في الوقت الذي يصل فيه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى موسكو للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف، تتزايد التسريبات والتقارير الصحفية التي تدعي قرب انعقاد لقاء ثنائي يجمع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان بنظيره السوري بشار الأسد، على هامش قمة دول منظمة “شنغهاي”، التي ستعقد على مستوى الرؤساء، في أوزباكستان منتصف أيلول/سبتمبر المقبل.

ونقلت مواقع مقربة من طهران، أن روسيا تسعى لتنظيم اجتماع بين الأسد وأردوغان، على هامش القمة. رغم أن روسيا لم تعلن رسميا عن أي من هذه التحركات، حتى الآن.

في الأثناء صرح نائب رئيس “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، نعمان كورتولموش، يوم أمس أن”بلاده غير مسؤولة عن الوضع الذي آلت إليه سوريا”، واعتبر أن “القضية الآن بين الشعب والنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وليس بين تركيا والنظام”، وقال في لقاء صحفي، إن مسألة عودة اللاجئين السوريين تعتبر قضية هامة للدولة، ولا يمكن الحديث عنها في كل مكان، وشدد أنه على الأطراف الخارجية إيجاد حل سريع بدل إرسال الأسلحة لسوريا.

وأكد كورتولموش، أن”أنقرة لن تسمح بتشكيل (دولة إرهابية) في سوريا، بينما بلاده تدعم وحدة الأراضي السورية”، ولكن ما احتمالات  لقاء الأسد وأردوغان  في قمة شنغهاي، وماذا تحمل روسيا من أوراق لإحداث هذا التقارب.

هل يتم اللقاء؟

خلال الأسبوع الفائت، تصاعدت أصوات جوقة المسؤولين الأتراك الداعية إلى التواصل مع الحكومة السورية والرئيس السوري بشار الأسد، في حين أن التحركات التركية حسبت لجذب الأصوات قبل الانتخابات، فيما قد تدعمهم روسيا في سعيها لدق إسفين بين تركيا وخصومها الغربيين.

في هذا السياق، قالت السياسية والباحثة الأكاديمية، وعضو اللجنة الدستورية السورية، الدكتورة سميرة مبيض، في حديثها لـ”الحل نت”، إنها لا تعتقد أن قمة شنغهاي القادمة ستحمل تطورات على مستوى الرؤساء، ولكن من غير المستبعد أن يتم استغلالها لعقد لقاءات على مستويات دبلوماسية أخرى كوزراء الخارجية والوفود المرافقة.

وأشارت مبيض، إلى أنه لا يمكن لأي طرف، الضلوع في تنفيذ التقارب الفعلي مع الأسد طالما هناك رفض لهذه المصالحة من قبل السوريين المقيمين في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق.

وتابعت عضو اللجنة الدستورية، “لذلك فمقترحات روسيا ستتبع لمواقف السوريين في هذه المناطق، وهي مواقف واضحة برفض العودة لسيطرة النظام السوري، على الأخص بعد ما توضح من تواطؤ قائم بين السلطات في المنطقة للهيمنة على أراضي السوريين ومواردهم ومستقبلهم”.

الكاتب والصحفي فراس علاوي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، يرى أن دعوة بشار الأسد للمؤتمر دون أن يكون له أي دور فيه، ربما ينبع عن خطة روسية ومحاولة جمع الرئيسين التركي والسوري في منطقة واحدة. إذ ترى روسيا أن الظرف مناسب للاستفادة من الوضع الإقليمي لمحاولة تعويم الأسد.

ويتابع علاوي، أن موسكو بذلك تضغط على تركيا التي تعد حاليا الدولة الوحيدة في الإقليم تمانع هذا التعويم بشكل أو بآخر، كما أن الأتراك يدركون أنهم بحاجة إلى روسيا بسبب التغيرات الدولية والإقليمية الحاصلة، لذلك من المؤكد بأن روسيا ستضغط من أجل لقاء بين البلدين، وفق الكاتب السوري.

واستبعد علاوي، أن يتم لقاء بين بشار الأسد وأردوغان على الصعيد الشخصي، مشيرا إلى أن المزاج العام يوحي بأن اللقاء ربما سيتم بين الطرفين ولكن على مستوى وزراء الخارجية أو أدنى، مضيفا “لكن دعوة بشار الأسد إلى قمة شنغهاي بحد ذاتها هي محاولة تعويم الروسي للأسد ونظامه في المنطقة، ومحاولة الضغط على تركيا من أجل التقريب ما بينهما”.

رفع مستوى العلاقات؟

من المحتمل أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس السوري بشار الأسد، على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون المقبلة في سمرقند بأوزبكستان، والتي ستعقد لمجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون يومي 15 و16 أيلول/سبتمبر القادم، وفقا لتقرير صادر عن وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية.

في حديث مقتضب، قال الخبير في السياسة الدولية، جاستن فيليبس، لـ”الحل نت”، إنه يتوقع أن تصبح العلاقات بين أنقرة ودمشق مباشرة ومستوى التمثيل يمكن رفعه، لعدة عوامل أبرزها رغبة حزب “العدالة والتنمية” في بقاء أردوغان، فضلا عن أن المصالحة قد تنهض بالاقتصاد التركي، الذي يعد الآن في حالة سقوط حر.

كما أن تصاعد الاستياء ضد اللاجئين، وتزايد الاعتداءات العشوائية على السوريين، وحديث المعارضة التركية إنه بمجرد وصولها إلى السلطة، فإنها ستعيد السوريين إلى وطنهم، ومن ثم التطبيع مع الأسد، وكل هذا هو مستساغ لآذان الناخبين الأتراك، لذلك فإن الحزب الحاكم تحول نحو هذا الاتجاه.

وبحسب فيليبس، فإنه على الرغم من العداء الشخصي بين الأسد وأردوغان، يمكن لبوتين أن يلعب دورا في جعلهما يعملان معا، أما بالنسبة للعلاقة بين الرئيسين التركي والسوري، فمن المؤكد أن العلاقات التي كانت وثيقة بين أردوغان والأسد في سنوات سابقة؛ قد تضررت بشكل لا يمكن إصلاحه.

التقارير الأخيرة تأتي لتعزز من احتمالات التقارب بين أردوغان والأسد، بخاصة وأن تقارير سابقة رجحت احتمالية حدوث تقارب سياسي يتجاوز التنسيق الأمني الذي كان حاصلا بين  دمشق وأنقرة خلال السنوات الماضية.  لكن التساؤل الأبرز يدور حول احتمالات حدوث لقاء بين الرئيسين على هامش أعمال قمة “شنغهاي”، ما يعني مرحلة جديدة ومغايرة وغير متوقعة بين أنقرة ودمشق.

 السفير التركي السابق بدمشق عمر أنهون، سلط الضوء على أهم الأسباب التي دفعت الرئيس التركي لاعتماد سياسة مختلفة في هذا التوقيت في التقارب مع سوريا، والتي تمثلت في أنه تبقى أقل من عام على موعد الانتخابات، فضلا عن المشاكل التي يواجهها في الوضع الاقتصادي، والتداعيات الداخلية نتيجة الأزمة السورية ويتصدرها وجود 3.7 مليون سوري في تركيا.

ورأى أن الطريق إلى تنفيذ التقارب التركي-السوري وعر لأسباب كثيرة أهمها “وجود العديد من الجهات الخارجية التي لديها أجندات مختلفة ومصالح متضاربة في سوريا، كما أن إيران تمثل إشكالية في طموحاتها وسياساتها الأيديولوجية/ الاستراتيجية، ووجود عشرات الجماعات المسلحة والمجموعات الجهادية وميليشيات شيعية، وهو عنصر يمكن أن يطيح أي جهد سلام”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة