال “مهدورة”

في سياق غياب حقوق العمال وغياب الدور الرقابي، نشرت صحيفة “الوطن” المحلية اليوم الاثنين، تقريرا جاء فيه نقلا عن أحد العمال، أن شادي قضى أكثر من 24 عاما في أحد المعامل للصناعات البلاستيكية في المدينة الصناعية في عدرا، وفي ظروف عمل خطرة، حيث وصل راتبه إلى 800 ألف ليرة سورية، لكن عندما وصل إلى سن التقاعد صُدم بأن راتبه المسجل في التأمينات أقل من 93 ألف ليرة، أي راتبه التأميني سيكون بحدود 65 ألف ليرة.

وأردفت الصحيفة في تقريرها، بأن محامي المعمل يفاوضه على القبول بمليوني ليرة مقابل التنازل عن حقه.

من جانبه، قال العامل شادي للصحيفة المحلية: إن “حال جميع العمال في المعمل مثل حالي، وحال أغلبية العمال في المنطقة الصناعية بعدرا، قضينا شبابنا في الأعمال الخطرة، وأنا اليوم أعاني من عدة أمراض مزمنة، وعندما كان يأتي مفتش التأمينات لم نكن نراه، كانت لدينا معلومات أننا مسجلين بالتأمينات برواتبنا الذي نقبضه لكن للأسف تعرضنا للغدر”.

بدوره، أوضح مفتش سابق في مؤسسة التأمينات الاجتماعية السورية، أن “حقوق العمال في المناطق الصناعية وخاصة العاملين في الأعمال الخطرة مهدورة، وأن عمل التفتيش محدد بالقانون التدقيق على تسجيل العمال في التأمينات، والتدقيق على ترفيعات العمال المحددة بـ9 بالمئة كل عامين، وأن يأخذ العامل إجازاته السنوية، وأن يكون رب العمل متعاقدا مع أطباء لمعالجة العاملين لديه، وإجازات الأعياد والأعطال يجب أن تكون مأجورة، والتدقيق على العمل الإضافي بعد 8 ساعات عمل المحددة بالقانون وأجرة الساعة بساعة ونصف ساعة عمل”.

ونوّه المفتش الذي تحدث للصحيفة المحلية، أن تغيير المفتشين بشكل مستمر دليل على عدم نزاهة العمل في التفتيش والوقوف إلى جانب مصلحة رب العمل ضد مصلحة العامل، وأكد المفتش السابق أن الراتب التقاعدي لعامل أجره الشهري 800 ألف ليرة سورية يجب أن يكون بحدود 500 ألف ليرة.

قد يهمك: الأسعار المرتفعة تجوّع العمال السوريين

القانون لا يقف بصف العامل

في سياق قانون العمال في سوريا، أشار المفتش إلى أن قانون التأمينات الاجتماعية لا يقف في صف العامل حتى لو تم تسجيل راتب الموظف الحقيقي، “الحل يكون من خلال دفع رب العمل 17 بالمئة من فروقات الرواتب ويتحمل العامل 7 بالمئة، وعندها يمكن إنصاف العمال في الأعمال الخاصة وخاصة في المهن الخطرة”، على حد تعبيره.

وفي هذا الشأن، مدير مديرية العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، محمود دمراني، أفاد للصحيفة المحلية، أن مفتشي العمل خلال زياراتهم الدورية للمنشآت الخاصة يدققون الحد الأدنى للأجور المحدد بالقانون وهو 92900 ليرة سورية، وزعم بأن “الأنظمة الحاسوبية لا تقبل تسجيل بيانات أي عامل راتبه أقل من الحد الأدنى للأجور المحددة”.

مطلع شهر آذار/مارس الفائت، اندلع حريق في مول “لاميرادا” بشارع الحمرا في العاصمة دمشق. وقضى ما لا يقل عن 11 شخصا، وأصيب آخرون بحروق مختلفة، إثر ذلك.

وفي ذلك الوقت، نفى مصدر في المؤسسة السورية للتأمين وجود عقد تأمين ضد الحريق خاص بمول “لاميرادا”، وأنه تم مراجعة المؤسسة قبل سنوات من وكيل تأمين لإبرام عقد تأمين على المول وتم تقديم عرض تأمين له دون أن يبادر لإبرام عقد تأمين، وفق صحيفة “الوطن” المحلية وقتذاك.

ولم يشر المسؤول الحكومي آنذاك إلى حقوق العمال والتأمينات الاجتماعية لهم في حالة إصابتهم أو وفاتهم، أي كل ما يتعلق بمسألة السلامة المهنية، أو إذا تم اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالتعويضات أو التأمينات لعوائل الضحايا الـ 11 في مول “لاميرادا”.

وبحسب أحد الموظفين العاملين في المؤسسة السورية للتأمين، الذي تحدث وقتذاك لموقع “الحل نت”، والذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن “ما يقارب من 95 بالمئة من أرباب العمل في القطاع الخاص لا يسجلون عمالهم، وذلك للتحايل والتهرب من مسؤولية دفع حقوق العامل في حال من إصابته أو وفاته”.

وأضاف لـ “الحل نت”: “في سوريا لا يوجد حد أدنى للمعايير المهنية للعمال. معايير تحترم شروط السلامة وتضمن حقوق العمال”، في إشارة إلى كمية الفساد والمحسوبية المنتشر في منظومة المؤسسات الحكومية.

في حين اختتمت الصحيفة المحلية تقريرها اليوم الاثنين، بتساؤل حول هذه التجاوزات بحق العمال، وقالت: “في مثل حالة العامل شادي هل عجزت التأمينات الاجتماعية عن التدقيق في حالة موظف قضى 25 سنة في العمل في شركة ما والعمل على إنصافه؟ وهل يجب على العامل أن يدفع نصف تعويضه وأكثر في القضاء ليحصل على حقوقه، وأين الجهات الأخرى والنقابات التي تدقق وتتابع وضع العمالة في القطاع الخاص؟”.

قد يهمك: يوم العمال العالمي.. أكثر من 70 ألف عامل سوري دون تثبيت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.