وائل العبدالله

تطالعنا من حين لآخر صور نضوج وتقدم أبناء الملوك والرؤساء العرب، فكبيرأبناء #بشار_الأسد  اليوم أصبح في سن المراهقة، وابن الملك المغربي يمارس اليوغا، وابن الملك الأردني يمارس الفروسية، وأبناء #حسني_مبارك خرجوا أبرياء.

 

يكبر أبناء القتلة والطغاة بعيداً عن جرائم الأهل وطاغوتهم، فينفق الأهل الطغاة الغالي والنفيس على الجيل الثالث منهم، فالتعليم في المدراس الفاخرة، والطرق الحديثة في التربية، وأحدث ما توصل إليه علم النفس في تنشئة صحية صحيحة للجيل الثالث 3G  من أبناء الحكام العرب.

يكبر أبناء ال3G  اليوم في بيئة غير مستقرة نسبياً، فالعالم اليوم يتغير بتسارع كبير، والخرائط السياسية لممالكهم المستقبلية غير مضمونة، والحديث لا يزال مبكراً على توريثهم الهموم والمشاكل والاضطرابات والقلاقل.

تحضنهم هارفرد وأوكسفورد وجورج تاون وييل وكولومبيا بحنية، وبشغف، ويتعلمون هناك كل شيء، يتعلمون أحدث العلوم وأنفعها وأرقاها، ويحلمون بالعودة السريعة إلى الوطن كي يطبقوا ما تعلموه هناك من علوم وحداثة ومدنية على شعوب البلد غير المدرك لما يحدث في الضفة الأخرى من العالم.

وفي الوقت نفسه، يكبر ال3G  الجديد من أبناء رؤساء الأجهزة الأمنية ورجال العصابات والمهام القذرة، ويتعلمون أيضاً العلوم الحديثة، ولكن لا نرى صورهم إلا نادراً، تتسرب لنا صورهم يرتدون البدلات العسكرية ويمارسون الصيد، وتعذيب الحيوانات والأطفال أحياناً في صفهم، والتعدي على الأساتذة والطاقم التعليمي بأسلوب كوميدي فج سخيف، نراهم في فيديوهات اليوم يحملون الأسلحة على الرغم من صغر سنهم، ويبدعون في إهانة من حولهم.

في مصفوفة فريدة يكبرون سوية ويلتقون أحياناً ويعرفون بعضهم البعض، ويتعلم كل منهم دور الآخر، قد تحدث بعض التعديات الطفولية من أبناء الصف الثاني على أبناء الصف الأول خلال مراحل الطفولة المبكرة، ولكن يتم وضع حد نهائي لها فلا تتكرر أبداً، وهنا يفهم كل منهم دوره في المستقبل القادم ويعرف كل منهم كيف سيستخدم الآخر.

في المقلب الآخر ينمو 3G  المواطنون الفقراء، أي عامة الشعب، بعيداً تمام البعد عن ال3G  المذكور أعلاه، فيكرر مدرسة أبيه ويكرر دربه اليومي الذي مر عليه أبوه من قبله،

وتبدأ قصص أبناء الملوك والطغاة بالتوارد إلى مسامع الطبقة العامة من الناس، فيكبر الطفل على قصص نوادر وأساطير ال3G الآخر، ويبدأ معها بالتعود على وجودهم المستقبلي في الحكم، بل يبدأ بانتظارهم بشغف، متأملاً بتغير الحال إسقاطاً منه لما سمعه من قصص عن حياتهم ومآثرهم ونبلهم على واقع البلد، فلابد لهارفرد وجورج تاون أن تزرع على الأقل بذرة الكرامة، أو الحرية، أو الإصلاح في دماغ من زارها وتعلم فيها وعاش مع مرتاديها.

حقيقة الأمر أن #حافظ_الأسد لم يقل لبشار أن يقتل الشعب بالبراميل، ولم يترك له دليل استخدام لقمع الثورات، ولم تنفع #بريطانيا في تخفيف سطوة القاتل على شعبه، فجامعات بريطانيا لا تدرّس مناهج تخفيف القمع ولا منهج استخدام أسلحة رقيقة في التعامل مع الشعوب. ما حدث هو اختلال في منظومة ال3G التي قد تؤدي للقضاء التام على حلم ذلك الشاب في الوصول إلى الحكم.

حقيقة الأمر أن الأمر لن يتكرر في #سوريا (إن بقيت سوريا) بعد اليوم، في الشمال والجنوب أجيال تعلمت أن ترفض الرئيس والزعيم والشيخ، فلن تنفع ضحكات الأم الباهتة ولا عودة الأب المنهك من رمي البراميل وإنكارها في أن تطمئن الفتى حديث البلوغ بأنه سيحكم سوريا، فالشتائم طالت جده في قبره وأم جده بل ونكئت قبور أسلاف الأسلاف.

… الطفل في الخيمة تعلّم أن أولى خطوات الحرية أن ترفض من يحكمك، حتى لو كان نبياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة