تطور رواتب الموظفين في سوريا: من 200 دولار قبل الحرب لأقل من 60 دولار حالياً

تطور رواتب الموظفين في سوريا: من 200 دولار قبل الحرب لأقل من 60 دولار حالياً

فتحي أبو سهيل- دمشق:

يعاني معظم السوريين من عدم كفاية “مداخيلهم الشهرية” لتأمين أساسيات المعيشة، فحتى النسبة المتبقية من الموظفين في #القطاع_العام، ورغم الزيادات التي طرأت على أجورهم الشهرية،  يعيشون ذات الهم اليومي، في البحث عن سبل إضافية لتوفير ما يغطي نفقات احتياجاتهم.

 

وبعد أن كان الراتب “يطير” مع حلول منتصف الشهر، قبل العام 2010، بات اليوم لا يكفي بضعة أيام في الأسبوع الأول من الشهر، خاصة مع قفزات كبيرة شهدتها مستويات #الأسعار وأجور الخدمات خلال خمس سنوات الحرب، لم تكن متناسبة مع نسب الزيادات التي طرأت على الأجور والرواتب في ذات الفترة..

الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل، قدم لموقع #الحل_السوري دراسة تبين مستوى التراجع فيما يتقاضاه #الموظف شهريا، وتحديداً عند مقارنته بسعر #الدولار الأمريكي، والذي يعتبر المتحكم الأول في الأسعار داخل البلاد.

وتعتمد الدراسة على الراتب الذي يتقاضاه الموظف من الفئة الأولى (شهادة جامعية) عند بدء التعيين، والذي كان في عام 2010 يقدر بـ9.645 #ليرة، حيث بدأ في هذا العام تحديدا سعر صرف الدولار بالارتفاع ووصل الى 48 ليرة في نهايته، وبالتالي كان الراتب يساوي 200.9 دولار.

وكانت أول زيادة على الرواتب خلال الحرب فيعام 2011، حينما صدر المرسوم التشريعي رقم /40/ والقاضي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة بمبلغ قدره/1500/ للراتب المقطوع، يضاف إليها زيادة قدرها /30/ بالمئة من الرواتب والأجور المقطوعة دون الـ/10000/ ل. س شهرياً وزيادة قدرها /20/  بالمئة من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع والبالغ /10000/ ل. س فما فوق.

إذ ارتفع معها الراتب بقيمة 1500 ليرة مقطوعة ليصبح 11145 ليرة، مع زيادة بنسبة 30% أي 2893، فيكون المجموع 14038 ليرة، ووصل في هذا العام سعر صرف #الدولار الى 75 ليرة لأول مرة في تاريخه، وبالتالي كانت قيمة الراتب178 دولار تقريباً، أي انخفض أكثر من 20 دولار.

الزيادة الثانية على الأجور كانت في العام 2013، حيث صدر المرسوم التشريعي رقم /38/ للعام 2013 الذي يقضي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة للعاملين المدنيين والعسكريين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وشركات ومنشآت القطاع العام والبلديات 75 بالمئة من رأسمالها وفقا لآتي:

  • 40 بالمئة على 10000 ليرة سورية الأولى من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع.
  • 20 بالمئة على 10000 ليرة سورية الثانية من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع.
  • 10 بالمئة على 10000 ليرة سورية الثالثة من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع.
  • 5 بالمئة على ما يزيد عن 10000 ليرة سورية الثالثة من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع.

وبذلك تمت الزيادة بطريقة نسبية على الرواتب، فكانت بقيمة 4807 ليرة تقريباً (بالنسبة للفئة والرقم الذي تعتمد عليه الحسبة) وأصبح الراتب يبلغ 18845 ليرة. بالمقابل وبالنسبة لسعر صرف الدولار، فقد شهد تقلبات كبيرة وصل معه سعره إلى 300 ليرة، ثم عاد للتراجع الى ما دون 200 ليرة، وبالتالي بات الراتب في سوريا يعادل 62 دولار تقريباً عند احتسابه وفقا لأعلى سعر وصل له الدولار، وخاصة مع ارتفاع أسعار كافة المنتجات والخدمات في الداخل السوري تماشياً مع ارتفاع سعر العملة الأمريكية، وعدم انخفاضها بذات نسبة تراجع سعره بعد ذلك.

وفي هذا العام كان الانخفاض الشديد في مستوى الدخل للموظف السوري، حيث انخفض راتبه في 3 أعوام حوالي 139 دولاراً.

أما في العام 2015،فقد تم إصدار مرسوم يحمل الرقم 7 للعام 2015 القاضي بمنح العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية تعويض اقدره 4000 ليرة سورية شهريا باسم تعويض معيشي، وتحول بموجبه مجموع ما يتقاضاه الموظف إلى 22845 ليرة، بينما بلغ سعر الدولار حاجز 397 ليرة مع نهاية العام نفسه، لتصبح قيمة راتب الموظف في سوريا حوالي 57 دولار ونصف الدولار.

وفي ذاك العام، واصل دخل الموظف انخفاضه، مع خسارته ما يقارب 5 دولارات عن العام الذي سبق، وحوالي 144 دولاراً، عما كان يتقاضاه في العام 2010.

ومع حلول العام الحالي أي 2016، صدر المرسوم التشريعي رقم 13 للعام 2016 القاضي بإضافة مبلغ 7500 ل.س شهرياً، للتعويض المعيشي المحدد بالمرسوم رقم 7 للعام 2015،للعاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية.

وبهذا تم رفع التعويض المعاشي بقيمة 7500 ليرة يحصل عليها الموظف بشكل مقطوع مع الراتب، وبالتالي بات مجموع ما يتقاضاه الموظف يصل الى 30345 ليرة، بينما بلغ سعر الدولار رقماً قياسياً قبل فترة ليصل إلى 650 ليرة، متسبباً بارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، حيث انخفضت معه قيمة الراتب الى حوالي 46 دولار، ليعود ويشهد نوعاً من الثبات عند حدود 490 ليرة وبالتالي تحسن طفيف في قيمة ما يتقاضاه الموظف السوري إلى حدود 61.9 دولار.

وتحقق في العام الحالي، استقرار نسبي على قيمة دخل العامل في سوريا، مع عدم وجود فرق كبير عن قيمة الدخل بالنسبة للسنة التي سبقت بعد استقرار سعر الصرف في الفترة الأخيرة فقط.

ولفت الخبير الاقتصادي في دراسته، إلى أن “الرواتب في سوريا لم يطرأ عليها أي زيادة بالمعنى الحقيقي، بل انخفضت وتراجعت بشدة، وعلى أقل تقدير لو حافظت حكومة النظام على مستويات الرواتب كما كانت في عام 2010، لكان من المفروض بقاء قيمتها ثابتة أمام الدولار الأمريكي، بمعنى أن الراتب الشهري كان في العام 2010 يساوي حوالي 200 دولار، اذا في العام 2016 واعتماداً على سعر الصرف الجديد المساوي 490 ليرة، لكان يجب أن يحصل الموظف السوري شهرياً على راتب قدره 98 ألف ليرة سورية، (وهذا اعتماداً على الرقم الذي قامت عليه كامل الحسبة وهو راتب بدء التعيين للموظف من الفئة الأولى، شهادة جامعية)”.

ويشار إلى أنه في هذه الحسبة، لم يتم الأخذ بعين الاعتبار الترفيع الذي يطرأ على الراتب كل سنتين بنسبة 9% من الراتب.

وعند النظر إلى الحد الأدنى للأجور في الدول المجاورة، نجد أن الفارق كبير جداً بينها وبين الاجور في سوريا، فالحد الأدنى الرسمي للأجور في لبنان يعادل 450 دولار شهريا، وعلى اساس السعر الأخير للدولار في سوريا (490 ليرة) يكون 220500 ليرة.

وفي الدولة المجاورة الثانية لـ #سوريا وهي #الأردن، حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور فيها 268.5 دولار، يكون الدخل الشهري بالعملة السورية يقدر بـ131320 ليرة.

وبالحديث عن مصر،فالحد الأدنى للأجور فيها يصل إلى 1200 جنيه، وهو ما يعادل 173 دولار، وبالتالي يكون الموظف في مصر يتقاضى شهرياً ما يعادل 84770 ليرة سورية.

ونجد من كل ما سبق أن الدخل الشهري للموظف في سوريا هو الأدنى بين نظرائه في الدول المجاورة على الأقل، وبنسبة لا تقل عن 150% كأقل تقدير.

وختم أبو فاضل حديثه، “بأنه عند الأخذ بعين الاعتبار، أن زيادة الرواتب للموظفين، طالما ترافقت برفع رسمي لأسعار المشتقات النفطية والخدمات كالماء والكهرباء والاتصالات، وما يليها من ارتفاعات تطرأ بالتتالي نظرا ً للارتباط الوثيق بين أسعار حوامل الطاقة والسلع والمنتجات، نلحظ أنه تم سحب الزيادات بشكل تكتيكي لتعود لصالح خزينة الدولة، ومنع أي عجز، إن لم تكن تلك الزيادات على الأسعار تؤمن وفورات أكبر مما كلفته زيادة الرواتب”.

في حين أدى تراجع عدد العاملين في القطاع العام، نتيجة موت البعض أو سفر آخرين، وحتى الإقالات التي تمت خلال فترة السنوات الخمس، ووجود آخرين في مناطق خارج سيطرة النظام وترك البعض لوظيفته، كل ذلك ادى الى تراجع حتمي لكتلة الرواتب التي تدفعها حكومة النظام، مع الإشارة إلى العائدات المحققة جراء التجارة الخارجية لحكومة النظام والتي تتم بـ #القطع_الأجنبي، والمبالغ التي حصلت عليها كنوع من الدعم من عدة دول مثل #روسيا و #إيران والتي تقدر بمليارات الليرات السورية.

يشار إلى أن دراسات اقتصادية عدة أظهرت أن الأسرة في سوريا تحتاج شهرياً ما لا يقل عن 170 ألف ليرة، لتأمين أساسيات المعيشة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.