حسام موصللي

كما لم يكُن لكثيرين أن يَتخيّلوا أن ثورة شعبية ستحدثُ في #سوريا لتهدمَ ما اقترفَتهُ يدا #حافظ_الأسد على مدى نصف عقد تقريباً من مُستوطنة ديكتاتورية مِثاليّة، فمن المُمكن أن نفكّر – لمجرّد إعمال العقل – في ما قد تتداعى إليه الأحداث من مُتغيّرات جذرية مُذ طرأت على خارطة المنطقة قبل خمس سنوات فقط، بأن هُناك سيناريو ضمن خانة الاحتمالات الأقرب إلى المُستحيلة أيضاً، حيث يَنتفضُ شيعة لبنان على كلٍّ من حزب الله وزعيمه #حسن_نصر_الله وحركة أمل براعيها #نبيه_بري، وذلك على اعتبار أن الرجلين يتحملان كامل مسؤولية ما ناب شريحة بشريّة يُقدّر تعدادُها بما يُقاربُ ثلثُ سُكان لبنان، من خسائر بشريّة واجتماعية فادحة، تكلّلت بانخراط مُقاتلي حزب الله بصورة مباشرة في القتال الدائر في سوريا كقوّة احتلال، تضافُ إلى قوات النظام السوري، ضد ثورة الشعب وتحت غطاءٍ واهٍ أطلقوا عليه اسم الحرب دفاعاً عن المراقِد المقدّسة، مُتجاهلين أن سنّة سوريا لم يَنفوا قدسيتها يوماً!

 

ولِم لا نفكّر جدياً بهذه الانتفاضة؟ أليسَت تَجمُّعات الشّيعة في لبنان عبارة عن عشوائيات تحكمُها المحسوبية والواسطة والسلاح، ويتكاثر فيها تجار المواد المُخدّرة أكثر من الورود في حديقة باريسية! في حين أنها تفتقرُ في مُعظمِها إلى الحدّ الأدنى من الخدمات والمرافق العامّة، فضلاً عن أنه ليس للدولة أو القانون فيها أدنى نفوذ؟ ألم تُقصي الشيعة السياسية بزعامة التنظيمين آنفي الذكر أيّ حِراك تنويري لإعادة الطائفة إلى حاضنتها الوطنية الجامعة من خلال اعتماد القتل والترهيب وشراء النفوس الضعيفة كوسيلة وحيدة للتحاور؟ ألم يؤدي تَعنُّت أولئك الذين نَصّبوا أنفسهُم محلَّ القيادة المُطلقة لشيعة #لبنان إلى نتائج كارثية على صَعيد تدعيم وحدة لبنان الذي يعاني بالأساس من أزمة مُعقّدة في هويته الوطنية، بعد أن تاهت بوصلة تعدديته وانتهجت درب الانتماءات الأضيق؟ ألا يُضحّي حزب الله دونما مبالاة أو مَنطق أو أيّ دافع وَطني بكلّ ما يتيّسرُ له من شَباب شيعة لبنان، والأولاد مُؤخّراً، في حربٍ يَخوضها خارج بلاده بالوكالة عن إيران دِفاعاً عن تَحالفاتها السياسية مع الأسد؟ أما نُبِذَ شيعة لبنان وخسروا ما أتيح لهم من حاضنة شعبية سوريّة، وشركاء وداعمين عرب آخرين، نتيجة الانصياع الكامل لإملاءات النظام الديكتاتوري الحاكم في #إيران؟

ألم يُدافع زياد ماجد ويوسف بزي وحسام عيتاني وحازم الأمين ونديم قطيش، وقبلهم هاني فحص ومهدي عامل، وأسماء أخرى لا مجال لحصرها، عن المصالح الوطنية اللبنانية ومن ضمنها – كنتيجة حتمية – مصالح الشيعة في لبنان؟ هل خلَت أصابع أطفال شيعة لبنان من أظفارها؟ “بالطبع لا”، ألا يدري الجميع أن في حزب الله قيادي يُدعى هاشم صفي الدين، وهو بالمناسبة ابن خالة حسن نصر الله وشبيهه ورئيس المجلس التنفيذي لحزبه؟ أما أثبتَ خطابُ حزب الله أنّه تابع لا قائد، يُسيَّرُ بما تشتهيهِ أهواءُ “المُقلَّد” في إيران، ليس عسكرياً فحسب، بل حتّى على الصعيد الإنساني في التعامل مع اللاجئين السوريين الذي قد يُفضّلون النوم على أرصفة شارع الحمرا في بيروت بدلاً من تجاوز الحاجز الأمني عند مدخل الضاحية الجنوبية؟

كلّ ما سلف، وأسئلة كثيرة أخرى، تجعلُ التفكير بثورة شيعية على أولياء الأمر السياسي أمراً منطقياً وواردَ الحدوث؛ حتى لو كان بعيداً. ناهيك عن أن ما يورِدُه الزعماء السياسيون للطائفة من أكذوبة الارتباط المقدّس ما بين الشيعة الاثني عشرية والعلويين أينما كانوا، ليس بأكثر من خدعة سياسية ساقَها النظام الإيراني وسَوّق لها في المنطقة، على غرار محور المقاومة والممانعة، لمُجرّد دعم النظام السوري، ومن يتتبّع تاريخ علاقة المكونين في المنطقة، سيدركُ أن ما يجمعهما من عِداء ليس بذاك الذي قد يُفضي إلى تَحالفٍ ما بين لَيلة و”ضواحيها”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة