خاص – موقع الحل:

صكّ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” العام الماضي، عملة خاصة به، ووفقاً للصور التي تناقلها ناشطون، ونشرها التنظيم على مواقعه على الانترنت، تكونت العملة الجديدة من فئة ذهبية، وأخرى فضية، وثالثة نحاسية، وتختلف قيمة العملة باختلاف المعدن وسعره، ويبلغ سعر كل دينار من #الذهب 140 دولاراً أميركياً، أما العملة الفضية فسعرها 10 دراهم وخمسة دراهم ودرهم واحد، في حين بقيت العملة النحاسية الأقل قيمة، وقيمتها 10 فلوس و20 فلساً.

وعمد التنظيم لإصدار هذه العملة، في محاولة “لإثبات القدرة على إنشاء نظام مالي خاص به” كما يقول محللون اقتصاديون، داعياً المواطنين المقيمين في مناطق سيطرته لتسليم كل أنواع العملات التي بحوزتهم سواء كانت عملات #سورية أو #عراقية أو عملات #صعبة بما فيها #الدولار، لاستبدالها بعملته الجديدة.

وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي عماد ع في حديث لموقع الحل “توريطاً للمواطنين في مناطق التنظيم”.

بدوره، قال ليث الخوري، مدير  أبحاث الشرق الأوسط في مؤسسة “فلاشبوينت غلوبال بارتنرز”  لموقع ماشابل إن “فكرة التنظيم تنطوي على خلق عملة قابلة للحياة لكنها غير واقعية”.

وأضاف “ما من دولة ستعترف بشرعية هذه العملة”. رغم أنها ستكون مرتبطة بالقيمة السوقية لأسعار الذهب أو المعدن الذي تم صك العملة منه كالفضة أو النحاس أو الزنك.

وفور إصدار العملة الجديدة بدأ استبدال العملة المحلية “الليرة السورية” و”العملات الأجنبية” بعملة لا قيمة لها وغير معترف بها من قبل أي جهة، وذلك في مناطق سيطرته.

تخزين عملات صعبة

يقول ناشط من مدينة #دير_الزور لموقع الحل، رفض الكشف عن هويته، إنّ سكان “ولاية الخير” حسب تسمية التنظيم، اضطروا لتسليم كل ما بحوزتهم من أموال والتي تقدر بالمليارات إلى التنظيم، وحصلوا بدلاً منها على عملته الجديدة، لكن التنظيم احتفظ بهذه الأموال وأصبح له حرية التصرف بها.

وأضاف الناشط، أن الأموال المستبدلة من #المواطنين قيمتها ضئيلة مقابل الأموال التي يتقاضاها التنظيم من بيع #النفط الخام في المحافظات السورية الأخرى، وتسائل “إذا كان #داعش يؤمن حقاً بالعملة التي طرحها، فلماذا لا يستخدمها في تعاملاته النفطية وغير النفطية؟”، مبيّناً أن “هذه العملية ليست إلا محاولة سرقة سكان المناطق التي يسيطر عليها، لكن بشكل غير مباشر”.

محاولة لمنع السكان من الهجرة

من جهته، عبد الرحمن 34 عاماً، وهو مواطن من مدينة الرقة وحاصل على شهادة دراسة عليا في العلوم المصرفية، يقول لموقع الحل “إن العملة التي طرحها تنظيم داعش لها أهداف خفيّة لم يلاحظها العامة، إذ أنها بالدرجة الأولى تهدف لإركاع السكان في مناطق سيطرته عبر سيطرة غير مباشرة على أملاكهم وبالتالي هم لا يملكون أيه أموال للنزوح إلى مناطق أخرى”.

ويضيف “حتى لو قررت أي عائلة تعيش تحت سيطرة التنظيم الهروب، فإنها ستفكر أكثر بأملاكها وثرواتها التي تركتها خلفها، لأنه من جهة لا تستطيع ترك أموالها وعقاراتها، ومن جهة أخرى لن تحقق أي فائدة إذا قامت ببيعها، لأن العملة التي ستحصل عليها ثمن أملاكها ستكون بالعملة الخاصة التي طرحها التنظيم، وبالتالي لن تتمكن من تحصيل ثمنها لا بالعملة #السورية ولا بالعملة الصعبة”.

وفسر هذه الخطوة بأنها “رسالة خفيّة للسكان في مناطق التنظيم، تمنعهم بشكل مباشر عن النزوح من مناطقه، ومحاولة للحفاظ على التواجد المدني في مناطق التنظيم”.

لكن لأم رائد، وهي ستينية وأم لأربعة أولاد، حكاية أخرى، فجميع أولادها سافروا إلى #الإمارات بحثاً عن فرصة #عمل، وأنها حصلت على إقامة في إمارة #دبي وقررت التوجه للإقامة عند أحد أبنائها، إلا انها لم تتمكن من ذلك لأن معظم أملاكها في مدينة #الرقة بقيت رهن عملة التنظيم.

تقول المرأة الستينية “حاولت مراراً بيع العقارات التي يبلغ عددها ثلاثة منازل وأرض زراعية جنوب الرقة، إلا أن ذلك تعذر لأن ثمن العقارات الذي سأحصل عليه سيكون حصراً بعملة التنظيم، وبالتالي أنا فعلياً لن أحصل على أية أموال، أو لن أحصل على القيمة الحقيقية لممتلكاتي”، موضحةً أن التنظيم عندما اتخذ قراراً كهذا لم يأخذ بالحسبان “حال الناس وحاجتهم لاستخدام الأموال خارج مناطق سيطرته”.

عملة دون قيمة

وتسأل أم رائد، ماذا يمكنها أن تفعل بعملة التنظيم في #دمشق أو #دبي أو أي مكان آخر في العالم، لأنها “عملة لا قيمة لها نهائياً”، مبيّنةً أن المواطنين يتعرضون لحالة “سرقة غير مباشرة” من داعش دون أن ينتبهوا.

على غرار أم رائد السيّدة الستينية، يعاني المواطنون في مناطق التنظيم من كوارث اقتصادية بسبب طرح هذه #العملة غير المعترف بها عالمياً.

ويعزز كلام أم رائد، ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي عماد .ع عندما لفت إلى أن “طرح هذه العملة كان بمثابة سحب الأموال من الناس ومنحهم قطعاً معدنية لا يوجد لها أي قيمة، وخاصة أنه لا يوجد اعتراف لها في أي مؤسسة دولية، وبالتالي لم يتم تحديد قيمة هذه العملة مقابل العملات الأخرى”.

لكنه استدرك بالقول “أن المواطنين هناك مغلوبين على أمرهم، وليس أمامهم إلا حلّين أحلاهما مرُّ، فإما قبول قرار التنظيم والتعامل بعملته التي طرحها، ويسلموا أموالهم بكامل الرضا، أو أنهم سيواجهون الحد (العقوبة) من التنظيم لأنهم يكونوا بذلك خالفوا أوامر وقوانين”.

فيما يرى مواطن آخر رفض ذكر اسمه “لأسباب أمنية” أن “معاناة المواطنين مع كارثة عملات داعش، مستمرة عبر استجرار ملايين #الدولارات، بعضها مما جمعه من الأهالي عبر مقايضة عملته بأموالهم، والبعض الآخر من عائداته وتداولاته”.

وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي، في معرض حديثه بأن “الشعارات التي رفعها داعش لتخليص المسلمين من نظام الإذلال المالي الأوروبي، ليس لها أي أساس لأنه فرض عليهم نظاماً أشد بأساً من خلال إجبارهم على تداول عملات غير معترف بها ولا قيمة دولية لها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة