هيلين المصطفى

قدم موقع الحل السوري تقريراً  خلال الشهر الماضي، عرض فيه عدداً من المواقع الأثرية السورية المسجلة على لائحة التراث العالمي في منظمة اليونسكو، وما تعرضت له هذه المواقع من أضرار خلال السنوات الماضية، وفي هذا التقرير يستكمل عرض المواقع الأخرى والأضرار التي تعرضت لها.

 

مدينة دمشق القديمة

مدينة #دمشق القديمة هي أقل مواقع التراث العالمي في #سوريا تضرراً منذ بدء الأحداث العسكرية، والخطر الأكبر الذي يهددها أنها تبعد مسافة قليلة عن حي #جوبر الذي تعتبر من أهم مراكز الاشتباكات بين الفرق المتنازعة في قلب العاصمة دمشق، هذا ما يجعلها باستمرار عرضة للقصف والقذائف ورصاص القناصة، فحسب تقارير اليونيسكو للأعوام 2013 – 2014  – 2015 يمكن حصر الأضرار بما يلي:

– تشييد أبنية حديثة مخالفة في قلب المدينة الأثرية.

– أضرار كبيرة ناتجة عن القذائف تركزت في الواجهة الغربية للجامع الأموي، الواجهة الغربية لقلعة دمشق، كما البوابة الشرقية وجدران قاعتها الملكية، وواجهة المدرسة العدلية، والمدرسة الجقمجية (متحف الخط العربي)، والعديد من الملكيات الخاصة والمحال التجارية في باب توما وحارة اليهود، أيضاً تعرض البرج الشمالي الغربي للقلعة الأيوبية لضرر كبير نتيجة القذائف في شباط 2015.. إضافة إلى أضرار متوسطة نتيجة القذائف في الكنسية الأرثودوكسية في باب شرقي.

– أضرار بسبب الحرائق: استهدفت العديد من المحال التجارية في قلب المدينة الأثرية في أحياء ساروجة والقنوات.

1

 

– أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التقطت في كانون الأول 2014 أضراراً متوسطة في خان الحرمين، خان الزيت، جامع هشام، جامع منجك، بيت شيرازي، والعديد من الحمامات.

لابد من الذكر أن مديرية الآثار والمتاحف في دمشق قام بخطوات بسيطة لإعادة ترميم فسيفساء وواجهة الجامع الأموي الغربية.

 

ـ أدرجت مدينة دمشق القديمة ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي سنة 1979، تحت بند التخطيط المعماري المتميز كما أدرجت ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي المهدد بالخطر سنة 2013.

وتأسست مدينة دمشق حوالي 3000 قبل الميلاد، هي مركز حضاري وتجاري هام جدا بسبب موقعا الجغرافي، وتعتبر من بين أقدم مدن العالم المستوطنة دون انقطاع على مدى تاريخ تأسيسها. ولم تبرهن دمشق أهميتها الكبرى كمدينة ومركز حضاري إلا بعد وصول الاراميين واستيطانهم فيها. فيما تقدم المدينة طابعاً معمارياً ساحراً تم خلقه وابتكاره من الحضارات المتعاقبة على المدينة، الهلنستية، الرومانية، البيزنطية والإسلامية. على الرغم من أن الحضارة الإسلامية كانت آخرها إلا أنها لم تخفي أبداً معالم الحضارات السابقة وتأثيراتها خاصة الرومانية والبيزنطية التي تظهر واضحة في التخطيط المعماري للمدينة بالدرجة الأولى.

 

المدن المنسية في شمال سوريا:

تعتبر المناطق الأثرية الشمالية من #سوريا من أكثر المناطق التي تضررت بسبب الحرب، وجاءت تقارير اليونيسكو للأعوام 2013  – 2014 2015 –  على النحو التالي:

– سكن المواقع من قبل اللاجئين: أخليت معظم قرى محافظة إدلب من سكانها بسبب تردي الأوضاع الأمنية فيها، فلجا السكان إلى المدن المنسية وسكنوها (سرجيلا، شينشارة، قلب لوزة وجرادة)، كما قاموا بنصب خيم في محيطها وداخلها، وتأذت بشكل كبير بسبب أعمال الحفر التي قاموا بها في أساست الأبنية من أجل الصرف الصحي، بالإضافة لأعمال الغرافيتي العشوائي التي نفذت على جدرانها.

– أضرار كبيرة جداً ناتجة عن آليات الحفر الثقيلة التي أدخلت للموقع من أجل أعمال البناء الحديثة والتي بدأت تظهر بشكل واضح بقلب المواقع الأثرية، وبالتالي العبث بهويتها وخاصيتها، إضافة إلى اقتلاع حجارة المواقع واستخدامها في الأبنية الحديثة بشكل غير قانوني (البارة، منطقة سمعان، الرويحة، شيخ بركات، جبل الزاوية) كما تم نزع معظم فسيفساء أرضيات دير وقلعة سمعان.

– أعمال تنقيب غير شرعية: تمت ملاحظتها بشكل مكثف في (منطقة سمعان والبارة) من قبل محليين أرادوا الوصول للعملات المدفونة والنبش بالمقابر التي كان قد ظهر جزء منها بطريق المصادفة أثناء حفرهم للتمديدات الصحية في هذه المواقع بعد استيطانها، وأدت هذه الأعمال إلى ضرر كبير في الواجهة الداخلية لدير سمعان.

– أضرار ناتجة عن الأعمال العسكرية: اتخذ القناصة من دير سمعان مركزاً لهم بسبب ارتفاعه وموقعه الاستراتيجي، حيث يمكن مشاهدة آثار الرصاص بشكل واضح بالتماثيل الحجرية (منطقة سمعان)، والعديد من المعابد والمقابر في (منطقة البارة). كما قامت بعض الفرق المسلحة بحرق واقتلاع أشجار الزيتون في (منطقة سمعان) والتي تشتهر بها المنطقة وتعود لمئات السنين.

2

نازحون يسكنون المواقع الأثرية في جبل الزاوية بريف إدلب

 

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التقطت في كانون الأول 2014 أنه تم بناء حائط جديد بطول 132 م في (منطقة شينشارة)، وتآكل في التربة، وحفر وثقوب تدل على أعمل التنقيب غير الشرعي، وما يقارب 80 مبنى تم إنشاؤه حديثاً ضمن المناطق الأثرية إضافة لآثار المركبات العسكرية في (منطقة سمعان).

 

ـ أدرجت المدن المنسية ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي سنة 2011، تحت بند التخطيط المعماري الذي مازال قائماً بحالة جيدة جداً، كما أدرجت ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي المهدد بالخطر سنة 2013.

هي جزء من محافظة إدلب في شمال سوريا تعرف بالمدن المنسية أو الميتة، مجموعة من 40 قرية قسمت إلى 8 مناطق متميزة بتخطيطها المعماري حتى الآن، وتقدم مثالاً رائعاً من الفترة الحضارية الرومانية إلى العهد البيزنطي، ما يميز هذه المدن أنها تم هجرها وتوقف الاستيطان فيها لكنها لم تدمر، فعند التجول في هذه المدن نستطيع أن نرى الأعمدة، البوابات، المساكن، المعابد والكنائس التي تعود للقرن الأول الميلادي، والأسوار والجدران الدفاعية، وعناصر توليد الطاقة المبكرة، بالإضافة إلى وسائل الإنتاج الزراعي التي تعتبر غاية التطور في ذلك الوقت.

 

مدينة تدمر الأثرية

من أكثر المناطق التي تم تسليط الضوء عليها بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) والتدمير الهمجي الذي قاموا به بحق معالم هذه المدينة، إلا أن تقارير اليونيسكو للأعوام 2013 –  2014 – 2015   قد ذكرت ووثقت العديد من الأضرار قبل سيطرة داعش، تم حصرها بنقطتين:

– أضرار ناتجة عن أعمال تنقيب غير شرعية: تمت بشكل مكثف في منطقة المدافن وخاصة غير المنقب فيها سابقاً. وسرقة العديد من المنحوتات باستخدام آليات نقل وحفر ثقيلة، والتي تم ضبط العديد منها عن طريق الانتربول، حيث كانت تنقل من #لبنان إلى أوروبا من خلال شبكات اتجار محترفة. كما تم رصد نزع حجارة الأساس واستخدامها لرصف طرق جديدة.

4

صورة تبين المواقع الأكثر تضرراًفي تدمر

 

– أضرار ناتجة عن الأعمال والاشتباكات العسكرية: تمت ملاحظتها في واجهة معبد بل أحد أهم معابد مدينة #تدمر، وانهيار اثنين من أعمدته، وإنشاء طرق جديدة داخل المدينة القديمة باستخدام آليات عسكرية ثقيلة من شمال غرب منطقة المدافن وصولاً إلى منحدر القلعة العربية، التي تم استخدامها كحصن عسكري من قبل قوات النظام.

كل هذا الضرر أصبح لا يذكر اعتباراً من أيار 2015 تاريخ سيطرة داعش على تدمر، ففي آب 2015 قام التنظيم بتفجير معبد بعل شمايين الذي تهدم بمعظم أجزائه لكن أغلب الضرر تركز في حرم المعبد والأعمدة المحيطة به.

بعد ذلك بعدة أسابيع قاموا بتفخيخ معبد بل وتفجيره حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية حجم الدمار الهائل الذي حل به.

في الشهر العاشر من هذا العام أيضاً قاموا بتفجير قوس النصر الروماني الذي يعد عنصراً رئيسياً في مخطط المدينة الرومانية. بالإضافة لتفجير ثلاث من المدافن البرجية التي تمتاز بها المدينة فضلاً عن علميات السرقة وتجارة الآثار التي تعتبر مصدر التمويل الثاني لهذا التنظيم.

3

تفجير الآثار في تدمر من قبل تنظيم الدولة الإسلامية

 

ـ أدرجت تدمر ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي سنة 1980 أيضاً تحت بند المخطط العمراني الذي ما زال قائماً بشكل جيد حتى الآن، وأدرجت ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي سنة 2013.

تدمر واحة في قلب الصحراء السورية شمال شرق دمشق، تضم آثار وبقايا واحدة من أهم المراكز الحضارية في العالم القديم في القرنين الأول والثاني للميلاد، العمارة والفن التدمري هو محصلة ثقافات إغريقية- رومانية مع مزيج من التقنيات المحلية، كما أن تأثيرات الفن الفارسي واضحة بشكل كبير أيضاً. أول ذكر لها كان في نصوص ماري في الألف الثاني قبل الميلاد، دخلت تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية في منتصف القرن الأول للميلاد، كانت نقطة وصل تجارية بين بلاد فارس والهند مع الإمبراطورية الرومانية، تتميز بمعابدها، والمسرح الروماني كما بمدافنها البرجية الفريدة من نوعها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.