الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها سوريا، فضلا عن الضغوط الأمنية، ساهمت إلى حد كبير بارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية إلى مستويات غير مسبوقة في البلاد، وبالتالي ازدياد الطلب على الأدوية النفسية في ظل ندرتها وغلاء أسعارها.

أرقام غائبة

نقيبة الصيادلة في سوريا وفاء كيشي، كشفت عن ارتفاع معدلات الطلب على أدوية الصحة النفسية مؤخرا في البلاد، مشيرة إلى عدم وجود أرقام حديثة لكميات استهلاك هذه الأدوية.

وأكدت كيشي، في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي الثلاثاء، أن: “جزء من علاج بعض مصابي الحرب خاصة الذين باتت لديهم إعاقة دائمة يتطلب علاجاً نفسياً تحت إشراف طبي“.

وحول طريقة بيع هذه الأدوية، أوضحت كيشي، أن: “بيع أدوية الأمراض النفسية في الصيدليات مضبوط عبر سجلات البيع والشراء التي يستلمها الصيدلاني عند انتسابه للنقابة، حيث يقوم بتسجيل أصناف الأدوية التي يشتريها من موزعي شركات ومعامل الصناعات الدوائية، والأدوية التي تباع للمواطنين، ومنها الأدوية النفسية مع النوع والعيار وفاتورة الشراء، والوصفة الطبية التي باع وفقها“.

وبحسب الموقع المحلي، فإن العديد من المرضى توقفوا عن جلب الوصفة الطبية، للحصول على الأدوية، وأصبحوا يعتمدون على ثقة الصيدلي ومعرفته بهم، وذلك بهدف تخفيف أجور زيارة الطبيب الدورية.

اقرأ أيضا: فيزا بـ3 ملايين ليرة.. وجهة عربية جديدة لسفر السوريين

انهيار وشيك؟

الطبيبة والمعالجة النفسية، رندا رزق الله، حذرت من انهيار قطاع الطب النفسي في سوريا، مشيرة إلى أن: “بعض الحالات قد تدفع بالمريض إلى إنهاء حياته، وهي ظاهرة لها جذران، الأول بيولوجي نفسي عصبي والثاني بيئي اجتماعي، واضطرابات المزاج كالاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب والهوس، وكذلك حالات الإدمان على المهلوسات والمخدرات“.

وأضافت رزق الله، في تصريحات نقلها “أثر برس”، قبل أيام: “في سوريا اليوم يتراجع العلاج الدعم النفسي، نتيجة هجرة الأطباء والمعالجين وندرة الأدوية الفعالة، وغلائها الفاحش مما يجعل المريض النفسي يعاني أشد حالات الألم دون أي مساعدة أو علاج“.

تأثير الوضع الاقتصادي

وحول معاناة السوريين على الصعيد النفسي، اعتبرت رزق الله، أن فساد البنية الاقتصادية التي كانت تؤمن أساسيات الحياة المناسبة للإنسان من غذاء ومتطلبات معيشية ملحّة، نتج عن غيابها صعوبة في العيش، وإحساس بالتفاهة واللا جدوى، وانعدام القيمة الإنسانية للحياة.

وحول ذلك أضافت:” بالإضافة إلى فقدان الإحساس بالقيمة في العمل نتيجة الفساد المستشري في معظم الوظائف العامة والخاصة، فالشباب السوري اليوم من خريجي الجامعات يمكثون سنوات طوال ريثما يجدون فرصة عمل، وعندما يجدون هذه الفرصة لا يكفي راتب الوظيفة أجرة مواصلاتهم“.

بدوره أوضح رئيس الرابطة السورية للأمراض النفسية، مازن خليل، أنه: “في ظل النقص الحاد لأطباء الصحة النفسية في سوريا، فإن أجور زيارة الطبيب النفسي في سوريا، تصل حتى 50 ألف ليرة سورية“.

ندرة في الأخصائيين

مدير مشفى ابن سينا للأمراض العقلية في دمشق، أيمن دعبول، كشف في وقت سابق عن قلة الأخصائيين النفسيين في سوريا، حيث أكد أن عدد الأطباء في سوريا حاليا يبلغ 45 طبيبا في كافة أنحاء البلاد. ولفت دعبول، في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم“، إلى أن حاجة البلاد إلى الأخصائيين النفسيين، “تصل إلى 10000 طبيب نفسي بالحد الأدنى، وذلك بالنظر إلى عدد السكان“.

وتسببت الضغوط النفسية في سوريا، بارتفاع نسبة إصابة الشباب باﻻحتشاء القلبي في سوريا، بنحو 15 بالمئة.

وأرجع أستاذ أمراض القلب في كلية الطب بجامعة “تشرين“، الدكتور إياس الخيّر، ارتفاع نسبة الإصابة بهذا المرض إلى “الضغط النفسي الشديد والوضع المادي السيئ، وما قد يرافقه من عزوف عن تناول الأدوية اللازمة والضرورية“، معتبرا، أن ما سبق “أسباب تلعب دورا كبيرا في زيادة حدوث مثل هذه الاحتشاءات وبأعمار صغيرة، بسبب ما يرافقها من إفراز هرمونات الشدة، والتقبض الوعائي الشديد“.

قد يهمك: أزمة النقل تصل إلى القطارات.. إلغاء رحلات لعدم امتلاء العربات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.