بعد العقوبات الأمريكية على إيران.. هل تكفي تجارة “المخدرات” حزب الله لبقائه في سوريا؟

بعد العقوبات الأمريكية على إيران.. هل تكفي تجارة “المخدرات” حزب الله لبقائه في سوريا؟

حسام صالح

“ميزانية حزب الله، مدخوله، نفقاته، كل ما يأكله ويشربه، أسلحته وصواريخه، مصدرها من الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، هذه العبارة قالها زعيم مليشيا #حزب_الله في لبنان (حسن نصر الله)، في حزيران الماضي، في تعليقه على مصادر تمويل حزبه، بعدما تعالت الأصوات عن “فاتورة” الحرب السورية جراء تدخل الحزب فيها، ليؤكد نصر الله في الخطاب ذاته أن وجود مقاتليه في #سوريا مرتبط بأمرين “الواجب والقيادة السورية” بحسب تعبيره.

ورغم إعلان نصر الله صراحة تلقيه التمويل المباشر من #إيران، إلا أن هذا التصريح بحسب مراقبين “لذر الرماد في العيون”، والتعامي عن نشاطات حزب الله غير الشرعية في سوريا، والتي أخذت في التوسع والانتشار خصوصاً مع تراجع العمليات العسكرية، وتثبيت الحزب لنقاطه في الداخل، والعامل الأهم هو عدم قدرة إيران على التمويل الكامل لنشاطات الحزب جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه، وانهيار شبه الكامل للعملة، مع إعلان الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) إلغاء “الاتفاق النووي” بصيغته الحالية.

إيران ليست الداعم الوحيد

لاتزال مسألة تمويل حزب الله، من الأمور التي شغلت مراكز الأبحاث والاستخبارات العالمية، ففي الوقت الذي رجح فيه معهد واشنطن لسياسية الشرق الادنى قبل 12 عاماً أن الميزانية السنوية للحزب تصل لـ200 مليون دولار، ارتفعت الميزانية لتصل لـ800 مليون دولار وفق المصدر ذاته، بينما ذكرت مصادر الاستخبارات الإسرائيلية أن الميزانية قد وصلت لـ مليار دولار سنوياً، ولايمكن القول بأن هذا المبلغ يأتي من إيران فقط، بل أصبح للحزب نشاطات وعلاقات أوسع، خصوصاً مع بدأ تدخله في سوريا، وزيادة النفقات العسكرية مترافقاً مع التضييق والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران.

هنا لابد من الإشارة لتقرير صحيفة “دي فيلت” الألمانية، التي لفتت إلى أن المصاعب المالية المتزايدة التي يعاني منها الحزب، والاعتماد على الأنشطة غير الشرعية لكسب المال، والتي كانت في مقدمتها غسيل الأموال وزراعة وتصدير المخدرات من لبنان وسوريا إلى العالم، إضافة لقيام الحزب بجمع الضرائب على البضائع القادمة من المعابر الحدودية مع سوريا، بدلاً من الحكومة اللبنانية، بعدما أرهق تدخل الحزب في سوريا الموارد المالية له، وأصبحت المصارف اللبنانية ورجال الأعمال “الشيعة” أكثر حذراً بالتعامل معه، خوفاً من العقوبات الأمريكية.

إنفاق محدود ولكن!

ومع بدأ تدخل مليشيا حزب الله في الحرب السورية، استطاعت أن تأخذ مكان لها من ضمن عشرات المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام، وبحكم قرب التنظيم من سوريا، اتخذ من الأماكن الحدودية قواعد شبه دائمة له، فيتواجد في مدينة القصير الحدودية مع لبنان بريف حمص، ومحيط العاصمة دمشق، ومنطقة الزبداني والسيدة زينب بريف دمشق، أما في شرق البلاد، فيتواجد مقاتلو الحزب في مدينة دير الزور، وقرية “مراط” بالريف الشرقي، إضافة إلى انتشارهم في ريف حلب الجنوبي.

في دراسة سابقة لموقع الحل السوري، عن تكلفة تدخل حزب الله في سوريا شهرياً، وصل المبلغ لحوالي 7 مليون ونصف دولار، أي مايقارب 89.5 مليون دولار سنوياً، لكن هذا الإنفاق يأتي من إيران، كما هو العتاد والذخيرة، لكنه في نفس الوقت لازال يلتزم بدفع تعويضات لأهالي القتلى والجرحى في صفوفه، للحفاظ على حاضنته الشعبية، وعدم إثارة التململ في صفوف عناصره.

بالمقابل، يرى خبراء الاقتصاد أن “الحزب يعاني من وجوده على الأراضي السورية رغم تراجع زخم العمليات العسكرية، وتموضعه في نقاط عدة داخل البلاد”، فيعتبر الباحث الاقتصادي (محمد العامر) أن “تأثير انخفاض أسعار النفط على الدعم الإيراني المقدم للحزب، وتصاعد الاحتجاجات في الداخل الإيراني على تمويل جماعات ونشاطات خارج إيران، وكميات الأسلحة التي دمرت سواء من قبل المعارضة في سوريا أو التي استهدفها القصف الاسرائيلي خلال الفترات السابقة، كانت عامل أساسي في بحث الحزب عن مصدر تمويل آخر، فبدأ بالاستثمار (غير النظيف) في سوريا، لسد احتياجاته”.

من القتال إلى تجارة المخدرات

ومع تراجع الصخب الإعلامي حول وجود مليشيا حزب الله في سوريا، والتوجه الدولي نحو إيران لإخراج مليشياتها، تبقى مسألة وجود الحزب في سوريا، خاضعة لمجموعة من العوامل السياسية المرتبطة بإيران، إضافة إلى العامل الاقتصادي وهو الأهم بالنسبة للحزب حالياً، فيشير الخبير العسكري (رائد الحلبي) في هذا السياق إلى أنه “لم يعد حزب الله في ورطة من ناحية المصاريف المالية على قواته وانتشاره داخل الأراضي السورية، فلا معارك تجري حالياً، وإنما إعادة رسم خريطة المنطقة، وانتشار للحزب في مناطق تشكل له مورد مالي دائم”.

وأضاف “التركيز الآن يتم على الجانب الديموغرافي وزراعة المخدرات ونقلها عبر البوابة السورية، فمنطقة السيدة زينب والقلمون وبعض أحياء العاصمة دمشق ودير الزور، باتت موطن لعدد من العائلات التابعة لحزب الله، بعد شرائهم للعقارات من السكان، على خطى إيران التي تحاول التغلغل في تلك المناطق، ونشر التشيع فيها”.

وبحسب ناشطين، لا تبعد مزراع #الحشيش في البقاع اللبناني كثيراً عن الحدود السورية، وكانت هذه المزراع تصدّر منتجاتها من الحشيش إلى الداخل اللبناني، وإلى السوق الخارجية وأبرزها سوريا عبر الحدود من خلال تجار مقربين من “حزب الله” والنظام، ولكن بعد أن تسلّم “الحزب” هذه الحدود باتت معبراً ومكاناً لزراعة الحشيش، الذي يدر أموالاً طائلة للحزب.

مما لاشك فيه أن تصنيف وزارة العدل الأمريكية قبل أيام لمليشيا حزب الله بالمنظمة الإجرامية الدولية، سيزيد الضغط على الحزب، وملاحقة أصوله المالية وتعاملاته بشكل أكبر مما كان عليه سابقاً منذ أن أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب، ومما سيزيد الخناق أيضاً تطبيق العقوبات الأمريكية التي ستدخل حيز التنفيذ في شهر تشرين الثاني القادم على إيران والتي ستمنع بموجبها من تصدير النفط الإيرانية، ما سيؤثر سلباً على حزب الله على صعيد توفير التمويل ودفع رواتب مقاتليه، حيث يشكل الدعم الإيراني مايقارب 70% من ميزانية حزب الله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة