الأسد

القاهرة، من النسخة المطبوعة، 8 تشرين الأول 2014

إكنومست

ترجمة موقع الحل السوري.

 

نُفّذت أول عملية إعدام في سوريا في شهر آب بحق أربعة رهائن غربيين عندما سمّى الجهاديون أنفسهم الدولة الإسلامية، وأشعلوا بذلك فتيل الغضب الذي قاد أمريكا لشن حربها الجوية ضدّ الجماعة في العراق، كما قادها لتوسيع ضرباتها الجوية ضدّهم في سوريا أيضاً. أما في 27 تشرين الأول، فكان الاهتمام أقل عندما وجدت هيئة المحلفين في لندن أن نظام بشار الأسد (رئيس سوريا) قد قتل عمداً وبسبق الإصرار، العام الماضي، الطبيب البريطاني عباس خان الذي كان قد سجن في سوريا بعد سفره إلى حلب لعلاج المصابين. وصفت والدته علامات التعذيب -المألوفة لدى السوريين- التي رأتها عليه عندما سُمِح لها بزيارته خلال اعتقاله في دمشق قائلةً: “جسمه مثل هيكلٍ عظمي، أظفره مقلوع وأقدامه محروقة”.

صعّد الأسد هجماته في الوقت الذي كان العالم مركزاً اهتمامه على الدولة الإسلامية. فقد نفّذ نظامه 850 غارة جوية في الفترة مابين 20 – 31 تشرين الأول، بما في ذلك من إسقاط البراميل المتفجرة بشكلٍ عشوائي على المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مجموعة مراقبة مقرها بريطانيا.

قصف النظام مخيماً للنازحين في محافظة إدلب في 29 تشرين الثاني. وفي الشهر الماضي قتل النظام ستة صحفيين من المواطنين المحليين (مقارنةً مع واحد قُتل من قبل الدولة الإسلامية)، ومن ضمنهم واحد مات تحت التعذيب بعد سنتين من الاعتقال.

رغم أن العالم يولي اهتماماً أقل للفظائع التي يرتكبها النظام مقارنةً بتلك التي يقوم بها خصومه، إلا أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن قوات الأسد مسؤولة عن الوفيات أكثر من الدولة الإسلامية. التعذيب في السجون مستمر، ويزداد ترويعاً أكثر من أي وقتٍ مضى: وثّق اللوبي التابع للأمم المتحدة 31 طريقة من طرق التعذيب، الكثير منها لم يشهدها منذ سنوات. وبالرغم من تخلي الأسد عن سلاحه الكيميائي عقب الهجوم الذي شنّه مستخدماً غاز السارين عام 2013 في دمشق والذي خلّف مئات القتلى، إلا أن الجماعات الثائرة تزعم أن الهجمات الصغيرة باستخدام غاز الكلور استمرت (رغم عدم تأكيد ذلك بشكل موثوق). المعارضون السلميون، مثل مازن درويش الذي ترأس المركز السوري لحرية التعبير، بقي في السجن بسبب لا لشيء أكثر من انتقاد النظام.

يُضعف القتل العنيف استراتيجية أميريكا للقضاء على الدولة الإسلامية من خلال مجموعة من الضربات الجوية، وتعزيز الحلفاء المحليين على الأرض. يشتكي السّنّة في سوريا، والذين يشكلون ثلاثة أرباع السكان، من أن المتطرفين السنة فقط يُضربون. وبحسب ما يرون، فإن جرائم الشيعة تعبر دون عقاب – حيث يتشكل نظام السيد الأسد بالدرجة الأولى من العلويين، فرع من الشيعة المسلمين-.

لقد ولّت تلك الأيام التي كانت تطمح فيها سوريا بمحاكاة الدول الأوربية التي تحارب من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان، فالآن، وكمنافقين، يضربونهم بشكل متوحش. يعترف وزير الدفاع الأمريكي هيغل أن الأسد يستمد بعض المنفعة من تركيز واشنطن على الدولة الإسلامية.

ولم يبدأ تنفيذ الشق الثاني من الاستراتيجية التي أعلنها باراك أوباما في 10 أيلول، وهي تدريب وتسليح الثوار السوريين المعتدلين. وقريباً قد لا يبقى هناك جماعات لتُدعم، فقد أصبحت القوات المعتدلة تتراجع منذ 2012 عندما صعد الثوار المتشددون، ومن ضمنهم جبهة النُصرة (فرع القاعدة في سوريا)، إلى المشهد. وتكافح التيارات الرئيسية السائدة من أجل البقاء. ويُغلق الأسد طرق الإمدادات إلى حلب المُستخدمة من قبل المتمردين المعتدلين، بينما تبقى الدولة الإسلامية والتي قاتلت مثل هذه المجموعات، تبقى تشكل تهديداً، وكذلك حال جبهة النُصرة التي سيطرت في أوائل شهر تشرين الثاني على عدة قواعد للثوار في محافظة إدلب، آخر معقل لهم في شمال البلاد. وقد شملت هذه الإنتقادات جمال معروف، وهو زعيم الثوار المدعوم أمريكياً وزعيم حركة حزم، وهي الجماعة الأولى التي تحصل على قذائف مضادة للدبابات من أمريكا.

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية أنها لا ترى الأحداث الجارية بمثابة نكسة كبيرة لاستراتيجية أوباما. لكن الفرع المحلّي للقاعدة (النُصرة) يتواجد أقرب إلى باب الهوى، وهو معبر حدودي مُستخدم من قبل المجموعات المعتدلة. وذكرت تقارير في السادس من تشرين الثاني أن أمريكا قامت بإطلاق غارات جوية ضد تلك الجماعة.

يقول السوريون أن الرسالة المُرسلة والتي تظهر الانحياز إلى أمريكا لا تأتي بمنافع ملموسة، فإذا استمر المسار الحالي، ستسيطر الدولة الإسلامية على شرق سوريا، وجبهة النُصرة على الشمال الغربي، والأسد يسيطر على الغرب، وبالكاد تلك هي النتيجة التي تدور في ذهن أمريكا أو حلفائها.

 

[wp_ad_camp_1]

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.