المدرّس الوكيل يعمل يوميا بدولار واحد…والتربية: لا يحق له المطالبة بأية مكاسب

المدرّس الوكيل يعمل يوميا بدولار واحد…والتربية: لا يحق له المطالبة بأية مكاسب

الحل – منار حدّاد:

350 #ليرة سورية فقط “حوالي نصف دولاراً”، هو أجر الساعة الواحدة للمدرسين الوكلاء في #سوريا، هؤلاء المدرّسون فقدوا الجزء الأكبر من حقوقهم قبل الحرب في سوريا، أما بعد الحرب فازدادت ظروفهم سوءاً، لينخفض دخلهم بشكلٍ كبير مقابل ارتفاع تكلفة المعيشية وضعف القوة الشرائية.

يُفاقم المشكلة إجبارهم على السفر بين المحافظات مقابل أجور بخسة، ما أدى لتراجع الكثير منهم عن فكرة التدريس، وترك شهادته الجامعية خلفه، الأمر الذي ترك فراغاً كبيراً في الكادر التديسي المتخصّص، سواء في مناطق النظام أو تلك التي تقع تحت سيطرة المعارضة.

من هو المدرّس الوكيل؟

ثمة حالتين للمدرّس الوكيل، الأول يتمثّل بالمدرّس الذي تخرّج من كلية التربية في إحدى #الجامعات_السورية، لكنّه لم يتمكّن من الحصول على تعيين بشكلٍ ثابت في المدارس الحكومية، فلجأ للتدريس عبر “عقود وكالة”، حيث تنحصر مهمّته على التدريس في مدرسة محدّدة ترسله إليها #وزارة_التربية في حكومة النظام، ويتّجه للتدريس بها لمدّة ثلاثة أشهر، مقابل 350 ليرة على الحصّة الدراسية الواحدة، حيث يحصل على المدرّس على حوالي 52 حصّة دراسية خلال شهر عمله المتواصل مقابل مبلغ 18 ألف ليرة سوريّة.

أما الحالة الثانية فتنطبق على خريجي الجامعات والمعاهد الذين لم يتخرّجوا من كلية التربية، لكنهم درسوا إحدى الاختصاصات الأخرى في المعاهد والجامعات كالتاريخ والفنون الجميلة والجغرافية والرياضة، دون أن يتمكّن هؤلاء من الحصول على فرصة توظيف في المدارس فلجأوا بشكلٍ مؤقّت للتدريس عبر نظام الوكالة.

رواتب لا تكفي للمصاريف الشخصية

اعتاد “موقع الحل” إسقاط أجور الموظفين الحكوميين على مصاريف العائلة السورية، غير أن مبلغ “18 ألف ليرة شهرياً” لا يُمكن اسقاطها على احتياجات عائلة كاملة إطلاقاً، إذ أن المبلغ لا يكفي حتى لتأمين الحاجات الشخصية للموظف إذا كان عازباً وحيداً، وذلك بسبب انخفاض قيمة #الليرة_السورية بشكلٍ كبير، فمبلغ 18 ألف ليرة يعادل حوالي 33 دولار أمريكي، وهو مبلغ منخفض جداً.

بدأ عصام قجّة التدريس في مدينة #حلب بالوكالة منذ ثمانية أشهر، بعد أن تخرّج من كلية الآداب قسم التاريخ.

يقول عصام لـ “الحل السوري”: “أتقاضى كل شهر حوالي 19 ألف ليرة لقاء عمل 55 حصة اسبوعية، تكون موزّعة على أيام الأسبوع، لكن الراتب يكفي لـ 15 يوماً أو أكثر بقليل لمصاريفي الشخصية”

وأضاف عصام أنه يحتاج يومياً إلى 150 ليرة مواصلات من وإلى المدرسة، وحوالي 500 ليرة طعاماً وشراب، إضافة إلى 250 ليرة مصروف السجائر ليكون المبلغ كاملاً 900 ليرة ” 27 ألف ليرة شهرياً” يُضاف إلى 15 ألف ليرة إجرة الشقة التي استأجرها مع اثنين من أصدقائه والتي يبلغ اجرتها كاملةً 45 ألف ليرة في حي المرديان، لتلبغ مصاريفه الشخصية 43 ألف ليرة، أي أن العجز رابته يقل عن دخله بـ 24 ألف ليرة.

الحالة ذاتها يعيشها معظم المدرّسين الوكالاء الذين لا يتسطيعون تحقيق توازنٍ بين دخلهم وإنفاقهم، وصحيح أن المدرّسين المثبّتين لا يتعدّى راتبهم ما بين 30 – 45 ألف ليرة، إلى أن نسبة العجز تصبح أقل، ومن الممكن أن يساهم راتبهم بتحقيق شيئٍ من التوازن مع انفاقهم.

معاناة بطريقة العمل

يعمل هؤلاء المدرّسون ما بين 50 – 60 ساعة شهرياً، وهو ما يعادل ما بين 10 – 12 يوماً شهرياً بدوامٍ كامل، لكن هذه الساعات لا تكون متقاربةً من بعضها، لتترك للمدرّسين الوكلاء فرصةً للبحث عن عملٍ بديل في الأيام الفارغة.

وبحسب مقابلات أجراها ” #الحل_السوري” مع عددٍ من المدرّسين، فإن خط تدريس هذه الساعات التي لا تتجاوز 13 يوماً مجتمعةً تكون مبعثرةً، ولا تسمح للمدرّس بتفريغ أي من الوقت ليتمكّن من البحث عن عملٍ إضافي يوفّر له مبلغاً إضافياً على مبلغه الأساسي الذي لا يكفي إلا للمعيشةِ لأيامٍ معدودةٍ فقط.

تقول غصون “الاسم مستعار” وهي مدرّسة وكيلة للصف الرابع الابتدائي في العاصمة #دمشق: “إنها تدرّس 45 ساعة اسبوعياً وتضطر خلالها للدوام في المدرسة بشكلٍ يومي ولمدّةٍ تتراوح بين 4 – 5 ساعات يومياً بسبب التفريغ الكبير في الأيام والحصص.

تضيف غصون في حديثها لـ “الحل”، أنها طلبت من مديرة المدرسة التي تعمل بها أن تجمع لها الساعات في أيامٍ متتابعة لتتمكّن من العمل في شيء آخر بقيّة لأيام، لكن المديرة رفضتبداعي تنظيم برنامج يتناسب مع العملية التعليمية للطلّاب.

اعتراف ووعود بتحسين الواقع

وفي اعتراف أولي لحكومة النظام بالواقع السيء للمعلّمين الوكلاء، أعلنت وزارة التربية في 10 أكتوبر الجاري، عن نيتها رفع أجور المعلّمين المكلّفين إلى الضعف ليكونَ في حدٍ “مقبول” على اعتبار أن راتبهم الحالي 18 ألف ليرة فقط.

وقال مدير التعليم الأساسي بوزارة لتربية حسن عاجي: “إن الراتب الجديد سيكون ضعف الحالي، لكنه أكد أنه مجرّد مشروع تتم دراسته ولا يمكن الإعلان عنه أو اعتمادة حالياً.

واعترف عاجي بإهمال المعلّمين الوكلاء قائلاً: “إن معلّم الصف الوكيل ليس لديه حقوق ولا يحق المطالبة بأي مكاسب” قاصداً بذلك ما يتمتع به المدرّسين الأساسيين بعد التقاعد من رواتب وتأمين.

وعليه بإن مجمل تصريح الوزارة لم يقدّم أي شيء لواقع المدرّسين الوكلاء السيء.

الكادر التدريسي يتهاوى

وتترافق هذه المشاكل التي يعاني منها المدرسين، وسط تضاؤل عددهم لأسبابٍ مختلفة، أبرزها الهجرة سواءاً إلى الدول المجاورة كـ #تركيا و #لبنان و #الأردن، إضافة إلى تراجع عددٍ من المدرسين عن قيامهم بواجبهم بسبب إلغاء فكرة السفر إلى المحافظات الأخرى ولا سيما الساخنة منها نتيجة الأحداث الأمنية الشتعلة.

وفي ظل غياب أي إحصائية رسمية حول عدد المدرسين الذين هاجروا البلاد، أو من هم بقيوا ومدى كفايتهم لتغطية العملية التعليمية، بقيت نسبةً كبيرةً من #المدارس دون مدرّسين متخصّصين، ولا سيما في مناطق المعارضة، حيث اعتمدت المجالس المحلّية هناك على أشخاص غير مؤهّلين للتدريس، ويحملون شهاداتٍ اعدادية أو ثانوية في أحسن الأحوال، على ما يكشف الناشط يحيى بللو في #حلب لـ الحل”، مضيفاً أن ذلك ينعكس على مدى إشباع الطلاب من المواد الدراسية.

بالمقابل رفضت “علا” خريجة قسم الجغرافية في كلية الآداب، السفر من مدينتها “مصياف” بريف #حماه إلى ريف #القنيطرة بسبب الأحداث المشتعلة هناك.

تقول علا لـ “الحل” تخرّجت في عام 2012 وسجّلت على وظيفةٍ في وزارة التربية، فحصلت عليها في نهاية عام 2014، لكنني تراجعت عن الوظيفة بسبب رفض أهلي السفر إلى ريف القنيطرة والإقامة هناك”، مضيفةً أنها “قرّرت ألا تغامر بحياتها مقابل 22 ألف ليرة سورية”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة