في وضع غير مسبوق، سجلت الليرة اللبنانية تراجعا حادا أمام الدولار، وبدأ هذا التراجع منذ يوم أمس الخميس، حيث وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وسجلت في السوق السوداء في التعاملات ظهر اليوم الجمعة 36 ألف. و 900 ليرة لبنانية مبيع للصراف و 37 ألف ليرة للشراء مقابل دولار واحد.

ويرجع مراقبون أن سبب هذا التراجع هو الانقسامات الأخيرة في البرلمان المنتخب، وسط مخاوف من جمود سياسي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية في البلاد.

حيث انتخب البرلمان في 15 أيار/مايو الجاري، لكنه لم يعقد جلسته الأولى حتى الآن نظرا لانقسام تكتلاته الرئيسية بخصوص انتخاب رئيس البرلمان.

تراجع “حاد”

واصل سعر الدولار في لبنان اليوم الجمعة، القفزة القياسية التي بدأها منذ أمس أمام الليرة في السوق الموازية غير الرسمية.

من جانبه، أعلن مصرف لبنان يوم أمس أن “حجم التداول على منصة “صيرفة” بلغ 64 مليون دولار أميركي بمعدل 24600 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقا لأسعار صرف العمليات التي نفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة”.

أمام هذا التراجع الحاد لليرة اللبنانية، شرحت الخبيرة في المجال النقدي الدكتورة ليال منصور لصحيفة “النهار” اللبنانية اليوم الجمعة، أن “ارتفاع الدولار هو طبيعي بعد انتهاء الانتخابات النيابية، لأن تدخل مصرف لبنان في السوق تراجع، والمستوى الذي تراجع إليه الدولار حينها ليس المستوى الحقيقي له”.

وأشارت منصور في حديثها مع الصحيفة اللبنانية، إلى أنّه “بعد كل استقرار طويل للدولار، يعود ويحلق بشكل متسارع، لكنه سرعان ما يتراجع قليلا ويعود إلى الارتفاع بشكل بطيء”.

ويوم الأربعاء الفائت، دعا أعضاء مجلس الأمن إلى “الإسراع في تشكيل حكومة شاملة جديدة” في لبنان بعد الانتخابات التشريعية. الأمر الذي من شأنه أن يسمح “بالتوصل السريع لاتفاق مع صندوق النقد الدولي” بحسب الإعلان الذي وافق عليه أعضاء مجلس الأمن بالإجماع وصاغته فرنسا.

وهجمت جمعية “مصارف لبنان”، يوم الثلاثاء الفائت، هجوما كبيرا على خطة التعافي التي أقرتها الحكومة اللبنانية، ما استدعى الرد من نائب رئيس الوزراء.

كما وبحسب تقارير صحفية، حرضت الجمعية اللبنانية في بيان لها المودعين على الدولة باعتبارها “ألغت الودائع بجرة قلم”، في اعتراض منها على ما تضمنته خطة التعافي من إلغاء جزء من التزامات مصرف لبنان لصالح المصارف بالعملات الأجنبية.

وجددت جمعية “المصارف” رفضها لخطة التعافي قائلة إنها “كُتبت بأموال المودِعين وأموال المصارف، وهي تقف صفّا واحدا مع المودِعين لرفض هذه الخطة التي لا نهوض فيها سوى في اسمها”.

وينتظر لبنان إجراء مباحثات رسمية مع صندوق “النقد الدولي” للدخول في برنامج إصلاحات اقتصادية، يرافقه تمويل بأكثر من 3 مليارات دولار، في حال موافقة مجلس المديرين لدى الصندوق على البرنامج الإصلاحي للحكومة.

يذكر أنه ومنذ خريف العام 2019، في ظل الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجيا أمام الدولار في السوق السوداء، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتا عند 1507 ليرة. وخسرت منذ ذلك الحين نحو 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار.

قد يهمك: “حزب الله” عقبة أمام الإصلاحيين في لبنان

الأسوأ في العالم منذ 1850

وتزامن تدهور قيمة الليرة اللبنانية، مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، التي رفعت السلطات اللبنانية الدعم عنها. وبحسب تقارير صحفية، صنف البنك الدولي الانهيار الاقتصادي في لبنان على أنه من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وأصبح أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو 30 بالمئة.

في حين تحاول فيه الحكومة اللبنانية حل القضايا المعيشية والاقتصادية والموافقة على خطة الإنعاش التي لا يوجد ضمنها معالجة “جدية” لواقع الأزمة، يشهد لبنان أزمة كهرباء مع تخطي ساعات التقنين 22 ساعة، وسط عجز السلطات في خضم الانهيار الاقتصادي عن استيراد الوقود لتشغيل معامل الإنتاج.

حيث صرح مسؤول في وزارة الطاقة اللبنانية، أواخر الشهر الفائت، توقف إنتاج الكهرباء بشكل كامل في البلاد، بعد توقف المحطتين الأخيرتين عن العمل نتيجة نفاد الوقود.

وأعلنت شركة كهرباء لبنان، آنذاك، توقف محطتي دير عمار في الشمال، و”الزهراني” عن العمل بسبب نفاد الوقود، وهما المحطتان الوحيدتان اللتان كانتا تعملان في الآونة الأخيرة.

ويوجد في لبنان 7 محطات كهرباء، خرجت جميعها عن الخدمة بعد توقف محطتي “دير عمار” و”الزهراني” عن العمل. كما تراوح حجم إنتاج الطاقة في لبنان بين 1600 و2000 ميغاواط، لكن شح الوقود في الأشهر الماضية جعلت الإنتاج يتراجع تدريجيا إلى مستويات متدنية غير مسبوقة.

قد يهمك: “العتمة” تغزو منازل اللبنانيين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.