ترجمة وإعداد موقع الحل السوري

الدولة الإسلامية، أو #داعش كما تعرف، تنظيم عسكري إرهابي يصف نفسه بالدولة، مثله مثل أي تنظيم آخر له موالين ومعارضين، ينتمي إليه الكثيرين ومن مختلف الجنسيات، وقد حقق انتشاراً واسعاً في مختلف الدول واستطاع جذب العديد من الشباب والشابات من مختلف الأعمار (بخاصة المراهقين منهم) ومختلف الجنسيات العربية والأجنبية أيضاً.

 

ومثله مثل أي تنظيم عسكري آخر، لديه منشقون عنه، رافضون لمبادئه أو أسلوبه، أو حتى قسوة الظروف التي يعيشونها فيه.

في هذا الصدد، أصدر المركز الدولي لبحوث دراسات التطرّف والعنف السياسي ICSR دراسة يسرد فيها حكايا المنشقين من صفوف #الدولة_الإسلامية، ووقف على الأسباب التي أدت للانضمام إلي التنظيم ثم الانشقاق عنه، رغم تحفّظ معظمهم، وعدم تقديمهم المعلومات الكافية خوفاً من العواقب التي قد تلحق بهم.

تفيد الدراسة بأن ظاهرة الفرار من داعش، هي ظاهرة “جديدة ومتنامية”، فمنذ شهر كانون الثاني من العام 2014، انشقّ ما لا يقل عن 58 من أفراد التنظيم عنه وأعلنوا فعلهم هذا، وهذا العدد “لا يمثل سوى جزءاً صغيراً من المقاتلين الذين انقلبوا على داعش”.

وقد قدم المنشقون نظرة فريدة عن طبيعة الحياة ضمن الدولة الإسلامية، حيث يمكن لقصصهم أيضاً أن تُستخدم كأداة قوية محتملة في الحرب ضدّها، فقد أوضحوا معلومات “تصور تفكك الوحدة والتصميم الذي تسعى الجماعة لنقله للعالم”، كما تبرز أطروحاتهم “التناقضات والنفاق ضمن الجماعة”، مشجّعين بذلك أمثالهم من الأعضاء لترك الجماعة، كما يمكن لتجاربهم أن تساعد في ردع الآخرين عن الانضمام للجماعة.

قد تكون الأسباب التي أدت إلى انشقاقهم عن التنظيم معقّدة تماماً، مثلها مثل الأسباب التي أدت إلى انضمامهم له،.. “لم يصبح الجميع مؤيدين متحمسين للديمقراطية الليبرالية، كما قد يكون البعض منهم قد ارتكب جرائم، فقد انضموا إلى التنظيم الأكثر عنفاً ودكتاتورية في عصرنا، إلا أنهم الآن من ألد أعدائه”.

أسباب الانشقاق

حدد التقرير أربع روايات رئيسية من بين قصص المنشقين البالغ عددهم 58 وهي:

– تهتم داعش بمحاربة أشقّائهم السنّة أكثر من اهتمامها بمحاربة حكومة الأسد.
– تشارك داعش بالأعمال الوحشية والفظائع ضدّ المسلمين (السنّة).
– داعش هي جماعة مُفسدة وليست إسلامية.
– الحياة في ظل داعش هي قاسية ومُخيبة للآمال.

الانشقاق عن داعش عملية معقّدة وخطيرة، فيواجه المنشقون عدّة عقبات وعراقيل، والتحدي الأول الذي يواجهونه هو الابتعاد عن داعش وشق طريقهم إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة التنظيم.

أما التوصيات التي أشار إليها التقرير فهي للحكومات والنشطاء من أجل تقدير وتصديق روايات المنشقين وتوفير الفرص لهم للتحدث عما جرى معهم ومساعدتهم في إعادة الاندماج في المجتمع وضمان سلامتهم، كما لإزالة العوائق القانونية التي تمنعهم من الاندماج مع عامة الناس.

شهادات

“عندما تريد إيقاف تعمّق الدولة الإسلامية في قلبك، عليك الخروج للتعايش مع عامة الناس والتحدّث عنها “. (إبراهيم. ب) منشق ألماني.

أجرى مقاتل بريطاني في الدولة الإسلامية _ والذي انشق عن الجماعة في أواخر شهر آب من العام 2014 _ اتصالاً مع شيراز ماهر، وهو باحث لدى ICSR  وادعى أنه يتحدث من أجل عشرين من رفاقه الذين غادروا إلى #سوريا رغبة في محاربة حكومة الأسد، قائلاً : “لقد شاهدنا أشرطة الفيديو، إنها لُفّقت من أجلنا”، لكن ما وجدوه كان مختلفا تماماً “المسلمون يقاتلون المسلمين” أضاف.. ” نُسي أمر الأسد، الجهاد بأكمله قد تحول رأساً على عقب”.

وبحسب الدراسة فإن تلك المحادثة كانت أول محادثة لمقاتل منشق من تنظيم داعش، ومنذ ذلك الحين هناك العشرات وأكثر من الفارين إلى الأراضي التركية منهم، بينما تم إلقاء القبض على آخرين وإعدامهم كجواسيس أو خونة.

وتفيد الدراسة بأن شهادات المنشقين والتقارير، كافية لتحطيم صورة التنظيم كمنظمة موحدة متماسكة وملتزمة عقائدياً، إنها تثبت أن داعش “ليست المدينة الفاضلة”، وأن العديد من مقاتليها لديهم مخاوف عميقة حول استراتيجية وتكتيكات المجموعة.

وأشار التقرير إلى أن عدداً قليلاً من المنشقين عن التنظيم كانوا على استعداد للحديث، وأنه تمت معرفة القليل عن خلفياتهم والأسباب التي أدت إلى مغادرتهم الدولة الإسلامية، وبهذا الصدد، تم إنشاء قاعدة بيانات تم فيها تسجيل كل حالة من الحالات المعروف عنها انشقاقها عن داعش، أولى الحالات تعود إلى شهر كانون الثاني من العام 2014، وأحدثها تعود لشهر آب من العام  الجاري، حيث أن أولى حالات الانشقاق ظهرت بعد وجود التنظيم بثمانية أشهر فقط، والمنشقون في الدراسة 51 منهم من الذكور و7 من الإناث.

الحالات الـ 58 التي تم ذكرتها الدراسة كانت لمواطنين من _ أو لمقيمين دائمين في _ 17 دولة، ما يعكس انتشار هوية التنظيم واستراتيجية التجنيد لديه. حيث كان 21 منهم سوريين، و17 من دول عربية أخرى، 9 أيضاً من أوربا الغربية وأستراليا، فضلاً عن 7 من وسط وجنوب وجنوب شرق آسيا، واثنان من الأتراك، وتم تسجيل حالتين لأشخاص مجهولي الهوية.

وتذكر الدراسة أن روايات التجنيد ليست هي ذاتها، كما يتم توضيح الأسباب التي أدت لانضمام الناس للتنظيم، فعملية التطرّف أو التجنيد عملية معقدة ومتعددة الأوجه، وتتكون من مجموعة متنوعة من العوامل والمؤثرات، مثل الإحساس بالتظلّم، المعتقدات، القوى الاجتماعية، وحتى الصدفة.

أسباب الانضمام

حسب الدراسة، يمكن تصنيف الأسباب التي أدت إلى الانضمام للتنظيم _ بحسب روايات المنشقين عنه والأدلة القوية التي أوضحوها _ إلى ثلاث فئات :

الفئة الأولى هي “الصراع السوري”، وخصوصاً “الفظائع التي تم تنفيذها من قبل حكومة الأسد، والموثقة بأشرطة الفيديو”، ما ولدت الإحساس عند الكثيرين من غير السوريين بواجب التحرك، حيث تم إقناعهم أن المسلمين (السنّة) في سوريا يتعرضون للإبادة الجماعية، وهم في مواجهة فكرة  ” تهديد الوجود السنّي”، ما خلق شعوراً قوي من الالتزام لدى السنّة من ذوي الهوية الإسلامية، ذلك “وفقاً للغرائز الإنسانية”.

أما الفئة الثانية، فتعتمد على الإيمان والعقيدة. فالعديد من المنشقين كانوا موقنين تماماً أن داعش تمثل الدولة الإسلامية المثالية والتي من الواجب على كل مسلم أن يدعمها ويساعد في نجاحها، حيث عرضت عليهم فكرة العيش وفقاً للشريعة الإسلامية والنضال من أجل القضية المقدّسة. كما أفاد التقرير أن معظم المنشقين الذين سردوا هذه الرواية كانوا من المتطرفين، وقد قبلوا بفكرة وشرعية الدولة الجهادية من قبل أن تُعرف هذه الدولة، وبالنسبة لهم كان الذهاب إلى سوريا نتيجة منطقية لمعتقداتهم المتطرفة والإيديولوجية التي كانوا يعيشونها اجتماعياً.

