حزب-الله
ما دام حزب الله قد برر دخوله الى سوريا بقتال التكفيريين ، فإنه مدعو اليوم لمقاتلة اشد تنظيماتهم شراسة وإجراما : التنظيم المسمى “داعش” ، الذي بينت احداث الاسبوعين الماضيين انه اوغل في دماء الشعب السوري إلى حد طمر آلاف السوريين في مقابر جماعية ، وفرض نظام قتل اعمى على البلاد والعباد، دون ان يمد يده بسوء إلى نظام بشار الاسد ، الذي يحميه حزب الله من الارهابيين، الذين لم يرموه برصاصة ، إلا في الحالات التي ارادوا فيها منافسة الجيش الحر على مواقعه المهددة بالسقوط ، مثلما حدث في اماكن كثيرة ، بدءا من مطار تفتناز وصولا إلى بلدة السفيرة الاستراتيجية . وبالمقابل ، لم يوجه النظام طلقة واحدة اليهم باستثناء مرة واحدة هاجم فيها حاجزا فرعيا لهم، قبل هجوم الجيش الحر عليهم بايام قليلة ، كي يغطي على علاقته معهم ، التي كانت قد تحولت الى فضيحة بكل معنى الكلمة ، كشفها تكرار هجمات النظام على بيوت المواطنين في مدينة الرقة ، بينما بقي بيت المحافظ وقصر المحافظة سليمين ، كي لا ينزعج امراء “داعش” المقيمين فيهما بكل اطمئنان .
  لن نسأل حزب الله عن هذه المفارقات ، ولن نضع تحت عينيه ما تم العثور عليه من وثائق تثبت تحالف مخابرات النظام الاسدي مع التنظيم التكفيري ، ولن نطلب منه تفسيرا لسر وجود صور للاسد مع بعض كبار امراء “داعش” ، او عن معنى وجود ضباط المخابرات بكثافة بين هؤلاء الامراء ، وسر نقش مقاتلين داعشيين عديدين صورة عدوهم الاسد على اذرعهم وصدورهم ، قرب قلوبهم . ولن نطالبه بتوجيه بنادقه ضد النظام المتعاون معهم ، الذي يساند تكفيريين اعداء للحزب ، وانما نريد ان ندعوه بلا مواربة الى الكف عن مقاتلة الجيش الحر ، والى الانخراط في قتاله ضد تكفيريي ” داعش ” ، خدم حليفه وولي امره الاسد ، لا سيما وان قادته قالوا ، حين ارسلوا رجاله لاحتلال القصير وتشريد وقتل اهلها، انه لم يأت سورية غازيا ، بل دخلها للدفاع عن نفسه وعن الممانعة ضد  التكفيريين ، ويتبين اليوم انه ارسلهم لمقاتلة من يقاتلون هؤلاء ، وللمشاركة في تحرير المناطق المحررة منهم ، ولكسر ارادة السوريين في مواصلة النضال من اجل الحرية والمساواة ، أي انه غزا سورية ليكون شركاء للتكفيريين في اهدافهم ووسائلهم ، فلا اقل من ان يبادر الى تغيير مواقفه وحساباته ، ويقر باقترافه اخطاء جسيمة ضد الشعب السوري ، ويعلن انه بنى خياراته على تقديرات خاطئة جعلته يقاتل مقاتلي التكفيريين، بدل ان يقاتل من يتعاونون معهم من المخابرات الاسدية ، وينفذون معهم مهاما مشتركة في الرقة والجزيرة وريف اللاذقية وادلب وريف حماه حمص ودمشق … الخ ، كان ضحاياها دوما مقاتلي النظام ومعارضيه ، والشعب الذي اخضع لعمليات اجرامية عاقبته لانه خرج على النظام  الاسدي ، ورفض الانصياع له والعودة إلى بيت طاعته.
   لا شك عندي في ان حزب الله اخذ يشعر بالحرج ، منذ انقض الجيش الحر على تكفيريي “داعش” واخرجهم من مواقع استراتيجية كانت في ايديهم . واعتقد ايضا انه مربك اشد الارباك، لان طيران النظام ومدفعيته يقصفان المناطق التي استعادها الجيش الحر من تكفيريي “داعش” ، وتلك التي ينوي هؤلاء مهاجمتها كمدينة “الباب” ، حيث قام طيران النظام بعمليات قصف استمرت يوما كاملا ومهدت لهجوم التكفيريين على المدينة في اليوم التالي ، بينما شرع الطيران نفسه يقصف طرق امداد الجيس الحر في المنطقة، لمنع وصول المعونات والتعزيزات الى قواته المدافعة عنها. هذه حقائق لا بد ان يكون مقاتلو الحزب في المنطقة قد شاهدوها بام اعينهم او سمعوا بها من جنود النظام المشاركين في قصف الباب .
   ماذا سيقول الحزب او سيفعل الآن ، لمداراة الفضيحة وانهيار الحجج التي تذرع بها لغزو سورية ؟. اعتقد انه سيكفر الجيش الحر ، وسيعتبر المنتسبين اليه والمقاتلين في صفوفه من الاسلاميين تكفيريين وارهابيين ، كي لا يعلن انسحابه من سورية ويكون صادقا مع نفسه . سيجد الحزب حجة واهية ما كي يبقى في بلادنا ، تضاف الى حجته الواهية الاولى حول محاربة التكفيريين ، وسيعتبر على الارجح مقاومي الأسدية تكفيريين ، كي لا يقلع عن متابعة الهدف الحقيقي الذي قاده الى سورية ويتقاسمه مع “داعش “: مقاتلة الجيش الحر وكسر شوكة السوريين ،لانهم ثاروا على نظام حليف لطهران ، وصمدوا طيلة اعوام ثلاثة لم يتمكن خلالها من اضعاف ارادتهم، رغم مساعدة “داعش” ومساعدته هو . السؤال الذي سيطرح نفسه من الآن فصاعدا هو : من سيقتنع بعد اليوم ان حزب الله لا يقاتل الى جانب التفكيريين عدوا مشتركا هو بكل وضوح : شعب سوريا الثائر وجيشه الحر ؟.
ميشيل كيلو ـ المدن
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.