الابراهيمي

باعتراف الابراهيمي لم تحقق جولة جينيف2 الأولى اي تقدم حقيقي، ونضيف : ” مع استمرار النظام في كسب الوقت وقتله للشعب السوري وتحديه للمجتمع الدولي”.

وهنا لا نريد ان نقول للمتنفذين في الائتلاف: ” هل صدقتم ماقلناه من قبل؟” بل سنقول: “تعلموا ولاتكرروا أخطاءكم، ولا تكرروا التجارب بالشعب السوري، إذ يكفيه ماجربه فيه الجاهلون على مدى خمسين عاما. فالسعيد من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه.

قلنا أن وفد النظام لم ولن يملك التفويض باتخاذ اي قرار سياسي، وأنه سيفاوضكم كما فاوضه الاسرائيليون، ولن يوافق على اي بند الا اذا كان في مصلحته، أو حوره لها، وأنه سيراوغ ويكذب ويضيع الوقت والجولات، لأن هذه هي مهمته التي ارسل لينفذها.

قال البعض “يجب ان نذهب الى جينيف لنحرج النظام ونفضحه امام المجتمع الدولي”. فهل يمكن فضحه اكثر مما هو مفضوح؟؟

خاصة بعد خطابات الوفود في المؤتمر، والـ 55000 صورة لقتل المعتقلين تعذيبا، وتصريحات جون كيري بارتكاب النظام لجرائم الحرب، واستجلابه للمتطرفين والارهابيين؟

وقد يتساءل البعض: مادام العالم يعلم بكل هذه الفضائح للنظام لماذا لايساعدون الشعب السوري بالتخلص منه؟

اقول أن الجواب على ذلك هو ما يجب ان نضعه في الاعتبار للعمل المستقبلي القريب والبعيد.

وتأكيدا أقول: أن جميع الدول الفاعلة في الملف السوري ومن ضمنها روسيا وايران يعرفون تماما حقيقة ما يحدث في كل مكان في سورية. ولكنهم يتصرفون بما يتناسب مع مصالح دولهم، وليس كما يتناسب مع منطق العدل والحق والأخلاق والشعارات الاخرى التي يتغنى بها الكثيرون من قادة تلك الدول، بل ويستغلونها لتحقيق مصالح دولهم عندما تتطلب تلك المصالح ذلك. لذا علينا الا نتوقع منهم في الموضوع السوري ان تحكم افعالهم الأخلاق الحميدة واالضمائر الحية حتى لو كانوا فعلا يؤمنون بها ويتمنون بصدق تحقيقها، لأنهم مخلصون لمصالح دولهم اكثر من اخلاصهم لمبادئهم ومنافعهم الشخصية، بعكس الكثيرين من شخوص المعارضة السياسية السورية، بعلمهم او بحهلهم، وبتصرفهم وقرارهم الخاطئ.

وإن الذهاب الى جولات اخرى سيؤكد هذا التصرف الخاطئ لأن نتيجة الجولات الاخرى لن تختلف عن نتيجة هذه الجولة. ولهذا يجب ان يكون العمل المستقبلي انطلاقا من قاعدة المصلحة الوطنية والمشتركة مع الدول الفاعلة، وليس المصالح الشخصية أو الفئوية. ولتحقيق هذا المبدأ يجب العمل ليس كما يشاع في دهاليز الائتلاف حول ضم ممثلين من بعض القوى من الداخل الى أعضاء الوفد المفاوض لإضفاء الشرعية عليه، لأن هذا لن يغير الوضع على الاطلاق، بل سيمرغ القوى الثورية غير الخبيرة في دهاليز السياسة في وحل جينيف.

بل تجب العودة الى النقطة الاولى لتصحيح الأساس الخاطئ الذي انشئ عليه الائتلاف، وتشكيل ائتلاف حقيقي بين القوى الثورية الحقيقية على الأرض والفصائل العسكرية في الداخل، وعدد من العسكريين المنشقين العسكريين ذوي الفكر العسكري الاستراتيجي، وعدد من الخبراء في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والاعلامية والاقتصادية والاستخبارية الخ… وإعادة الائتلاف كمؤسسة قادرة على وضع خطة استراتيجية شاملة لصالح الثورة على جميع الأصعدة: العسكرية والسياسية والاعلامية والاغاثية وغيرها، خطة آخذة في الاعتبار مبدأ المصالح المشتركة مع الدول الفاعلة، وبالاستعانة فقط وبكل من هم قادرون على العطاء من خلال تجاربهم وكفاءتهم، وليس بسبب انتمائهم لاحزاب وتيارات اسمية لاعلاقة لها بالثورة ولا بالخبرة الحقيقية، لأن هذا أهم مبدأ في العمل العام، وأول قاعدة في تحقيق ذلك هي اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، دون النظر الى المحاصصة والولاء أو الرأي الشخصي، أو ما فبركه النظام ومندسيه بحق البعض، أو رضاء أو غضب الدول الداعمة عليه، خاصة في هذا الوقت الحرج، وبعد سقوط النظام لكل حادث حديث.

لقد آن الأوان بعد كل المآسي التي شهدها الشعب السوري وبعد الفشل الذي تعرض له كل من المجلس الوطني والائتلاف لأن يتحول المتنفذون في الائتلاف للعمل بناءا على قواعد وأسس العمل السياسي الوطني الحقيقي، والتوقف عن توزيع المسؤوليات على اساس المحاصصة والفئوية، وعن العمل بردود الأفعال والارتجال – كما رأينا في ملف المعتقلين والاغاثة في جينيف – وأن يتحولوا للعمل المخطط والمؤسساتي المبني على الخبرة والمعرفة والكفاءة والمشاركة، وإن لم يفعلوا ذلك فسنبقى لسنوات نعاني من بطش النظام، ومن بقاء الدول الفاعلة تتفرج على ما يجري في سورية، وتتفنن في فعل الـ “لاشيء” تحت وهم جينيف وغيره ، الى ان تجد من يستطيع ان يتفاهم معها على المصالح المشتركة بينها وبين الشعب السوري (ولا أقصد هنا محاربة الارهاب لأن مصالحهم ومصالحنا اكثر وأعمق من حصرها في ذلك)، وليس فقط ان نطالبهم بمساعدتنا للتخلص من هذا النظام ل”سواد عيون” قادة المعارضة.

هذه مسؤولية كبيرة يتحملها أمام الله والشعب السوري كل من له قرار في هذا الائتلاف، وليعلموا ان الكثيرين ممن كانوا متنفذين في المجلس الوطني والائتلاف من قبلهم، ممن مارسوا العمل لمصالح شخصية أصبحوا الآن في مزبلة التاريخ، وسيحاسبهم الشعب السوري على خطاياهم بحقه، ولن ينقذهم من مصير مشابه الا تصحيح المسار ليخدم مصلحة الوطن الحقيقية.

 

بسام العمادي ـ كلنا شركاء

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.