أما الفئة الثالثة، التماساً للأسباب الشخصية والاحتياجات المادية. فبعض المنشقين كانوا قد تلقوا وعوداً بالمواد الغذائية والسلع الفاخرة والسيارات. وقال آخرون أن مفاهيم المغامرة والأخوة والقتال كانت تجذبهم، فتوفر لهم الفرصة بأن يصبحوا أبطالاً. هؤلاء، قلما تلتمس لديهم الالتزام الديني أو الالتزام بالهوية الدينية. وهذا يمكن أن يكون مؤشراً على الضغوط الاجتماعية، أو ببساطة على عدم النضوج الفكري لهؤلاء.

وبعد أن شرحت الدراسة أبرز الأسباب التي أدت إلى انضمام هؤلاء للتنظيم، أوضحت أيضاً الأسباب التي أدت إلى تخليهم عنه، فمعظم الأسباب التي أدت إلى انشقاقهم كانت عكس تلك التي أدت إلى انضمامهم.

عملياً، معظمهم قال إن التنظيم لم يرقى إلى توقعاتهم ( السياسية والدينية أو حتى المادية). وعدد قليل من الحالات أوضحت أن هذه الأسباب أدت إلى إعادتها النظر في التزامها الفكر الجهادي.

انتقادات

روى المنشقون روايات أدت إلى انشقاقهم وهي:

1ـ الاقتتال الداخلي

كان أحد أكثر الانتقادات تكراراً من قبل المنشقين، فقد شاركوا في القتال ضد المتمردين السنة الآخرين. حيث ترى قيادات الجماعة أن الجيش السوري الحر وأحرار الشام وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، أعداء للجماعة، واشتبكت مع كلّ منهم في معارك شرسة. وجزء آخر من هذا النقد هو اتهام الجماعة في فشلها في مواجهة نظام الأسد، فمن وجهة نظر المنشقين لا يبدو أن إسقاط النظام هو أولوية داعش.

2ـ الوحشية ضد المسلمين (السنّة)

اشتكى الكثير من المنشقين من الأعمال الوحشية وقتل المدنيين الأبرياء، فقد أشاروا إلى العمليات العسكرية التي أدت إلى مقتل العديد من الأطفال والنساء، كما أشاروا إلى القتل العشوائي للرهائن والمعاملة السيئة والمنهجية للقرويين، وإعدام المقاتلين من قبل قادتهم العسكريين.

3ـ الفساد

يرى المنشقون أن السلوكيات التي شهدوها منافية للأخلاق الإسلامية، وأن كبار قيادات الدولة فشلوا في الرقي إلى وعود الدولة الإسلامية المركزية، وهي خلق مجتمع إسلامي مثالي، في حين أن العنصرية التي واجهوها كانت من شكاوى السوريين الذين لمسوا التفريق العنصري بينهم وبين الأجانب من أعضاء التنظيم.

4ـ  جودة الحياة

أعرب عدد لا بأس به عن خيبة الأمل إزاء الظروف المعيشية ونوعيتها، فقد خسروا أحلامهم بالسلع الكمالية والسيارات، علاوة على ذلك وجد الأعضاء الغربيون صعوبة في التأقلم مع نقص الكهرباء والسلع الأساسية، لكن قِلّة قليلة منهم كانوا على استعداد بالاعتراف أن هذا كان السبب وراء انشقاقهم عن الجماعة.

وترى الدراسة أن شهادات هؤلاء المنشقين يمكنها أن تمزّق صورة الوحدة ضمن التنظيم، وأن أطروحاتهم تبرز التناقضات والنفاق ضمن الجماعة، كما يمكن أن تشجع العديد من أعضاء الفريق لمغادرته، بالإضافة إلى ردع العديد عن الانضمام للجماعة.

ومن بين أول المعترفين بقيمة روايات المنشقين كان مركز وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والذي بدأ في الآونة الأخيرة بنشر أصواتهم حيث “يحتاج الآخرون أن يحذوا حذوهم”.

أما عن التوصيات التي خرجت بها الدراسة، فقد ذكرت أن هذا العدد لا يمثل إلا جزءاً صغيراً من المقاتلين المحبطين الذين انقلبوا على #داعش، وأن أسباب تركهم للتنظيم معقدة تماماً كالأسباب التي أدت إلى انضمامهم.

التوصيات

– للحكومات والناشطين أن يدركوا مصداقية روايات هؤلاء المنشقين.
– توفير الفرص للمنشقين للتحدث عن تجاربهم.
– مساعدتهم في إعادة الاندماج في المجتمع وضمان سلامتهم.
– إزالة العوائق القانونية التي تمنعهم من الانخراط في المجتمع.

أصوات المنشقين قوية وواضحة.. ” داعش ليست تحمي المسلمين. إنها تقتلهم .. وهذه الأصوات بحاجة لأن تُسمع”.

للاطلاع على الدراسة كاملةً باللغة الإنجليزية إضغط هنا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.